تجليات الفقدان في تجربة عبد السلام دخان الشعرية، بأيت ملول-
طنجة/الأدبية، الجريدة الثقافية لكل العرب. ملف الصحافة 02/2004. الإيداع القانوني 0024/2004. الترقيم الدولي 8179-1114 

 
متابعات

تجليات الفقدان في تجربة عبد السلام دخان الشعرية، بأيت ملول

احتضنت قاعة الندوات بفضاء دار الحي المزار بمدينة أيت ملول أشغال الاحتفالية التي نظمتها فضاءات الإبداع والتنمية فرع أيت ملول مساء يوم السبت 23 مارس 2014 اللقاء الذي أداره باقتدار الأستاذ ابراهيم  أوحسين أكد فيه أن الاحتفاء بالشاعر عبد السلام دخان هو إنصات لتجربة شعرية تحظى باهتمام نقدي وبتقدير خاص من لدن الشعراء والنقاد على حد سواء، وهو الشاعر الذي يراهن على تحقيق تواصل مع قراء الشعر في أماكن مختلفة من ربوع الوطن، فضلا عن قدراته التواصلية عبر وسائط الثقافة الالكترونية. أما كلمة رئيس فرع فضاءات الإبداع والتنمية، حسن أشودان، فرحب فيها بدوره عن الحضور الكريم وشكر كل المساهمين في سبيل إنجاح الحفل. وأكد الأستاذ الطيب أدكوري المنسق الجهوي لمنظمة فضاءات الإبداع والتنمية وعضو المكتب الفيدرالي للمنظمة،على السياق العام لسلسلة التواقيع التي تقترحها فضاءات الإبداع والتنمية فرع أيت ملول من خلال التعريف بالإصدارات الجديدة في مجالات الشعر والقصة والرواية والنقد والفكر، وكل ما تحمله صبغة الإبداع المرتبط بالإنسان بشكل مباشر، لذلك التزم أعضاء فضاءات الابداع والتنمية فرع أيت ملول بالانخراط في هذا المشروع الثقافي سلاحهم الإيمان الراسخ بضرورة النهوض بالعمل الثقافي بالمدينة، والاحتفاء بكل رموزه. ومن هذا المنطلق يأتي الاحتفاء بتجربة الشاعر عبد السلام دخان الشعرية لاعتبارات ترتبط بعمق تجربته، وقدرته على الانفتاح على مختلف الجماليات المعاصرة.
وانطلق الباحث ابراهيم أمغار في مداخلته من تحليل بنية عناوين الدواوين  الشعرية لعبد السلام دخان، مركزا على الأبعاد السيميائية لديوان "ضد الجاذبية" بوصفه خرقا للمألوف في علاقة الإنسان بالجاذبية، فما علاقة الشاعر بنيوتن وما سبب هذا التوثر الدلالي الذي يتضح مع عمله الشعري الثاني "محارب بلا جبهة" الذي يتضمن بنية بلاغية ترتبط بالثورية، فضلا عن تلازم الجبهة مع المحارب لكن هذا العنوان يغير منطوقه الدلالي ارتباطا ببنيته التركيبة ومقاصده التداولية، وعلاماته السيميوطيقية التي تقوم بوظيفة الاحتواء لمدلول النص الشعري. وعبر المؤشرات الأسلوبية لديوان فقدان المناعة- يضيف الباحث ابراهيم أمغار- نكتشف الإحصائيات التي نتخدها مؤشرا سيميائيا للعنوان بوصفه نصا مستقلا، ومنها أن عدد العناوين التي جاءت مفردة في كلمة واحدة 13 عنوانا، ترد كلها ضمن القسم الأول من الديوان الذي اختار له الشاعر اسم صور مختلة، ماعدا عنوانا واحدا (احتضار) يرد ضمن القسم الثاني المعنون ب " تفاصيل شائكة" التي بلغ فيها عدد العناوين المركبة تركيبا إضافيا 10 عناوين تتوزع بين المركب الوصفي(عزلة وارفة)، والمركب الإسنادي (ترقب على عتبة باب البحر)، والمركب العطفي (الليل