حملة الإساءة للإسلام من يقف وراءها؟!-إبراهيم نويري (الجزائر)
طنجة/الأدبية، الجريدة الثقافية لكل العرب. ملف الصحافة 02/2004. الإيداع القانوني 0024/2004. الترقيم الدولي 8179-1114 

 
مقالات

حملة الإساءة للإسلام من يقف وراءها؟!

  إبراهيم نويري    

الاتجاه المتطرف المعادي للإسلام وتاريخه وحضارته في الغرب النصراني، لا يستطيع أن ينفك أبداً عن عقدته التاريخية الموروثة في كراهية هذا الدين السمح الكريم وتعاليمه الفذّة ، والمنتمين لعقيدته وصبغته في المشارق والمغارب.
  وفي هذه الأيام برز من ذوي الاتجاه المذكور الكاتب السويدي "بورت موني".... حيث راح يهاجم في صفاقة متناهية وهبوط فظيع في استشعار المسؤولية العلمية والأخلاقية ، تعاليم الإسلام وشريعته وتاريخه، ويتطاول على شخصية رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويَسِمُها ( يصفها ) بأوصاف مرذولة، لاتصدق في حق مصلح اجتماعي عادي، ناهيك عن أن تصدق في حق إمام الأنبياء وسيد المرسلين.
 
 الكتاب الذي صدر لهذا الكاتب يحمل عنوان (اجتياح الإسلام) نشرته دار "بوسالا" بالسويد.. كما نشره المؤلف في موقع خاص على شبكة المعلومات الدولية ( الانترنت)، وقد ضمّنه صاحبُه مئات المفتريات والأكاذيب المسيئة للإسلام وحقيقة مسار انتشاره في الأرض واعتناق الشعوب المختلفة له .. كما هاجم القرآن الكريم، واصفاً إياه بأنه كتاب مختلق مليء بالأساطير والقصص المستمدة من الأزمنة الغابرة، مدعياً أن هذه القصص لا يوجد ما يثبت صحتها ـ يقصد المستندات المادية ـ كالوثائق التاريخية والنقوشات، وغيرها من الأدوات التي يثبت بها التاريخ!! وكأن هذه الأدوات المزعومة أكثر صدقا ووثوقاً من الوحي الإلهي بمختلف وجوه الإعجاز التي يتضمنها !
  إن ما يؤكد عقدة الغرب التاريخية تجاه الإسلام، ليس فقط ظهور أمثال لهذا الكاتب الحقود الجاهل بحقيقة الوحي والغيب، فهذا أمر مألوف في تراث وأدبيات الغرب النفسية والفكرية، وإنما أيضا احتضان المارقين والمرتدين والمنحرفين من حملة الأقلام ممن يزعمون انتماءهم وانتسابهم للعالم الإسلامي جغرافياً على الأقل، ويحملون بعضاً من شارات المسلمين وأسمائهم وأزيائهم أحياناً!!
 
  يشير إلى ذلك الداعية والمفكر الإسلامي الكبير الشيخ محمد الغزالي - رحمه الله- في معرض حديثه عن ارتداد الكاتبة والطبيبة البنغالية "تسليمة نسرين" التي تعيش حاليا في السويد، عندما هاجمت الإسلام، ووصفته بأنه دين يظلم المرأة ويهين أنوثتها ويجحد حقوقها الفطرية... حيث يقول: "..قالت إذاعة لندن إن دول أوروبا الغربية أعلنت حمايتها لها (أي لهذه الكاتبة) ويسرت لها أن تهاجر إليها، بل إن ألمانيا عرضت عليها أن تقيم فيها وتنشر آراءها على أرضها !!... إن دول أوروبا الغربية منحت " سلمان رشدي " جائزة سَنِيَّة ( مجزية ) وأبدت رضاها عن ارتداده واستعدادها للدفاع عنه... وقد عُرف الآن بين المثقفين أن الإلحاد أقصر طريق إلى الشهرة والترقية، وأن الانحراف ضمان للأمان والرضا!!.." (الحق المر، الجزء الرابع).
  إن حملات تشويه الإسلام ومهاجمة تعاليمة و وصاياه وأخلاقياته و مناهجه ، قد ازدادت ضراوتها، خاصة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م، وقد وجدت الصهيونية العالمية ودوائرها الأخطبوطية المنتشرة في كلّ مكان من المعمورة ،   أن الفرصة باتت سانحة، وأن المناخ أصبح ملائماً للإجهاز على الدين الخاتم وتمريغ أنفه في الرغام.
ولا شك في أن سباق الكثير من الكتاب في الغرب والشرق، وانتظامهم في هذا المسلك الآسن.. مسلك الإساءة للإسلام .. إنْ هو إلاّ أثر من آثار أعمال وجهود ولوثات تلك الدوائر الصهيونية الحاقدة ؛ إنهم يتزلفون لها ويعملون على إرضائها وتحقيق أهدافها، حتى ينالوا الجوائز العالمية والمكاسب الدنيوية.... من أجل ذلك عجبت لقول الفيلسوف الدكتور عبدالرحمن بدوي -رحمه الله- بالرغم من انعطافته الحسنة تجاه الإسلام في سني حياته الأخيرة - عندما سئل قبل وفاته بأيام قليلة عن وجهة نظره إزاء تأثير الصهيونية العالمية في توجيه جائزة نوبل العالمية الشهيرة، فقال "والله شخصياً أستبعد ذلك" (!!)... بالرغم أنه يعلم بأن هذه الجائزة ينقصها الكثير من شيم النبل والشفافية والمصداقية ..
  ينبغي على حملة الأقلام وأهل التنوير من مثقفي الإسلام أن يلتصقوا بدينهم وتاريخهم وتراثهم عن حب وإعزاز، وذلك يقتضيهم مقاومة عصابات الغزو الثقافي الغربي، وبذل الجهد والوسع في بيان حقيقة تعاليم الإسلام وتميز حضارته وأنظمته المختلفة، بالأدلة القوية والبراهين الدامغة، سعياً لإقناع ذوي الضمائر الحية النظيفة من الأحقاد والضغائن الموروثة في ديار الغرب ... فتلك هي الرسالة التي تحتاجها أمتنا المسلمة في هذه المرحلة الزمنية الحساسة ، التي تواجه فيها أياماً كالحة وأعداء مَهَرة مَكَرة ، توافرت لهم ولأتباعهم كلُّ الظروف والامكانات للإجهاز على دين سمح وأمة مسالمة يشهد لهما التاريخ الإنساني المحايد بالسماحة وقبول الآخر ـ كما هو ـ واقرار كرامته الإنسانية .



 
  إبراهيم نويري (الجزائر) (2009-03-02)
Partager

تعليقات:
أضف تعليقك :
*الإسم :
*البلد :
البريد الإلكتروني :
*تعليق
:
 
 
الخانات * إجبارية
 
   
   
مواضيع ذات صلة

حملة الإساءة للإسلام من يقف وراءها؟!-إبراهيم نويري (الجزائر)

متابعات  |   ناصية القول  |   مقالات  |   سينما  |   تشكيل  |   مسرح  |   موسيقى  |   كاريكاتير  |   قصة/نصوص  |   شعر 
  زجل  |   إصدارات  |   إتصل بنا   |   PDF   |   الفهرس

2009 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة الأدبية
Conception : Linam Solution Partenaire : chafona, sahafat-alyawm, cinephilia