الرواية و النقد الأدبي-حميد المصباحي (المغرب)
طنجة/الأدبية، الجريدة الثقافية لكل العرب. ملف الصحافة 02/2004. الإيداع القانوني 0024/2004. الترقيم الدولي 8179-1114 

 
مقالات

الرواية و النقد الأدبي

الرواية من الفنون المكتوبة كتابة إبداعية سردية ,لكنها تتجاوب مع الشعر في جمالية التعبير ,لكنها تتميز عنه بتناولها لأحداث من خلال شخوص يخوضون صراعات مريرة لفرض وجودهم أو إنصاف غيرهم,تستحضر المجتمعي والتاريخي كصور ومآسي تتناول للتأثير الأدبي الانفعالي,هكذا بدأت الرواية ولدلك اعتبرت ابنة المدينة كما يقال,فهي باختصار شخوص وأحداث وزمن ضمني أو مصرح به,لها سلطة الكشف بالنفسي عن الإنساني,أو بالاجتماعي,لكنها قد تسبح خارج التمهيد لتخلق عناصر المفاجأة والإثارة,إن الرواية عالم لا حدود له,تتفاعل عوالمه مع التاريخ والفلسفة وكل ما يوحي بفكرة ما كيفما كان مصدرها,بل إنها امتدت حتى إلى الرواية البوليسية كتجربة تحلق في الحبكة الأمنية وتسعى لاختبار الحس الأمني بما هو خيال يستبق الواقع محاولا التنبؤ والتوقع كأفق جمالي,فهل تخضع الرواية كما الشعر لمنطق التطور المفروض على كل الفنون وأشكال التعبير الأخرى؟

- 1الرواية والنقد الأدبي


يحاول النقد الأدبي أن يقوم بدوره,أي تفسير الرواية كعمل فني للكشف عن أبعاده الجمالية في التعبير والصياغة أي أسلوب الحكاية وشخوصها أيضا,وقد وجدت نظريات بمثابة مقاربات لها مبادئها وأسسها كمسلمات تسعى بها إلى الكشف عن المعاني الخفية والمضمرة التي يعني بها الكاتب ما لا يمكن رصده دلاليا في اللفظ,فاعتبرت الروايات نسق لابد من الكشف عن نظامه الداخلي لفهم أبعاده وإيصالها للقراء قصد الإحاطة واستكمال المتعة الأدبية بالفهم وتدبر خلفيات النصوص وأبعادها حتى لا تظل مستعصية أو غامضة تؤثر في العواطف بانفلاتها من الوعي,وفي إطار هدا النقد نشبت صراعات بين النظريات الأدبية,اتجاه نفسي شعوري وآخر لاشعوري واتجاهات اجتماعية تستحضر الطبقي وأخرى عزلت الرواية عن كل سياق وهو ما عرف بالبنيوية ثم اللسانيات وانخرطت "السميولوجيا" في حمأة المواجهات,وصار لك توجه نقدي روائيوه الدين يكتبون لما ينسجم مع مسلماتهم النقدية التي تمتح من نظريات محددة ليسعفها التعبير وأدوات العمل المتاحة والممكنة في النقد والتقصي,ونشبت المعارك بين الروائيين أنفسهم لأنهم انجروا إلى معارك النقد الأدبي وبدءوا في التعليق على بعضهم بل في التحامل من منطلق الجدة والإبداعية التي يطالب بها النقاد وهم يمارسون نقدهم كفتوحات مبجلة تكتشف الأسرار وتغوص في الخفي والمستور والمحرم,من هنا ظهرت التصنيفات بناء على فكرة التقدم التي أبدعها "هيجل" في فلسفة التاريخ وطبقها على الطبيعة والفن,فهلل لها الفكر وتبناها في مختلف مجالات الإبداع والتفكير بل حتى في السياسة والعلم ,هكذا ظهرت تصنيفات الكلاسيكية والرومانسية والجديدة في الإبداع الروائي كما هي الحالة في مختلف مجالا التفكير والتدبير,شعر الروائي أن عليه أن ينتمي لعصره بمحددات النقد أي الزمن الكوني في دورته التي تلزم الكل بالخضوع لها إن أراد أن يكون مقروءا ومنتقدا من طرف النقاد,وكأن التاريخ امتداد قسري لا دور فيه للبشر والمجتمعات والصيرورات,فتحولت "دينامية" المجتمع إلى حركية أحادية تمضي في اتجاه واحد أطلقت عليه تسميات كثيرة من قبيل الحداثة والعقلانية والأدب الجديد دون تحديد الإضافات والمستجدات التي تعرفها الرواية الجديدة وهل حقا يمكن اعتبار تكسير الزمن فعلا جديدا يستحق كل هدا التركيز أم أن هدا الفعل ليس إلا استجابة لما فرضته وتيرة التحول التي استشعرها الغرب قبل غيره من المجتمعات لأنه باختصار عاشها وعايشها سياسيا واجتماعيا وثقافيا وهدا هو المهم؟