والعربة). ولا يستطيع القارئ أن يفصل نفسه عن ربط العمل الشعري "فقدان المناعة" بمرض فقدان المناعة المكتسبة أو السيدا، الأمر الذي يثير مفارقات دلالية بين قصيدة شعرية ومرض مزمن فتاك. فضلا عن أفق الانتظار الذي يشكله في ذهن القارئ ويثير الدهشة والاستغراب والتساؤل. فالعنوان مرتبط بالمرض والقصيدة تبدأ بالحديث عن الممرضة وتضعنا في أجواء إحدى المستشفيات. لكن عن أي مناعة يتحدث الشاعر؟ مناعة الجسد تجاه الفيروسات أم مناعة الذات اتجاه مظاهر المسخ والتزييف وتشيئ الإنسان المعاصر في ظل وسائل التكنولوجيا الحديثة.
وفي مداخلتها تعمدت الباحثة أسماء كريم ربط تجربة الشاعر عبدالسلام دخان بمرجعياته الجمالية المتعددة خاصة منها الفلسفية التي جعلته يلامس معالم الحياة بوعي عميق يتجلى في أسماء الأعلام والرموز والتيمات فضلا عن توظيفه للأسطورة ليعمل على إثارة الانتباه  بعين الناقد لتحولات الواقع كما هو الحال في قصيدة برج الأسد حيث تبرز قدرته على التقاط تفاصيل الحياة اليومية والانتباه لما يبدو عاديا مثل النشرات الإخبارية وتقديمها برؤية جمالية ترتبط بالفضاء العام، فضاء المدينة  التي يعبر الشاعر عن حبه الكبير لها من خلال  استحضار أبعادها التاريخية والأسطورية. وفي الوقت نفسه يعبر الشاعر عبد السلام دخان عن اختلالات مدينة اخرى لها حضور كبير في ديوانه ن ونقصد بذلك مدينة طنجة. يعمل الشاعر- تضيف الباحثة أسماء كريم- على رصد اختلالاتها، فطنجة مدينة لا تعرف الحلم، فهي المدينة التي تطلب الإرتواء فلا تجد غير اللعنة، في إشارة إلى غياب الجانب المشرق في سيرة هذه المدينة المتوسطية. والذات الشاعرة مرتبطة بلحظة ذوبان مبني على الصدفة، وعلى نفس تشاؤمي، وعلى ضدية كما هو الحال في قصيدة نزوة حيث صورة المرأة تتشكل بضدية الدلالة، وبالاستعارة القائمة على الرماد، والهباء، والظل. وهي عناصر تحيل على المنفلت، وعلى الخفة مقابل الثقل.الميوعة مقابل الصلابة. مما يجعل تركيب الصور في ديوان" فقدان المناعة" بالغ الصعوبة. لذلك فاللغة الشعرية قائمة على التكثيف من أجل الرهان على قوة دلالية ترتبط بطاقته التخييلية وقدراته التركيبية التي تجعل من ديوان فقدان المناعة شفرات تحتاج لأكثر من قراءة دقيقة.
وفي السياق نفسه فالكتابة الشعرية لدى عبد السلام دخان ترتبط بتيمة الموت على حد تعبير الباحثة فاطمة الزهراء مجط  فالشاعر لا يستطيع الشاعر عبد السلام دخان التخلص من قصيدة لينشئ قصيدة أخرى جديدة ،مستقلة في المعنى و في المعجم لأن فكره تحكمه عناصر متعددة،وكذالك قصائده( في الديوان ككل) فهي قصيدة واحدة تحكمها العناصر التالية: الماء، الهواء، النار، التراب، الحلم، المرأة، الأسى و الحزن،الموت، الريح، السفر.ويتسم الديوان بحضور عناصر الطبيعة : وهنا حضور الفكر الفلسفي وتشبعه بمبادئ فلاسفة الطبيعة. وبحضور الأسطقسات :الماء، الهواء، النار، التراب. والحلم الذي يطل منه على اللاشعورليحقق به آماله ويخلق به عالمه المكتمل. و المرأة :هي الوطن ، وهي عروسة الشمال ،هي العون والسند والرأفة ، لها أوصاف حددها بالنقيض في قصيدة " نزوة".