رحم الله زكية الزوانات : رحيل أبرز وجوه الأنثروبولوجيا الدينية في المغرب-ياسين عدنان
طنجة/الأدبية، الجريدة الثقافية لكل العرب. ملف الصحافة 02/2004. الإيداع القانوني 0024/2004. الترقيم الدولي 8179-1114 

 
متابعات

رحم الله زكية الزوانات : رحيل أبرز وجوه الأنثروبولوجيا الدينية في المغرب

  ياسين عدنان صحبة زكية الزوانات في برنامج "مشارف"    

توفيت٬ مساء أمس الخميس٬ الأنثروبولوجية المغربية البارزة زكية الزوانات عن سن الخامسة والخمسين بعد معاناة طويلة مع المرض. فليرحمها االله. كانت باحثة فريدة في مجال الأنثروبولوجيا الدينية تؤمن بأن الاعتكاف في الخزانات ووسط المراجع لا يكفي وتعتبر العمل الميداني متعتها الحقيقية كباحثة لا تطيق الخمول. تعازينا الحارة لأسرتها الصغيرة ولعائلتها الأكاديمية ولكل الأنثروبولوجيين المغاربة الذين فقدوا فيها اسما مضيئا وقامة أكاديمية سامقة.
وزكية الزوانات باحثة متخصصة في التصوف المغربي وصاحبة أحد المؤلفات المهمة حول امتدادات هذا الإرث في العالم٬ وهو كتابها الضخم «مملكة الأولياء» الذي يعتبر الكتاب الأول من نوعه في المغرب حيث يجد قارئ هذا الكتاب نفسه إزاء نوع من السياحة الروحية في الجغرافيا المقدسة للمغرب. ولقد حاولت الراحلة في هذا العمل الضخم دراسة قيم المغاربة و إبراز القيم التي يتمتع بها كلّ وليّ من الأولياء المغاربة وذلك برصانتها الأكاديميّة المعهودة، كما أبدت فيه اهتماما لافتا بالشواهد والآثار الطوبوغرافية في المجال الديني الوطني. ولقد زارت هذه الأنتربولوجية الدؤوبة من أجل إنجاز هذه الموسوعة ثلاثمئة ضريح في المغرب. وجاء الكتاب الذي طبع في النمسا مزيّناً بصور تلك الأضرحة، ليظهر بالملموس الجمالية والروحانية الخاصة بكل ولي من أولياء هذا البلد. عمل موسوعي حاولت الراحلة أن تبرهن من خلاله على أهمية الوقع الذي تحتله الزوايا في تدين المغاربة. كما أرفقته باقتراح مشروع متكامل لإنشاء هيئة عليا للحفاظ على التراث الصوفي في المغرب
اشتغلت زكية الزوانات باحثة في معهد الدراسات الأفريقية في الرباط، وأستاذة في «جامعة محمد الخامس». وكانت قد حصلت على الدكتوراة من جامعة «السوربون» في باريس، وجاءت أطروحتها عن عبد السلام بنمشيش، أبي الطريقة الشاذليّة. وهي الأطروحة التي ترجمها إلى العربية أحمد التوفيق وزير الأوقاف. كما عُرفت الراحلة أيضا بنقلها إلى الفرنسية لكتاب «الذهب الإبريز من كلام سيدي عبد العزيز» لابن مبارك اللمطي، الذي صدر في فرنسا عام2007، وهي أيضا صاحبة كتاب «التصوف والبحث عن النور» وهو واحد من أجمل كتبها إلى جانب «في حديقة حواء » عملها السردي القصصي الذي لاذت فيه خلال فترة من مسارها وفيما يشبه استراحة المحاربة بخيمة الإبداع
حينما استضفتُ الراحلة في مشارف سنة 2009 إثر صدور موسوعتها الشهيرة «مملكة الأولياء» دافعَت بأناقة واستماتة عن التصوف، خصوصا وأنها تعتبر المعتقد والسلوك الصوفيين من توابث الهوية الدينية للمغاربة. وكانت تقول وتكرر بأنه في ظل النضوب العقدي السائد في عالمنا الحالي تبقى الطريقة الصوفية التقليد الروحي الأكثر حيوية اليوم . أما التصوف الإسلامي فتعتبره المستقبل الديني للإنسانية
في إحدى لحظات اللقاء، شاغبتُها قليلا حينما قلت لها بأن الزوايا اليوم فقدت أدوارها القديمة وتحولت إلى مجال سائب للإسلام الشعبي تُصرَّف داخله العديد من الضلالات والبدع والخرافات وأعمال الشعوذة. لكن زكية كانت مصرة على أن بإمكان هذه الزوايا أن تجدد ذاتها وتستعيد أدوارها القديمة. فقط على الدولة ومؤسساتها والقيمين على الشأن الديني في بلادنا مضاعفة الجهود لتمكين الزوايا من التأقلم مع دينامية التحديث التي انخرط فيها المغرب.
رحم الله زكية الزوانات. لم تكن مجرد باحثة أكاديمية ، بل صاحبة مشروع وقضية.



