في سياق تضامن المغرب، رسميا و شعبيا، مع أشقائنا الفلسطينيين إثر الاجتياح الإسرائيلي الغاشم لقطاع غزة، و إسهاما رمزيا في دعم جهود المساندة المفتوحة لإعادة إعمار القطاع، و تعبيرا تلقائيا عن الموقع العالي لفلسطين في وجداننا الوطني و ذاكرتنا الثقافية، يبادر عدد كبير من الفنانين التشكيليين المغاربة، الذين حضر كثير منهم الأمسية التضامنية مع غزة التي سبق للوزارة و المبدعين المغاربة أن نظموها بمسرح محمد الخامس في منتصف يناير المنصرم، إلى إهداء لوحاتهم للبيع في مزاد علني سيوجه ريعه بالكامل لدعم القطاع الصامد.
و لا يسعنا، في غمرة استنكارنا و شجبنا للدمار المروع الذي طال البشر و الشجر والحجر في غزة، إلا أن ننوه بالحضور المكثف و الوازن للمبدعين و الفنانين المغاربة بمختلف مشاربهم و أطيافهم في الأمسية التضامنية المذكورة، مما اعتبرناه و نعتبره حلقة جوهرية أخرى في المسار التاريخي لهذه العروة الوثقى التي تشدنا إلى فلسطين بكيانها الجغرافي الكامل، و إلى عاصمتها القدس التي يرأس جلالة الملك محمد السادس حفظه الله لجنتها، وهي المدينة الرمز التي نعتز بالاحتفاء بها عاصمة للثقافة العربية لهذه السنة.
ولسنا بحاجة إلى التأكيد هاهنا على أن هذا المزاد العلني لا يعني مطلقا مزايدة في المشاعر، لأن القلب المغربي واحد و موحّد في هذه القضية، كما في كل القضايا المصيرية الوطنية والعربية. فنحن واثقون من أن الدافع الأوحد لذوي الأريحية الذين سيسارعون إلى اقتناء هذه اللوحات إنما هو حرصهم النبيل على الانخراط في حركية المساندة المتجردة من كل الاعتبارات الشخصية، شأنهم في ذلك شأن الفنانين التشكيليين الذين أبدعوا اللوحات أو وهبوها تلبية لنفس المقاصد النبيلة و المتجذرة في عمق المغرب قيادة وشعبا، دونما رغبة من طرفهم أو من طرفنا في وزارة الثقافة في البرهنة على التزام تاريخي لا يحتاج إلى برهان.
لذلك، بدل صيغ الشكر التقليدية، وما وراء تعبيرات الامتنان، أود أن أقول للفنانين و المقتنين على السّواء، ولكل الذين سهروا و يسهرون على العملية التضامنية المفتوحة، أن هذه المبادرة التآزرية تكرس، مرة أخرى، انتساب المغرب بكل مكوناته للدم الجوهري الذي يبقي فلسطين، ومن ضمنها غزة، حية و شامخة في زمن هذا العالم.