عندما تلتقي الألوان!!!-محمد أكروح-المغرب
طنجة/الأدبية، الجريدة الثقافية لكل العرب. ملف الصحافة 02/2004. الإيداع القانوني 0024/2004. الترقيم الدولي 8179-1114 

 
قصة/نصوص

عندما تلتقي الألوان!!!

  محمد أكروح    

أمام قبة البرلمان، اجتمعت فرق متنوعة الألوان، فرقة ترتدي الأزرق السماوي، وأخرى أصفر يميل إلى بريق خيوط الشمس الذهبية، أما فرقة أخرى فترتدي أخضرا جمع بين خضرة السنابل الربيعية وشجر التيد المنتشر على طول جبال الريف.
 صعدت إلى أعلى الشارع أتأمل هذا التلوين الجميل، فِرق جمعتها حاجة في نفس كل يعقوب، توسُّطُ الفرقة الزرقاء الشارع ذكرني بزرقة السماء السالبة للفؤاد في يوم صيفي على شاطئ طنجة الصخري "بوهندية"، حيث التقى البحران وتناثرت الأمواج العظيمة على نتوءات الصخر الحادة، كم تعشق نفسي ذاك الشاطئ، فلولاه لما كانت طنجة. على يمينها تمركزت رفيقتها الصفراء لتسحبني إلى أيام الجامعة، عند انتهاء الموسم الدراسي مستقلا الحافلة ومتجها إلى مدينتي. على طول الطريق، تخلب عقلي تلك الحقول التي تمايلت سنابلها الشديدة الصفرة، والمُغطّاة بخيوط الذهب االممدودة من الشمس مما زاد نظارة صفرتها وأعطى لمَيَلانِها خشوعا وسكينة تجعل الملحد يسبح بخالق قد كفر به. وعلى يسار الفرقة الزرقاء تراصت أقدام الفرقة الخضراء، وتلاصقت أكتافها في تلاحم ذكرني بزيارتي لمسقط رأس أبي في جبال الريف، حيت أقف في أعلى تل شديد الانحدار، متعجبا من منظر شجر التيد الذي لفرط طوله وكثرته أتخيله سحابة خضراء كست الجبال.
تصرخ الفرق الثلاث بهتافات وشعارات اعتدت سماع مثلها أيام الجامعة، لكن لم أمل سماعها أبدا، وكأني أسمعها أول مرة في كل مرة، حتى أحس أني لست سوى شعار من تلك الشعارات، ونظرا لطول مدة وجودهم هناك تحت قبة البرلمان، أصبح الناس لا يلقون لهم بالا، فتراهم يكتظون حول موائد المقاهي يحتسون أنواع المشروبات غير مبالين بتلك الهتافات التي تصدع بين البنيان، لقد أصبحوا واقعا وجزءا من الحياة الطبيعية للعاصمة، إنهم جزء من الهوية الوطنية الآن.
فجأة ودون سابق إنذار، أرى صفوفا ترتدي أخضرا شاحبا كأنها أشواك صحراء غيرت حرارة الشمس ملامحها، تخترق الفرق المتراصة وتعيث فيها فسادا، فترى كل ذات حمل تضع حملها، وكل ذي لحية قد نتفت كرامته، ومرتادو المقهى لا زالو يحتسون أنواع المشروبات، لقد اعتادو أسراب الجراد تجتاح كل ما يأتي في طريقها، فهي كما يقولون تنفذ مشيئة خالقها ولا ذنب عليها.
بعد أن أنهيت أكل علبة السردين، لبست معطفي الأزرق واتجهت مسرعا نحو سرب الجراد الأخضر لعلي أكون محظوظا لتلتقطني آلة تصوير أجنبية وحولي جراد مأمورون ينالون مما تبقى من كرامتي.



 
  محمد أكروح-المغرب (2013-01-25)
Partager

تعليقات:
hanane /rabat 2013-02-22
sara7a chi 7aja zwina ou ta3bir zwin khalitini 3icht m3a l2alwan kantmna tmchi fhad trik
البريد الإلكتروني : ch_samoray_xp@hotmail.com

el habti mohammed yassine /maroc 2013-02-21
ma9alon jamil w tachbihon ajmal baraka laho fik. wamazidan mina l3atae
البريد الإلكتروني : myh2010@live.fr

ياسين لمقدم /المغرب 2013-02-09
تحية لك أيها الكاتب الجليل، وفعلا صنعت من الألوان رحلة قص رائعة، فمزيدا من العطاء.
البريد الإلكتروني : say0330@hotmail.fr

fatima zohra akrouh /maroc 2013-01-27
bismilahi rahmani rahima. a5i baraka laho fika wafi 9odoratika 3ala hadihi l2ibda3at alati tomtirona biha... naxkoroka jazila xokri
البريد الإلكتروني :

أضف تعليقك :
*الإسم :
*البلد :
البريد الإلكتروني :
*تعليق
:
 
 
الخانات * إجبارية
 
   
   
مواضيع ذات صلة

عندما تلتقي الألوان!!!-محمد أكروح-المغرب

متابعات  |   ناصية القول  |   مقالات  |   سينما  |   تشكيل  |   مسرح  |   موسيقى  |   كاريكاتير  |   قصة/نصوص  |   شعر 
  زجل  |   إصدارات  |   إتصل بنا   |   PDF   |   الفهرس

2009 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة الأدبية
Conception : Linam Solution Partenaire : chafona, sahafat-alyawm, cinephilia