الأنا المفقود : خواطر :-عزيز العرباوي (المغرب)
طنجة/الأدبية، الجريدة الثقافية لكل العرب. ملف الصحافة 02/2004. الإيداع القانوني 0024/2004. الترقيم الدولي 8179-1114 

 
قصة/نصوص

الأنا المفقود : خواطر :

  عزيز العرباوي    

لا أحب دائما أن أكون تلك الضحية كلما حلت كارثة علينا ، سواء كانت كارثة إلهية أو كانت من صنع الإنسان . ولا أحب أن أكون ذلك الرجل الضعيف في الشعب المسكين الذي يقبل بالأمر الواقع ويعيش في حاله ويطلب القليل ليسد رمقه وفقره . ولا أحب أن أكون ذلك الطاغية الذي يستحوذ على كل شيء ليشبع هو ويجوع الآخرون . فهذا من شيم الطغاة وأولاد الحرام .
في زمننا هذا هناك الكثير من هؤلاء الناس بشتى الأنواع والأصناف . وفي عصرنا  هذا يوجد الجائعون والمنافقون والطغاة وأولاد الحرام والعلماء والأغنياء والحكماء ... فمن يستطيع أن يحدد كل واحد منهم كل على حدة ؟
من المفارقات العجيبة في زمننا هذا أن تجد الجائع صديقا للغني ، أو الجاهل رفيقا للعالم . لكن أن تجد العالم صديقا للطاغية يرسم له خريطة الطغيان ويكتشف له فيروس التجويع والقتل . وقد تجد الحكيم رفيقا للمنافق يوضع له سبل السياسات المداهنة وطرق المراوغة والتحايل على الآخرين .. هذا زمن المفارقات حقا ، ألم أقل لكم ؟ .
محمد ضحية الكوارث الإلاهية والإنسانية في آن . وأحمد رجل ضعيف من الشعب المسحوق في الكاريانات يقبل بالأمر الواقع ويعيش في حاله ، يتعاطى المخدرات لينسى ، ويشرب الكحول لينتشي ، ولا يطلب لا القليل ولا الكثير . إنه الرجل المرغوب فيه في عصرنا هذا . وعباس رجل طاغية يستحوذ على كل شيء ، يملك المدينة كلها بما فيها الكاريانات . ويستغل الرجال في توسيع نفوذه وممتلكاته ، والنساء في إشباع رغباته الحيوانية ، يشبع ويجوع الآخرون ، ينام على الأرائك ، وينام الآخرون على الحصر والأرض ويفترشون الرمال والتراب ، هو لا يعرف أن أصله من تراب كما الآخرين ، لذلك يحتقر هؤلاء ، ويسخر من تربيتهم وأصلهم الطيني .
محمد الضحية ، دائما تجده يتباكى ويتدور جوعا وألما لما لحقه ، فالزلازل لا ترحمه ، والبراكين تحرق كل ما يملك ، ولا يستطيع في هذه الحالات إلا أن يشكر الله على ما فعل وما أعطى وما أخذ . وتجده يتحسر على خسارة الوطن لتنظيم كأس العالم . وانهزام المنتخب في المباريات النهائية ، ويستغرب للقوانين الجائرة التي تسن وتنفذ . ويستنكر مدونة الشغل والمرأة والفساد الإداري والإنساني . محمد الضحية ، متشائم من الحاضر والمستقبل ومن الحياة أيضا ...
وأنا لا أحب أن أكون أي واحد من هؤلاء ، وأحلم أن أكون أفضل من محمد وأحمد وعباس . هذا الأنا قد لا يتحقق الآن ، لكني أحلم به ، وأعمل جاهدا لأن أكونه ، فهو صعب أن يكون الآن . وفب هذه الظروف الخانقة ، ولكن المستقبل يحمل للأنا غدا أفضل وساحة أوسع للظهور والخروج إلى العالم .
وفي انتظار الأنا ، فكل شيء ممكن ، وكل سبيل مفتوح أمام أي أحد ليكون الأنا ، لكن بشرط أن ينسلخ عن الهو ...!!



 
  عزيز العرباوي (المغرب) (2009-02-25)
Partager

تعليقات:
أضف تعليقك :
*الإسم :
*البلد :
البريد الإلكتروني :
*تعليق
:
 
 
الخانات * إجبارية
 
   
   
مواضيع ذات صلة

الأنا المفقود : خواطر :-عزيز العرباوي (المغرب)

متابعات  |   ناصية القول  |   مقالات  |   سينما  |   تشكيل  |   مسرح  |   موسيقى  |   كاريكاتير  |   قصة/نصوص  |   شعر 
  زجل  |   إصدارات  |   إتصل بنا   |   PDF   |   الفهرس

2009 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة الأدبية
Conception : Linam Solution Partenaire : chafona, sahafat-alyawm, cinephilia