أحمد والدكتورة بنت الغابة-أحمد مهدي-مصر
طنجة/الأدبية، الجريدة الثقافية لكل العرب. ملف الصحافة 02/2004. الإيداع القانوني 0024/2004. الترقيم الدولي 8179-1114 

 
قصة/نصوص

أحمد والدكتورة بنت الغابة

  أحمد مهدي    

   اشتهرت في قرية بني سويف ، امرأة طاعنة في السن، لكنها مهووسة بالشهرة واكتساب مجد مستحيل. كانت تريد إثبات ذاتها بشتى الوسائل، لأنها ببساطة ظلت   عانسا لم تتزوج قط، ولم تترك ذرية تردد اسمها من بعدها.  استهوتها فكرة أن تكون أديبة أو قاصة  ،مستلهمة قصة الأديبة المصرية بنت الشاطئ، لذلك أطلقت على نفسها لقبا مضحكا، هو بنت الغابة .
قالت في نفسها مادامت بنت الشاطئ اشتهرت بهذا اللقب الجميل حتى ظل اسمها يخلد على مر الزمان، لم لا أربط نفسي بلقب سأعرف به أنا أيضا، وسيكون من السهل أن تلوكه الألسن ،ويردده التلاميذ في مدارسهم ،والطلبة في جامعاتهم..أنا بنت الغابة نعم انا بنت الغابة       ظلت عينا  هذه المرأة المسكينة مفتوحة إلى الصباح الذي اعلنت فيه انها الكاتبة القاصة الأديبة بل والدكتورة أيضا بنت الغابةما دامت الدكتوراه ورقة في متناول الجميع هذه الأيام في وطننا العربي.. قالت في نفسها الكل سيصدق، نحن في زمن الأنترنيت والعالم اصبح قرية صغيرة ،وستكون الشهرة سهلة المنال ،ليس في مصر، بل في العالم أجمع ؛ لكن الشيئ الذي لم يكن في حسبانها، أن الشهرة سلاح ذو حدين، إما شهرة تدخلك المجد التليد ،وإما شهرة تزج بك في عالم السخرية اللامتناهية ،ومن طرف القاصي والداني.
  في صباح جميل  بينما هي   تتجول بين الحقول بنواحي القرية المذكورة، التقت صدفة بشاب اسمه أحمد؛ أرادت أن تتأكد من أنها أصبحت دكتورة أديبة وقاصة شهيرة ،سألته بلهفة هل تعرف الدكتورة بنت الغابة ،  نظر اليها فاغرا فاه بتعجب: نعم هل هي انت؟ ! قالت والفرح يغمرها: نعم انا.. انا هي بنت الغابة، ثم فجأة انفجر أحمد ضاحكا بقهقهات عالية، وولى ظهره لها منصرفا؛ امسكت الدكتورة بتلابيبه صارخة في وجهه: لماذا تضحك؟ هل أنا محل استهزاء؟ ..أنا الدكتورة الأديبة القاصة  الكاتبة الشهيرة؛ التفت أحمد إلى رهط قريب  من الفلاحين الشبان ،مستواهم التعليمي جيد لكنهم  فضلوا الإشتغال بالزراعة على البطالة ، مناديا لهم بصوت عالي : يا ناس هذه هي بنت الغابة، نعم بنت الغابة.. ثم انفجروا هم أيضا ضاحكين  فرد عليها: انت ظاهرة في الأنترنيت وفي القرية، أنت ظاهرة عجيبة ؛ كيف يسمحون بنشر قصصك التي هي لتلميذ في السنة الأولى إعدادي.
اصفر وجه الدكتورة من الدهشة الممزوجة بالخجل ، تم اعقبتها بسرور مصطنع، فردت :شكرا لك ، لأنك نبهتني قبل فوات الأوان، وقبل أن تقع الفأس في الرأس.
وهكذا في اليوم التالي أزالت موقعها من الانترنيت وسحبت كتبها المعروضة في المكتبات، وأزالت لقب الدكتورة الأديبة القاصة،  تجنبا للفضيحة في البلد وخارجه.



