انتصارثورة العقل المدمر-أحمد لعوينة-المغرب
طنجة/الأدبية، الجريدة الثقافية لكل العرب. ملف الصحافة 02/2004. الإيداع القانوني 0024/2004. الترقيم الدولي 8179-1114 

 
قصة/نصوص

انتصارثورة العقل المدمر

   كنت وحدي فوق القمة الشامخة ،أنتظر قدوم قاطرة من السماء ؛تنفتح البوابة، يصدمني النور المتوهج ؛شممت حينها ريحان السماء وما اختمر من أملاح سلالتنا القديمة ،قيل إنها سلالة ساذجة صالحة وناعمة ،مرت بشكل قاصف عبر نتوءات الأزمنة المفقودة، حيث كانت الأرض في متم بهائها وبكوريتها ؛سلالة السعادة الفردوسية التي تدثرت بها قبل ثورة العقل والنظم. كانت قبل ذلك تستحم في أنهار خالدة ،تدلك جسمها بماء سحري في عذوبة مرهفة. كان الإنسان يقدر الحيوان والنبات ،والتراب الذي ينتج الذهب .الهواء في طهارة دائمة ،والغد الجميل حلم سهل المنال.
   أشرقت شمس السلالة القديمة على العصر الجديد ،عصر الأنترنيت ،أشعتها ترسم صباحا دمويا كئيبا ،يعلن اليوم الموبوء بحقد البشر وفوضويتهم الحمقاء على وقع دقات البنادق وتصويبات القناصة الذين يعشقون الإستحمام بدم السلالة الجديدة .
تُرسم في السماء سحب من دخان المدافع، ومخلفات محركات طائرات الحرب ،التي تدك البنيان وآثار السلالة القديمة ؛تلتقي الأرواح الآتية من السماء بأجسادها المغمورة في الأرض، تنهض للتو من قبورها وهي مغلفة بلحم مغسول ،بدم جديد ،دم لامع أتى من رحمة السماء؛ ثم تننظم في شكل اجتماع مرهب، تحتج بقوة هي قوة المضطهدين الذين ينتصرون بثورة على ظالميهم .
   تلتقي السلالتان في حرب قاصفة، قالوا لهم لن نسمح لموتى يأتون إلينا من بدئ الزمن ،ثم يوجهون إلينا أصبع الإتهام الساذج بأننا عرضنا الأرض للإحتضار ،لا لن نقبل تدخلكم ؛كانوا ينتظرون شيئا من المعجزات، لكنهم المساكين في لحظة خاطفة رجعوا إلى قبورهم هاربين ؛القبور تنغلق، ثم تختفي إلى الأبد .
   تُرفع البنادق الأوتوماتيكية إعلانا على الإنتصار ،تُقام الحفلات الباذخة ،تُشرب كؤوس النخب ،وتُسجل الملحمة على صفحات الجرائد ،وشاشات التلفزة ،ثم تغزو شبكة الأنترنيت.تبتهج السلالة الجديدة بهذا الإنتصار، إنتصار ثورة العقل المدمر ،العقل الذي يرسم جنة وهمية في الفضاء، يتحول الفضاء إلى مادة، ثم يتحول الإنسان إلى شيء غير مرئي ،ثم يتلاشى الفضاء والإنسان.
  ننظر إلى الأرض وكأنها خراب، لم تعد ذلك الكوكب الأزرق الجميل ،نخاف عليها ،لكنها تسير.
   الإنسان سلالة جديدة، تكدح في سعادة وهمية مغلفة بمأساة مُرعبة لتموت فتلتحق بركب السلالة القديمة.
   كنت أرى كل هذا من فوق القمة ثم انسحبت على رؤوس الأصابع في خجل مقرف.



 
  أحمد لعوينة-المغرب (2012-10-29)
Partager

تعليقات:
kasidy /maroc 2012-10-29
قصة مدهشة ومتقنة لكنها قصيرة جدا نرجو التطويل
البريد الإلكتروني : azzab@alkas.com

أضف تعليقك :
*الإسم :
*البلد :
البريد الإلكتروني :
*تعليق
:
 
 
الخانات * إجبارية
 
   
   
مواضيع ذات صلة

انتصارثورة العقل المدمر-أحمد لعوينة-المغرب

متابعات  |   ناصية القول  |   مقالات  |   سينما  |   تشكيل  |   مسرح  |   موسيقى  |   كاريكاتير  |   قصة/نصوص  |   شعر 
  زجل  |   إصدارات  |   إتصل بنا   |   PDF   |   الفهرس

2009 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة الأدبية
Conception : Linam Solution Partenaire : chafona, sahafat-alyawm, cinephilia