أجملُ ما كان في الجهة الشمالية الشرقية من المدينة طريقٌ . ويسُمّى حتى الآن ب((طريق الأشجار ))وهو الآن بالأطلال أشبه , كان يمتدُّ الطريقُ شمالاً مع الأشجار . حتى أنكَ لن ترى فيه إلا الأشجار الكثيفة الخضراء المدلاة . وكانتْ هذه الأشجارُ تمتدُّ شمالاً مع الطريق حتى أنك لا ترى بين هذه الأشجار سوى أشجار ((الزيزفون ))التي لا تنمو إلا حول البساتين و الحدائق. هذه الأشجارُ التي يندرُ وجودها الآن في المدينة ككلِّ . وفي الطريق ذاك الذي يسمى باسمها ذاك الطريق يُعرفُ ، وكأنه عنوانٌ للجميع ولم يحسَّ أحدٌ قط أنْ يكون عنوانه الخاص فقط . إنْ تواعدْنا فالمكانُ ((طريق الأشجار )) . وإنْ تخاصمنا فكانتْ ساحةُ التخاصم ((الطريق ذاك )). وإنْ طبقنا إحداهن فذاك الطريق , وكنا نتعاركُ مزحاً غليظاً لنلفت إلينا أنظار الفتيات . وإنْ أردنا أنْ نملأ عيوننا بالجمال ، فالفتياتُ في الطريق ذاك . إنْ تحامقنا أو تعصبنا . نتخاصم بجانب الطريق . والأشجار صامتة لا تحتجُّ . ونتصالحُ : متسامرين ... ضاحكين . لنتخاصم بعدها ثانية . بعدما ذهبنا وابتلعنا الطريق : (متآلفين ، أصدقاء ، رفاق درب طويل )، وعدنا من نفس الطريق : أعداء أو ما يشبه العداء ، كلٌّ منّا يمشي في طريق .... وهكذا هي الحياة .