وجه أمي-عبدالقادر رالة -الجزائر
طنجة/الأدبية، الجريدة الثقافية لكل العرب. ملف الصحافة 02/2004. الإيداع القانوني 0024/2004. الترقيم الدولي 8179-1114 

 
قصة/نصوص

وجه أمي

  عبدالقادر رالة    

كلما أفتح كتاب القراءة تطالعني صورة أمي...ترتسم صورة أمي على صفحات
كتاب المطالعة، والأمس حذرني المعلم تحذيرا شديد اللهجة بأن قال بأني
أسهو كثيرا ولا أتابع مع زملائي لما يكونون يقرأون النصوص بصوت جوهري . لكني ما استطعت ، الكلمات تهرب من أمامي، وتصير الصفحات بيضاء ثم تدريجيا يبدأ وجه أمي الحزينة يغزو تلك الأماكن التي فرت منها الكلمات والأحرف !
كان المعلم يكتب الأسئلة على السبورة السوداء القديمة بينما التلاميذ منهمكون بالتفكير في الإجابة على ما يكتبه المعلم.... جلس المعلم أمام مكتبه .أشار إلى زميلي ميلود :
ـ إقرأ السؤال يا ميلود!
قام ميلود واقفا في مكانه ثم قرأ بصوت مرتفع :
ـ ماذا أخفى رضا عن صديقه مصطفى؟
وبعد أن جلس ميلود أشار إلي ...
ـ أجب عن سؤال زميلك يا نذير!
قمت...لم أكن أعرف الإجابة...لكني لا أستطيع أن أقول للمعلم أني لا أعرف
أو أني لم أكن أتابع القراءة...
وقفت في مكاني صامتا...وكرر المعلم طلبه لكني استمررت صامتا ، لا أفكر في
شيء سوى أمي...أثار ذلك المعلم ...نهض فجأة من أمام مكتبه وانقض على
بالصفعات ...حاولت أن أحمي وجهي بيداي الصغيرتين...ثم رفعني ودفعني بقوة
نحو السبورة حتى انمحت الأسئلة...سقطت على المصطبة أمام السبورة...ثم بدأ
يركلني بعصبية على وجهي وبطني... وبدأت أصرخ:ـ أرجوك يا معلم ! ثم تحول
صراخي الى بكاء...
ـ لقد اشتقت الى أمي......
   وبمجرد أن نطقت كلمة أمـ..... توقف المعلم عن ركلي...وقف في مكانه هادئا واختفت شراسته فجأة، وكأنه تمثال ،وأحسست أن الزمن توقف.... أنهضني برفق وأنا غير مصدق، والتلاميذ ينظرون إلي متعجبين مذعورين !  توجه نحو خزانته الخشبية في الخلف، ولمحته يفتح محفظته فأخرج منها منديلا وشيئا أخرا يشبه علبة الشكولاتة....وبدأ يمسح وجهي وينفض الغبار على سروالي ومئزري... ثم أعطاني علبة الشكولاتة ، ولم يقل غير كلمتين: ـ أرجوك سامحني !
وجلست في مكاني...وجلس المعلم أيضا في مكانه واستمر صامتا ،ما أكمل الدرس بينما خيم صمت حزين على القسم حتى دق جرس...فخرج بدون أن يقول شيئا..



 
  عبدالقادر رالة -الجزائر (2012-12-29)
Partager

تعليقات:
أضف تعليقك :
*الإسم :
*البلد :
البريد الإلكتروني :
*تعليق
:
 
 
الخانات * إجبارية
 
   
   
مواضيع ذات صلة

وجه أمي-عبدالقادر رالة -الجزائر

متابعات  |   ناصية القول  |   مقالات  |   سينما  |   تشكيل  |   مسرح  |   موسيقى  |   كاريكاتير  |   قصة/نصوص  |   شعر 
  زجل  |   إصدارات  |   إتصل بنا   |   PDF   |   الفهرس

2009 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة الأدبية
Conception : Linam Solution Partenaire : chafona, sahafat-alyawm, cinephilia