كسكس شبابي-مصطفى العوزي (المغرب)
طنجة/الأدبية، الجريدة الثقافية لكل العرب. ملف الصحافة 02/2004. الإيداع القانوني 0024/2004. الترقيم الدولي 8179-1114 

 
قصة/نصوص

كسكس شبابي

بالأمس قررت المجموعة تنظيم غداء جماعي و على العادة المغربية و بما أن اليوم هو يوم الجمعة سيكون الغداء هو الكسكس المغربي بالطريقة التي تبهر الكثير من الزوار عندما تقودهم الأقدار إلى زيارة المغرب ، و تم الاتفاق على أن يتم إعداد الكسكس بمقر السيدة الحرة ، و هي بالمناسبة جمعية مدنية نسائية تنشط في مجال المرأة و لها في ذلك شان عظيم . في الصباح كنت على موعد مع زميلتي فوزية على أن نتوجه إلى السوق لنشتري كل ما نرغب فيه لإعداد الكسكس ، انتظرت فوزية قليلا قرب الشارع الرئيسي ، و كان للمطر ساعتها ذروة في النشاط فتبللت قليلا إلى أن التحقت بي فوزية تحمل في يديها مظلة ، مبتسمة و نشيطة كما تعودتها دوما ، و بسرعة شملتني معها في المظلة و رحنا مسرعين إلى السوق و نحن نتمتم ببعض الكلام  الروتيني ، لم أشاء أن أسألها عن ما نحن في حاجة إليه لإعداد الكسكس لأني لم أكون لأفقه في ذلك شيء و خفت أن تصبح أسئلتي نوادر يهضم بها الكسكس عند الظهيرة في حضرة بقية أفراد المجموعة . فوزية بارعة في التسوق تمشي مسرعة بين دكاكين مختلفة بدأ من صاحب الدجاج إلى الجزار ثم بائع الخضر ، تسأل عن الاثمنة و تزن بيديها الصغيرتين و بين الحين و الأخر تأمرني بفعل شيء ما ، و بعد حوالي نصف ساعة كانت عملية التسوق قد تمت ، لنتوجه بعدها في عجلة من أمرنا نحو مدينة المضيق حيث مقر السيدة الحرة .
عند مدخل الجمعية أحسست بتعب حط بي بسبب ثقل ما كنت أحمله ، و بعلامات تذمر تطلعت في وجه الصديقة زهرة التي استقبلتني بابتسامتها الجميلة المعتادة ، قلت لها في أول الأمر أني لن أتزوج ، و السبب هو أعباء الحياة الأسرية التي يشكل السوق واحدا منها ، ضحكت زهرة كثيرا و معها بشرى من ضعف قدرتنا على التحمل ، فوزية بدورها نالت نصيبها من التعب ، لكنها حاولت إخفاء ذلك و طلبت مني إحضار الأواني اللازمة لإعداد الكسكس ، طبعا لم أحضر الكل فقد أحضر كل من هشام و منير بدورهما بعض الأواني التي احتجنها ذلك اليوم ، التحق باقي الأصدقاء بالمطبخ ، مريم و فاطمة ، سناء و إنصاف ، و دينا التي كتب لها يومها أن تنظف المطبخ كاملا بعدما تكسر أنبوب الماء بين  يديها و هي تغسل الأواني بالمطبخ ، فكان أن قامت بشغل لم يكون لها في الحسبان ، ولم  يخطر ببالها و هي تغادر بيتها في الصباح ،  حتى الذكور لم يتم استثنائهم من عمل المطبخ ، عبد ربه و فخر الدين منير و هشام ، و كما يحل لفوزية قول ذلك تم تقسيم العمل بين أفراد المجموعة ، و بما أن جل أفراد هذه الأخيرة هم من طلبة علم الاجتماع فان عبارة تقسيم العمل تعني لهم الشيء الكثير ، اذ هي عنوان كتاب للسوسيولوجي الفرنسي ايميل دوركهايم  ، الجميع داخل المطبخ يقوم ببعض الأشغال فيما فوزية تنتقل من مكان لأخر محاولة بذلك الإشراف على كل صغيرة و كبيرة في عملية إعداد الكسكس  .
مرت عملية الإعداد في جو جميل تعليقات و ابتسامات لا تخلوا من مظاهر الإعجاب بهذا التجمع و هذا اليوم الذي تم فيه إعداد كسكس مغربي من يد شباب مغربي أكثر ما يروج عنهم ، كثرة الاستهتار و ضياع الوقت و تفريط جد خطير في عادات و تقاليد المجتمع ، طبعا حطمت مجموعتنا تلك المقولات الشائعة و أنجزت كسكسا مغربيا أصيلا ، شهي و لذيذ جدا ، و رغم أني لم احضر أخر محطة في يوم الكسكس هذا إلا أن الأصدقاء حكوا لي أنها كانت بدورها محطة ممتعة .
مساء ذلك اليوم شعرت بنوع من الضيق حط بي فجأة فرأيت من الأنسب الذهاب في زيارة ترفيهية إلى مدينة طنجة ، و طبعا فعلت ذلك ، لكن  شعور الضيق ذاك لم يفارقني إلا حينما جلست أحتسي القهوة على شاطئ طنجة أنا و صديقي حمزة  ، دونما أن أسأل عن سبب الضيق ذاك ، لكنه و حسب رسالة قصيرة من فوزية يعود لكوني أم أتناول كسكسا أعدته هي بيديها و بمساعدة الأصدقاء .



 
  مصطفى العوزي (المغرب) (2009-02-11)
Partager

تعليقات:
أضف تعليقك :
*الإسم :
*البلد :
البريد الإلكتروني :
*تعليق
:
 
 
الخانات * إجبارية
 
   
   
مواضيع ذات صلة

كسكس  شبابي-مصطفى العوزي (المغرب)

متابعات  |   ناصية القول  |   مقالات  |   سينما  |   تشكيل  |   مسرح  |   موسيقى  |   كاريكاتير  |   قصة/نصوص  |   شعر 
  زجل  |   إصدارات  |   إتصل بنا   |   PDF   |   الفهرس

2009 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة الأدبية
Conception : Linam Solution Partenaire : chafona, sahafat-alyawm, cinephilia