ارْتِـسَـامَــاتٌ عَـلَـى حَـائِــطِ الأَرَقِ-عبد الغني موعكيس
طنجة/الأدبية، الجريدة الثقافية لكل العرب. ملف الصحافة 02/2004. الإيداع القانوني 0024/2004. الترقيم الدولي 8179-1114 

 
شعر

ارْتِـسَـامَــاتٌ عَـلَـى حَـائِــطِ الأَرَقِ

  عبد الغني موعكيس    

-1-
        عَلَى شُرْفَةِ الرَّيحِ أَرَى:
        امْرَأَةً ...
        تَعْبُرُ وَجْهِي، وَتُخْفِي خَلْفَ
        نَافِذَةِ الدُّخَّانِ ...
        نَهْراً ...
        وَقَرْيَةً صَغِيرَةً ...
        وَبَعْضَ هَلْوَسَاتٍ لِجَدَّةٍ تَقُدُّ
        مِنَ النِّسْيَانِ صَوْتِي ...
        وَتَمْضِي غَيْرَ آبِهَةٍ بِالْحُزْنِ
        بَيْنَ عُيُونِهَا ...
        إِلَى أَرَقِ الصَّمْتِ .
                -2-
        هُنَاكَ ..
        عَلَى مُرْتَفَعَاتِ يَقِينٍ كَاذِبٍ
        كَانَ طِفْلٌ يَحْمِلُ الْكَوْنَ ...
        فِي مِحْفَظَةٍ مُتَآكِلَةٍ، وَشَكٌّ قَدِيمٌ
        يَتَنَاسَلُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ،
        كُلَّمَا تَوَغَّلَ فِي الطَّرِيقِ ...
        يَمْلَؤُهُ الْوَقْتُ بِأَسْئِلَةٍ لَيْسِتْ
        لَهَا ذَاكِرَة.
                  -3-    
        تَمُرُّ الْمَدِينَةُ أَمَامَكَ خَائِفَة
        عَلَى وَجْهِهَا تَزْدَحِمُ الذِّكْرَيَاتُ:
        مَطَرٌ يَتَطَاوَلُ عَلَى الْكَائِنَاتِ الَّتِي لَمْ تَنَمْ ...
        بَحْرٌ يَهَابُ ازْدِحَامَ الْغُرَبَاءِ عَلَى بَابِهِ ...
        أُنْثَى تُبَعَثِرُ رُفُوفَ الصَّبَاحَاتِ، ...
        وَتَمْضِي إِلَى تَعَبِ أَيَّامِهَا ...
        وَأَنْتَ عَلَى أَرْصِفَةِ التِّيهِ تَلْهُو
        بِأَصَابِعِكَ،
        وَتَحْسَبُ أَنَّكَ اكْتَشَفْتَ الْمَغَارَةَ
        الَّتِي تُنْجِبُ الأَلَمَ ...
        وَقَدْ غَادَرَكَ الْكَلاَمُ، فَأَهْدَيْتَ
        لِعُزْلَتِكَ خَاتَماً ...
        رُبَّمَا كَانَ لِلأَرْضِ أَنْ تُرَتِّقَ جِرَاحَكَ.
                -4-
        آهٍ يَا غُبَارَ الْوَقْتِ ...
        هَبْنِي لِزُرْقَةِ الْمَسَاءَاتِ، وَازْرَعْ
        جُفُونِي بِمِلْحِ الْخَطِيئَةِ الأُولَى، ثُمَّ سَمِّينِي
        بَيْنَ عَرَقِ الرُّحَّلِ الْقَادِمِينَ وَخَلْفَهُم
        تَتَسَاقَطُ الأَحْلاَمُ وَاحِدَةً ...
        وَاحِدَةً ...
        يَتَلاَشَى الطَّرِيقُ إِلَى الْقَمَرِ وَتَسْقُطُ
        أَعْلاَمُ الْقَبِيلَةِ ..
        هِيَ الرِّيحُ أَغْلَقَتْ عُيُونَ الإِلاَهِ، ...
        غَيَّرَتْ مَرْقَدَ الشَّمْسِ، وَشَاخَتْ أُضْحِيَّةً
        أُخْرَى لِوَلِيمَةِ التَّعَبِ.
                -5-
        هَذَا أَنَا أَتَدَفَّق مُلْتَبِساً بِدُوَارِي الأَزَلِيِّ،
        فَضُمَّنِي يَا تَعَبِي لأَجْنِحَةِ الأُفُقِ
        لِلْمُسْتَحِيلِ ...
        ضُمَّنِي لِلْمَجَاعَاتِ بَيْنَ عُيُونِ الصَّغَارِ،
        وَلِلْفِتْنَةِ بَيْنَ أَزِقَّةِ الْبِلاَدِ الْبَعِيدَةِ ...
        وَضُمَّ حَنِينِي لِلشُّرُودِ الَّذِي يَسِيلُ مِنْ بَاعَةِ
        الْوَرْدِ ...
        وَقُلْ فِي مَسَاءِ الْبَيَاضَاتِ كَانَتْ لِي وَصَايَا
        أُعَلِّقُ عَيَائِي عَلَيْهَا، وَكُنْتُ إِذَا تَأَخَّرَ عَنِّي ظِلِّي
        أَصْطَفِي صَلاَةً لِوَأْدِي ...
        وَأَجْنِي شَقَاءَ الْبُرْتُقَالِ لأَيَّامِي ...
        وَلَمَّا يَجِيءُ الْحُزْنُ أَصْرُخُ فِي وَجْهِي :
        هَذِهِ أَضْوَاءُ مَدِيحِكِ تَنْطَفِئُ ..
        لَكِنَّنِي الآنَ أُولَدُ أَوْ أَنْتَفِي لَسْتُ أَدْرِي.



 
  عبد الغني موعكيس (2013-05-16)
Partager

تعليقات:
lol /maroc 2013-05-26
نص بديع له أكتر من وجه أهنئك
البريد الإلكتروني :

أضف تعليقك :
*الإسم :
*البلد :
البريد الإلكتروني :
*تعليق
:
 
 
الخانات * إجبارية
 
   
   
مواضيع ذات صلة

ارْتِـسَـامَــاتٌ عَـلَـى حَـائِــطِ الأَرَقِ-عبد الغني موعكيس

متابعات  |   ناصية القول  |   مقالات  |   سينما  |   تشكيل  |   مسرح  |   موسيقى  |   كاريكاتير  |   قصة/نصوص  |   شعر 
  زجل  |   إصدارات  |   إتصل بنا   |   PDF   |   الفهرس

2009 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة الأدبية
Conception : Linam Solution Partenaire : chafona, sahafat-alyawm, cinephilia