شارع العاصمة-محمد أكروح-المغرب
طنجة/الأدبية، الجريدة الثقافية لكل العرب. ملف الصحافة 02/2004. الإيداع القانوني 0024/2004. الترقيم الدولي 8179-1114 

 
قصة/نصوص

شارع العاصمة

  محمد أكروح    

شارع العاصمة
إنها الواحدة صباحا، أضواء الشارع العام الخافتة لم تستطع تفتيت وشاح الظلام المخيم على المدينة.
وأنا أمشي في خفة صوب المنزل، يخترق الصمتَ القاتلَ قهقهاتٌ لأجساد ملتصقة بحائط البار مزقتها نوائب الدهر.
ما زلت أسير بخفة، مجموعة من الشبان يترنحون وسط الشارع بفعل شيطان الخمر وعيونهم مشتعلة حمرة، ابتعدت عنهم قدر الإمكان كي أتجنب شرهم، لكنهم كانوا مصممين على الشر فأوقفوني ثم تلقفتني الركلات من كل جهة وفي كل شبر من جسدي، قفزت هلوعا ودافعا بأحدهم حتى ارتطم أرضا، جريت بكل أعضائي طلبا للبقاء، هاهم ورائي أرى ضلالهم قد لفتني وتكاد تغطيني من الوجود.
فجأة أستفيق من غيبوبة دامت بضع ساعات فاتحا عيني على ساعة معلقة أمامي تشير إلى الواحدة، لأجد نفسي بقدرة قادر ممدودا في المستشفى الرئيسي ملفوفا بالأبيض المرقط بالأحمر، الذي لم يكن سوى نزيف الجروح التي خلفها ليل من ليالي عاصمتنا الاقتصادية.

شارع البرتقال
وأنا أسير على هامش الشارع الرئيسي يتبعني ظلي، بين قوالب سكنية عملاقة غطت كل منافذ الأحلام، هدوء قاتل يخيم على الشارع، وأمام مرمى بصري بدر تكالبت عليه الغيوم ملتهمة نصفه، أسير وعيني زائغتان تطرفان في كل اتجاه خوفا، من سطوة لص، أو من أضواء سيارة تبشر بليلة باردة فوق إسمنت المخفر.
 في الطرف الآخر من الشارع قط وحيد يخبش أكوام البلاستيك حالما بلقمة سقطت سهوا. بينما تقبع شجرة برتقال تندب حظها بعد أن التهمت القوالب السكنية صواحبها.
ما زلت أسير وحيدا، كم أكره ظلي حين يسبقني، كلما رأيته أتذكر أني موجود هنا أسير وحيدا في شارع البرتقال، بعد أن قذفتني أحلام الوطن إلى واقع المنفى.



 
  محمد أكروح-المغرب (2012-12-28)
Partager

تعليقات:
محمد أصفار /المغرب 2013-01-02
واصل وفقك الله
البريد الإلكتروني : almonadel21989@hotmail.com

أضف تعليقك :
*الإسم :
*البلد :
البريد الإلكتروني :
*تعليق
:
 
 
الخانات * إجبارية
 
   
   
مواضيع ذات صلة

شارع العاصمة-محمد أكروح-المغرب

متابعات  |   ناصية القول  |   مقالات  |   سينما  |   تشكيل  |   مسرح  |   موسيقى  |   كاريكاتير  |   قصة/نصوص  |   شعر 
  زجل  |   إصدارات  |   إتصل بنا   |   PDF   |   الفهرس

2009 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة الأدبية
Conception : Linam Solution Partenaire : chafona, sahafat-alyawm, cinephilia