 
  ياسين عدنان (2012-08-31)
Partager

تعليقات:
مصطفى بوجير /المغرب 2012-09-05
لم التقي الاستاذة زكية زوانات رحمها الله سوى مرة واحدة في حياتي في سياق احدات يطول شرحها و هو ما ممكنني من الوقوف على مدى تواضع هذه السيدة و حبها للاخرين و مدى سعة قلبها و حرصها على اسعاد الناس ولو على حساب وقتها التمين و سعادتها هي ناهيك عن مستواها التقافي و الفكري و قدراتها على التحليل و المناقشة باسلوب هادئ يحترم كافة ااراء و المواقف كل مهما قلت فلن اوفي هذه السيدة حقها فكل هذا شعرته من مجرد لقائي بها لمرة واحدة في حياتي وقد احببتها من قلبي ولازال الم وقع الصدمة لوفاتها مؤترا علي كاني فقدت انسانة اعرفها لمئات السنين وادعوا الله سبحانه ان يتقبلها عنده الى جوار الصالحين و الصالحات و يسكنها فسيح جناتهاللهم ارحمها و تجاوز عنها و جازها خير الجزاء عن صبرها و احسانها الذي يعرفه الصغير و الكبير خاصة الدين عاشروها
البريد الإلكتروني : almonker@hotmail.fr

أنيسة الدرازي /المغرب 2012-09-01
شكرا أستاذ ياسين على ما كتبت و هو في حق المرحومة قليل.
فقيدتي، جنازتك بالأمس كانت جنازة من أحبهم الله. فهنيئا لك. أعلم أنك كنت تتوقين السفر الى حيث أنت الآن بعد ما جعلت الدنيا مزرعة لآخرتك. و أختك نزهة أكدت لي ذلك.
إنها بالفعل لخسارة كبيرة للأدب و العلوم العرفانية و التصوف في بلاد العرب و العجم... سلمت الروح إلى باريك بسرعة خاطفة... و أنت في أوج العطاءو الشباب. ان تكون الأشياء كالأشياء، و لا الذكريات كالذكريات، و لا القاءات كالقاءات. ستعيشين في قلوب من أحبوك كل شئ سيذكرني بك قراءاتي، لقاءاتي، كتاباتي، حياتياليومية ...و حتى سبحان الله شكلي و شعري و حيويتي و حركاتي و وووو... ألم نكن نتخالف لهم في بعض الأحيان لكثرة الشبه بيننا؟ كنت فنانة في ميدانك أستاذتي و صديقتى الحبيبة.
أسأل الله أن ينعم عليك بعفوه و رضوانه و أن يصبر أحبابك عليك وأن يحشرك بين الأولياء و الصالحين. و إنا لله و إنا إليه راجعون. أنيسة.
البريد الإلكتروني : anissaderrazi@yahoo.fr

أضف تعليقك :
*الإسم :
*البلد :
البريد الإلكتروني :
*تعليق
:
 
 
الخانات * إجبارية
 
   
   
مواضيع ذات صلة

رحم الله زكية الزوانات : رحيل أبرز وجوه الأنثروبولوجيا الدينية في المغرب-ياسين عدنان

متابعات  |   ناصية القول  |   مقالات  |   سينما  |   تشكيل  |   مسرح  |   موسيقى  |   كاريكاتير  |   قصة/نصوص  |   شعر 
  زجل  |   إصدارات  |   إتصل بنا   |   PDF   |   الفهرس

2009 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة الأدبية
Conception : Linam Solution Partenaire : chafona, sahafat-alyawm, cinephilia