 
  أحمد مهدي-مصر (2012-12-14)
Partager

تعليقات:
بنت الطبيعة /مصر 2012-12-30
تمكن الحقد والحسد، من روح وجسد برغوث صغير؛ فنظر إلى عصفور يغنى ويطير نظرة استياء؛ كيف لهذا الكائن أن يحلق فى الهواء، وحوله الطبيعة الغناء؛ وأنا تنبزنى السماء، وكافة الأحياء؛ لكونى لا أستطيع الطيران والغناء، ولا الحياة إلا على مص الدماء؟!!...

استشاط غضباً وحنقاً، ثم فكر دهراً فقرر كفرا؛ قفز بحركات بهلوانية؛ بسوء نية وبغير تدبر ولا رويه؛ فقرر أن يقيم للعصفور وليمة؛ وكانت خطته اللئيمة؛ تتلخص فى محاولة تسميمه، ثم أن يخلع جناحيه بيديه، ويلصقهما بجسده ويركبهما عليه؛ ظناً منه أن هذه الحيلة؛ يمكنها أن تحقق أحلامه المستحيلة....

فلما قام بما قام، ولم يستطع الطيران؛ ازدادت حدة غضبته؛ فراح يعلن حملته الشعواء؛ على كل طيور السماء؛ بشكل هستيرى بغيض؛ فأحدث جلبة وضجيجاً؛ فتنبه الأحياء إلى وجوده فى ثنايا ثيابهم؛ غارساً خرطومه فى أجسادهم، مقلقاً لراحتهم وماصاً لدمائهم... فراحوا يرشون عليه المبيدات؛ للقضاء على الحشرات المهلكات بجيناتها العدوانية؛ ناقلات أمراض الحقد والبغض والكراهية...

رحل البرغوث اللئيم؛ تاركاً أبناءه وفى يدهم وصيته الأخيرة، التى مات دون تحقيقها، ومفادها: استمروا فى أداء رسالتكم الحاقدة الماكرة، وامنعوا كل طائر طليق من التحليق؛ كى لا يظهر عليكم، ويكون أفضل منكم؛ فهذا لا يليق؛ بعالم البراغيث والجرزان والغربان والنعيق...

وهكذا وبأقصى جهد برغوثى، يحاول ابن البرغوث السير على نفس النهج النمطى؛ فيجوس بلا إحساس أو حذر؛ فى أعراض البشر؛ متخطياً حدود الالتزام، بما فرضته وصية اللئام؛ ليس غير؛ لأنه وجد قلوب المؤمنين كالطير؛ فاختلط عليه الأمر، وكان منه ما كان: هجمات بربرية من قريب؛ واجهتها البلابل والحمام؛ برش المبيد، والتجاهل التام.
البريد الإلكتروني : ragi_dhd@hotmail.com

رشدي غنيم /مصر 2012-12-18
كاتب بارع وقصة متناسقة دقيقة سلسة كوميدية مدهشة ذات معاني رائعة ومن صميم الحياة المعاصرة في الوطن العربي انها تعالج مشاكل وتيمات تطرح تفسها بقوة هذه الايام تناقضات مثل دكتوراه ومستوى تعليمي منحط البحث عن الشهرة ولو كانت في غير محلها البحث عن امجاد مستحيلة في زمن انقراض الابطال.احلام اليقظة المزعجة...
البريد الإلكتروني : roshdi002@yahoo.com

أضف تعليقك :
*الإسم :
*البلد :
البريد الإلكتروني :
*تعليق
:
 
 
الخانات * إجبارية
 
   
   
مواضيع ذات صلة

أحمد والدكتورة بنت الغابة-أحمد مهدي-مصر

متابعات  |   ناصية القول  |   مقالات  |   سينما  |   تشكيل  |   مسرح  |   موسيقى  |   كاريكاتير  |   قصة/نصوص  |   شعر 
  زجل  |   إصدارات  |   إتصل بنا   |   PDF   |   الفهرس

2009 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة الأدبية
Conception : Linam Solution Partenaire : chafona, sahafat-alyawm, cinephilia