2- الرواية والواقع العربي


من المهم الإنتباه كما دهب إلى دلك النقد الأدبي أن الرواية ليست وليدة المجتمعات العربية,لكن أليس للرواية أينما حلت وتيرة تطورها الخاصة؟ألا تتفاعل المجتمعات مع بعضها أدبيا فتهضم ما تتلقاه وتعبر به عن قضاياها الخاصة حتى عندما لا تكون هي من أنتج هدا الفن أو داك؟ما العيب في الفعل الإبداعي إن أضاف ما يناسب واقعه ويخدمه فنيا وجماليا؟إن البحث في الأصل متاهة تاريخية لا يمكن الخروج منها,الروائي العربي عليه أن لا يخضع إلا لضرورات إبداعه الخاص بعيدا عن الخضوع والامتثال للنماذج التي نوه بها النقد واعتبرها إبداعا خارقا على الكل أن يسعى لتمثله والتعبير بطرقه لأنها نالت إعجاب الآخرين وعلينا أن نعجب بها نحن أيضا,صحيح أن الآداب يسعى لتحقيق الكونية وعدم الانغلاق على الذات,لكن لمادا نفرض نحن الانغلاق على فكر الآخرين بحجة الانفتاح على ما هو إنساني,ثم علينا أن لا ننسى أن أوربا الممثل الوحيد للإنسانية ,فأين الآداب الصيني والهندي والكوري والأمريكي اللاتيني بل والأفريقي رغم شفويته فهو قابل لإعادة الكتابة,يهدا الشكل يتم تكسير الحلقية التي تريد اختزال كل شيء في أوربا وكأنها لا تجيد التحدث إلا بلغتها اللاتينية ومختلف اللغات المنبثقة عنها,إن الجديد لا يبرز بتمثل ما استجد في ثقافة الآخرين بل بالعمل على الإنصات لما يختلج داخل الذات أولا لنفهمها ولا نقطع عنها تأملها الخاص والقادر على التجاوب مع العصر دون إكراه أو محاولة التماهي لنصير آخرين نفتخر بقدرتنا على أن نكون غيرنا أو ننوب عنه أدبيا كما ناب هو علينا سياسيا واقتصاديا,إن الإبداع عصي على الإخضاع بفعل إنصاته لنفسه دون مكبرات صوت أو بهرجة أو حوافز تبريزية تقدم نماذج تعتبر ممثلا لمرحلة تاريخية بما يعتبر فنية غير مسبوقة أو تأصيلا لنهج جديد.



 
  حميد المصباحي (المغرب) (2009-02-25)
Partager

تعليقات:
وفاء المدني /المغرب 2010-07-04
اتمنى لك التوفيق ايها الرواءي
البريد الإلكتروني : imane_mojahid90@hotmail.com

نسرين الهرهار /المغرب 2010-04-19
موقع جيد بالنسبة لمن يريدالاستفادة منه لدى اتقدم بالشكر لكل مساهم فيه لدى اطلب من الله ان يوفق كل شخص يسعى الى اغناء الرصيد المعرفي للتلاميد,للطلاب او بالاحرى الشخص الباحت
البريد الإلكتروني : carinanissi@hotmail.com

أضف تعليقك :
*الإسم :
*البلد :
البريد الإلكتروني :
*تعليق
:
 
 
الخانات * إجبارية
 
   
   
مواضيع ذات صلة

الرواية و النقد الأدبي-حميد المصباحي (المغرب)

متابعات  |   ناصية القول  |   مقالات  |   سينما  |   تشكيل  |   مسرح  |   موسيقى  |   كاريكاتير  |   قصة/نصوص  |   شعر 
  زجل  |   إصدارات  |   إتصل بنا   |   PDF   |   الفهرس

2009 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة الأدبية
Conception : Linam Solution Partenaire : chafona, sahafat-alyawm, cinephilia