مغـــادرة-فريـــــد كومــــــــــار -المغرب
طنجة/الأدبية، الجريدة الثقافية لكل العرب. ملف الصحافة 02/2004. الإيداع القانوني 0024/2004. الترقيم الدولي 8179-1114 

 
قصة/نصوص

مغـــادرة

  فريـــــد كومــــــــــار    

يشتغل إبراهيم موظفا لدى الحكومة منذ عقود، راتبه الشهري لا يكفي لتغطية حاجيات عشرة أيام من الأكل والشراب، أحس خلال هذه المدة أن أيامه تمر بدون معنى، ولا يدري أين ستنتهي، و كيف؟ و متى؟ صدره يعج بمئات الأماني التي لم يتسن له تحقيقها، لم يصدق حين تناهى إلى مسمعه نبأ قبول طلبه للاستفادة من المغادرة الطوعية و قد أصبحت بين يديه عشرات الملايين، شعر لحظتها أنه بحاجة إلى أن يخلو بنفسه فترة يلامس فيها أحلامه التي كانت منتعشة تداعب مخيلته، مسح  بيديه عرقا باردا تصبب  من وجهه، نفذت نظراته في عمق السماء شاكرا الله، تولدت لديه رغبة التشبث بالحياة،  أحس أنه استعاد شبابه، تفرغ له،  صار يلبس و يصفف شعره على شاكلة شباب هذه الأيام، يمشي في الأرض مرحا مزهوا، غير أن مشكلته المؤرقة تكمن في زوجته رقية، أصبحت لا تناسبه في وضعه الحالي، فقد غزا الشيب شعرها، وعروق وجهها ، وظهرها تقوس واحدودب، وما عادت ساقاها تقويان على حمل جسدها النحيف.. صارت تصرخ من شدة الألم الذي يسببه لها داء الروماتيزم المعشش في العظام.
ناداها إبراهيم فأجابته ساخرة: ماذا يريد مولاي المليونير الشاب ( شبيك لبيك) ، رد عليها: ألم يحن بعد وقت مغادرتك لي مقابل  بضعة ملايين؟ نظرت إليه نظرة  طويلة كأنها تودعه، وقلبها الفولاذي الهائل يمتلئ كبرياءا و حزنا، زفرت زفرة ازدراء بعد أن التقطت آخر نفس لها. ثم خرت على الأرض ميتة.
 تزوج إبراهيم بعدها بفتاة شابة. تمتلك كل المواصفات التي يحبها، فتاة تعشق الحياة، أتت على ما كان  بحوزته من ملايين خلال أشهر قليلة، ثم ألقت به إلى الشارع، يفترش الأرض و يلتحف العراء.... لم يصدق مرة أخرى أن هذه التي تصرخ في وجهه وتوبخه على عدم استيقاظه من النوم في الوقت المعتاد، و على تأخره عن موعد عمله، هي زوجته رقية، و أن ما عاشه قبل أن توقظه كان حلما جميلا انتهى بكابوس، قام و هو يرتجف كمن مسه تيار كهربائي.. عانق رقية و ضمها إلى صدره بقوة كما كانا يفعلان عندما كانا شابين. تركها مشدوهة غير مستوعبة ما يجري، ثم انطلق يسابق خطاه...



 
  فريـــــد كومــــــــــار -المغرب (2012-10-12)
Partager

تعليقات:
خالد ادريس نور /السودان 2012-11-10
الحلم فيه ظلم واجحاف في حق زوجة ابراهيم شريكة عمره سقوطها موتها فجأة يكشف جحود ونكران وانانية بطل القصة ابراهيم بحيث لا يفيد معه العناق في ختام القصة‎ ‎
البريد الإلكتروني : khalidedris@gmail.com

فريد كومار /البلد المغرب 2012-10-15
اخي عبد الواحد شكرا على مرورك الجميل بالحس النقدي الموضوع ان اصبت ..تحياتي ايها الجميل
البريد الإلكتروني : farid.kumar@hotmail.fr

عبد الواحد ابروح /تطوان 2012-10-14
مغادرة الاحلام لا تنتهي والمال فتنة الويل لمن جعله في قلبه ولم يجعله في يديه
مغادرة قصة سردية لموظف متهالك تجسد تطور الزمن وفناء الجسد في غياب الحلم الرجل لم يحلم يوما ويريد ان يحلم بلغة قصصية بسيطة تحاول تقريب الواقع من الخيال
البريد الإلكتروني : aboroh@ hotmail fr

معمر بختاوي /المغرب 2012-10-12
السيد فريد: في مرات كثيرة نعيش في الحلم أفكارا تخامرنا في الواقع، ولكن في الأخير نحمد الله على أنها غير حقيقية.
البريد الإلكتروني : maamar1958@live.fr

رمضان مهداوي /المغرب 2012-10-12
أحيي الأستاذ فريد على هذا النوع من الكتابة الذي ينم عن وعي كبير بمجريات الأحداث.وفقك الله يا غالي
البريد الإلكتروني : ramdan_mehdaoui@hotmail.com

أضف تعليقك :
*الإسم :
*البلد :
البريد الإلكتروني :
*تعليق
:
 
 
الخانات * إجبارية
 
   
   
مواضيع ذات صلة

مغـــادرة-فريـــــد كومــــــــــار -المغرب

متابعات  |   ناصية القول  |   مقالات  |   سينما  |   تشكيل  |   مسرح  |   موسيقى  |   كاريكاتير  |   قصة/نصوص  |   شعر 
  زجل  |   إصدارات  |   إتصل بنا   |   PDF   |   الفهرس

2009 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة الأدبية
Conception : Linam Solution Partenaire : chafona, sahafat-alyawm, cinephilia