غسان الشهابي شهيد المخيم..!-شاكر فريد حسن-فلسطين
طنجة/الأدبية، الجريدة الثقافية لكل العرب. ملف الصحافة 02/2004. الإيداع القانوني 0024/2004. الترقيم الدولي 8179-1114 

 
مقالات

غسان الشهابي شهيد المخيم..!

  غسان الشهابي    

 متألقاُ كعادته، وواقفاً كأشجار برتقال يافا وسنديان الجليل ،اعتلى غسان الشهابي ،الباحث والمؤرخ والناشر الفلسطيني، ابن قرية لوبية المهجرة ، صهوة الوداع الأخير ،بعد ان قتل غدراً وغيلة برصاصة قناص سوري مجرم ،حين كان في سيارته بمخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في العاصمة السورية دمشق . هذا المخيم الذي كان غسان يعرف كل زقاق ،وكل رصيف، وكل شارع، وكل بيت، وكل حجر فيه .
انه شهيد فلسطين ، وشهيد سوريا النازفة ، وشهيد الوطن ، وشهيد الثقافة الوطنية الديمقراطية والكلمة المقاتلة ، وشهيد الذاكرة الفلسطينية ، وشهيد فقراء وكادحي المخيم ، الذين احبوه وبادلوه الوفاء والود الانساني الصادق.
وهو الانسان الشفاف والرجل النظيف العفيف اللطيف والدمث ، المجبول بأمل العودة ، الذي لم نلتق به وجهاً لوجه ، ولم نحتس القهوة المهيلة ، او نشرب الميرامية معه ، وانما عرفناه جيداً من خلال ما قراناه عنه وعرفناه من اصدقائه وزملائه ومعارفه من ابناء المخيم ، الذين عاشوا وتقاسموا المر والحلو ورغيف الخبز معه.
غسان الشهابي ذلك المثقف والمؤرخ والمؤرشف والناشر الكبير ، صاحب دار "الشجرة" للنشر والطباعة ، التي انشأها واسسها في الثمانينات من القرن الماضي ، بهدف تشر الوعي الثوري والثقافة الوطنية الديمقراطية الملتزمة ، ثقافة المنفى والتحرير والعودة ، والتي تحولت فيما بعد الى دار "الشجرة" للذاكرة الفلسطينية ، لما لهذا الاسم من ابعاد ورموز ودلالات ومعاني في قلب ووجدان الفلسطينيين المشردين والمهجرين الحالمين بالعودة الى ارض فلسطين ، والمتعطشين للحرية والفرح والشمس.
وغسان الشهابي، منذ ان تفتح وعيه على الدنيا ، وجد نفسه في صقيع المنفى والنكبة ، فاختار اتون الصراع والموقف ، وظل طوال حياته مستغرقا في هموم الوطن والجماهير وناس المخيم ، ومنغمساً في هموم الثقافة الوطنية والطبقية المنحازة دائماً وابداً لجموع المسحوقين والمقهورين والمعذبين ، واعطى للمخيم كل ما تحمله الروح ، ولم يهبه الزمن حتى التدثر الابدي بالثرى الفلسطيني.
لقد وهب غسان الشهابي حياته ونفسه لفلسطين ، عاشقاً ومتيماً وناشراً ومقاتلاً ومناضلاً وناشطاً في مجال العمل الاهلي والخيري والاغاثة الانسانية ، وسقط شهيداً ، مضرجاً بالدم، وهو يقوم بواجبه الوطني والانساني في تسجيل شهادات ابناء المخيم وتوزيع الكتب مجاناً عليهم.
من لوبية حتى اليرموك ،
ولادة ، وموت ، واستشهاد،
وفلسطين تبقى الوطن ، والغربة، والمنفى،
ويغيب غسان الشهابي وسط المعركة وخلف المتراس مودعاً ارض اليرموك .
فالى جنان الخلد يا غسان ، يا شهيد المخيم ، وستبقى مثالاً ورمزاً يحتذى في القيم والاخلاق والعطاء ، في الذاكرة الوطنية  ،وفي قلب ابناء شعبك ، الذين احبوك وذرفوا الدمع مدراراً يوم استشهادك ورحيلك عن هذه الحياة . وشلت يد الغدر والجريمة.



 
  شاكر فريد حسن-فلسطين (2013-01-29)
Partager

تعليقات:
أضف تعليقك :
*الإسم :
*البلد :
البريد الإلكتروني :
*تعليق
:
 
 
الخانات * إجبارية
 
   
   
مواضيع ذات صلة

غسان الشهابي شهيد المخيم..!-شاكر فريد حسن-فلسطين

متابعات  |   ناصية القول  |   مقالات  |   سينما  |   تشكيل  |   مسرح  |   موسيقى  |   كاريكاتير  |   قصة/نصوص  |   شعر 
  زجل  |   إصدارات  |   إتصل بنا   |   PDF   |   الفهرس

2009 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة الأدبية
Conception : Linam Solution Partenaire : chafona, sahafat-alyawm, cinephilia