غير أن الأسىهو الدافع الأساس لكتابة قصائده .ولا تكاد تخلو كل قصيدة من كلمة الريح التي تحمل الدخان وتنتقل بها شمالا وجنوبا ؛ إما بحثا عن الكلمة أو بحثا عن دفئ العائلة . ويمكن وصف المجموعة الثانية من عمله الشعري بتفاصيل الأنا والآخر ، و العالم . هذا الأنا يخشى المواجهة لا قدرة له على قول نعم أو لا هو كائن رقمي يهوى التواصل الافتراضي والسينما ، هو الذي يريد أن يصرخ لكنه لا يصرخ إلا في صمت؛ ويصرخ بالبياض ، ولا يجد نفسه إلا في : فال فلوري ، ومغارة هرقل ، وأوبيدوم نوفوم ،و اللكوس ،و ليكسوس ، و باب البحر،و تمودة، و طنجيس. أما الآخر فهو كاذب (الممرضة)، ومتناقض (المثقف العضوي) ومع ذلك فهو يبعث بالسلام (إلى الرفاق المدججين بأحلام لنين).والسؤال الذي يراودنا بعد هذا الكشف عن موضوعة الموت في الديوان لماذا دخان الأسى تحمل عبء هذه الرحلة الطويلة في البحث عن جزيرة الموت بسفينته المثقلة بالأحزان؟ لماذا لم يختر رحلة الحياة والحياة البديلة ؟إنه يرى في الموت الحياة البديلة ، وقد نضج لديه هذا التصور و اكتمل عندما انتهت رحلة الشريف المصباحي دخان ،رحمه الله ، في الحياة. فكتب بنفسه و لنفسه "شهادة الوفاة".
 وحملت كلمة المحتفى به الشاعر عبد السلام دخان الموسومة ب"التفكير بالشعر" علاقته بتربته الأصل القصر الكبير، المدينة العريقة بتاريخها وبمنجزها الشعري الكبير، وبتعدد شعراءها وشواعرها. وأكد صاحب " ضد الجاذبية" أن تعدد المرجعيات الفكرية والجمالية لا يمنع من ارتباط الشعر بالوجدان، فالقصيدة تتميز بقدرتها على تشوف الذات الإنسانية في مختلف حالاتها النفسية، وبقدرتها على تطوير ألسنية الأنساق ، وعلى الحرية في الخلق، والتشكيل الإيقاعي طالما أن الشعر يقول العالم عبر إنتاج الصور الاستعارية . وعبر التفكير بالشعر الذي يستطيع أن يخرج من سلطة الشكل ويؤسس للأنموذج على حد تعبير هوسرل. وفاعلية الشعر ترتبط بطاقتة وقدرتة على خرق الجدران والمألوف، والإنصات للأبعاد الإنسانية، والكشف، والإيحاء المستقبلي.، و طموح القصيدة المعاصرة هو الارتباط بالإنسان وبالأرض. وأنشد صاحب" محارب بلا جبهة" قصيدته الجديدة" بيت أمي الآمن" هدية لكل الأمهات بمناسبة يومهن العالمي.ليختتم اللقاء بتوقيع ديوانه الأخير" فقدان المناعة"، وبحفل شاي على شرف المحتفى به.



 
  (2014-03-26)
Partager

تعليقات:
أضف تعليقك :
*الإسم :
*البلد :
البريد الإلكتروني :
*تعليق
:
 
 
الخانات * إجبارية
 
   
   
مواضيع ذات صلة

تجليات الفقدان في تجربة عبد السلام دخان الشعرية، بأيت ملول-

متابعات  |   ناصية القول  |   مقالات  |   سينما  |   تشكيل  |   مسرح  |   موسيقى  |   كاريكاتير  |   قصة/نصوص  |   شعر 
  زجل  |   إصدارات  |   إتصل بنا   |   PDF   |   الفهرس

2009 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة الأدبية
Conception : Linam Solution Partenaire : chafona, sahafat-alyawm, cinephilia