المغرب يودع عالم المستقبليات المهدي المنجرة-عالم المستقبليات المهدي المنجرة
طنجة/الأدبية، الجريدة الثقافية لكل العرب. ملف الصحافة 02/2004. الإيداع القانوني 0024/2004. الترقيم الدولي 8179-1114 

 
متابعات

المغرب يودع عالم المستقبليات المهدي المنجرة

  المهدي المنجرة    

بعد صراع مع المرض توفي عالم المستقبليات المغربي المهدي المنجرة عن سن يناهز 81 عاما، وقد ثم تشييع جنازته بالرباط من طرف مثقفين وسياسيين وحقوقيين وسط موكب جنائزي مهيب.


ازداد المهدي في 1933 بالرباط، في وسط عائلي تطبعه القيم المسلمة والدعوة الإصلاحية. وكان والده "امحمد المنجرة' مهتما بالعلوم المستقبلية حيث أسس سنة 1924 أول نادي عربي متخصص في الطيران.


بدأ المهدي دراسته الابتدائية في 1941 ب «ليسي غورو» حيث لم تخل دراسته من المصادمات مع المسؤولين الفرنسيين بسبب معاداته للاستعمار، وفي أحد العطل الصيفية بمدينة إفران، لاحظ المهدي كلباً يملكه أحد المستعمرين الفرنسيين يشرب من ماء المسبح الذي كان متواجدا به، فاحتج المهدي على ذلك، فرد عليه رجل فرنسي: طالما العرب موجودين في المسبح لماذا نرفض الكلاب؟ فرد المهدي على ذلك العنصري بكلمات واصفا إياه بأوصاف جارحة عبرت عن رفضه لتلك الكراهية والعنصرية المرضية الفوقية إزاءه كمغربي، كان ذلك العنصري أحد المستعمرين الفرنسيين الذي يمثل رئيس فرقة الأمن الإقليمي بإفران، فلم يتردد في استدعاء الشرطة واعتقاله لمدة عشرة أيام. ويقول المهدي أن الحادث قد مسه في وجدانه، وكان بمثابة الفصل في حياته الفكرية والتأمّلية.


وبعد استقراره بالدار البيضاء درس بثانوية "ليوطي" بين 1944 و1948. وبعد أن حصل على الباكالوريا، أرسله والده للدراسة في أمريكا.و التحق المهدي بمؤسسة "بانتي"، ثم التحق بجامعة كورنل وتخصص في البيولوجيا والكيمياء. غير أن ميولاته السياسية والاجتماعية دفعته إلى المزاوجة بين دراسته العلمية من جهة، والعلوم الاجتماعية والسياسية من جهة ثانية، وفتحت إقامته بأمريكا عينيه على العمل الوطني والقومي. ومن هذا المنطلق كان انشغاله بمكتب الجزائر والمغرب بالأمم المتحدة، كما تحمل رئاسة رابطة الطلاب العرب. وبعد رفضه التجنيد الإجباري الذي كان مفروضا آنذاك على كل حاملي البطاقة الخضراء، حيث رفض المشاركة في الحرب الكورية، اختار أن يغادر إلى لندن سنة 1954 لمتابعة دراسته العليا بكلية لندن للاقتصاد حيث قدم أطروحته لنيل شهادة الدكتوراه حول موضوع "«الجامعة العربية، البنية والتحديات»". وفي سنة 1957 عاد إلى المغرب ليعمل كأول أستاذ محاضر مغربي بكلية الحقوق بجامعة محمد الخامس وتولى في هذه الفترة إدارة الإذاعة والتلفزة المغربية بعد أن عينه الملك محمد الخامس على رأسها. وعرضت عليه مناصب وزارة المالية والوزارة الأولى في الحكومة المغربية، لكنه رفض بحجة التفرغ للثقافة والبحث العلمي.


وعرف عن المهدي خصومته الدائمة مع النخبة الحاكمة في المغرب، التي غالبيتها الكبرى خريجة المدارس الفرانكفونية، بينما المهدي المنجرة كان تكوينه أنغلوساكسوني فكان للمهدي المنجرة مفاهيم فكرية جديدة مثل «الاستعمار الجديد» و«الميغا-امبريالية» وسخر كتاباته ضد جشع النيولبرالية-الامبريالية الجديدة المتوحشة والدفاع عن حق العالم الثالث في التنمية المستقلة وكتب عن نظام دولي يقوم على العدالة والإنصاف والكرامة لكل الشعـوب والمجتمعات.


وكان للمهدي عدة نشاطات دولية ففي سنة 1962 عينه "روني ماهو" المدير العام لليونسكو آنداك المدير العام لديوانه. وفي سنة 1970 عمل بكلية العلوم الاقتصادية بلندن أستاذا محاضرا وباحثا في الدراسات الدولية. وخلال سنتي 1975 و 1976 تولى مهمة المستشار الخاص للمدير العام لليونسكو. وانتخب رئيسا "للاتحاد العالمي للدراسات المستقبلية" سنة 1981. كما شغل منصب منسق لمؤتمر التعاون التقني بين الدول الأفريقية (1979-1980). وكان عضوا بالأكاديمية العالمية للفنون والعلوم، والأكاديمية الأفريقية للعلوم، والأكاديمية الأوروبية للعلوم والفنون والآداب، والجمعية العالمية للمستقبل، والاتحاد العالمي للمهندسين المعماريين، ومنتدى العالم الثالث، ونائب رئيس جمعية الصداقة بين المغرب واليابان. وكان المهدي المنجرة أصغر عضو سنا ضمن نادي روما منذ تأسيس النادي سنة 1968. بعد تأليفه كتاب "نظام الأمم المتحدة" سنة 1973، خرج من هذه المؤسسة الأممية سنة 1976 وتخلى عن جميع حقوقه فيها من تقاعد والتخلي معه عن الإستفادة من راتبه معه، بعد تيقنه أن القيم التي تسير عليها الأمم المتحدة، وتخدم لصالحها، هي القيم المسيحية اليهودية.


وكان المنجرة أحد ثلاث مؤلفي التقرير الثاني لنادي روما والذي نال استحسان الجميع من المختصين، الذي صدر سنة 1979م تحت عنوان: "لا حدود للبحث والدراسة"، والذي ترجم إلى 12 لغة عبر العالم. وفي سنة 1986 منحه الإمبراطور الياباني وسام الشمس المشرقة الوطني، عن بحث بخصوص أهمية النموذج الياباني بالنسبة لدول العالم الثالث. وتولى عمادة الجامعات اليابانية في تسعينات القرن العشرين، كما وتولى رئاسة لجان وضع مخططات تعليمية لعدة دول أوروبية. اشتهر بكونه المؤلف الذي نفذت طبعة كتاب له في اليوم الأول من صدورها، واعتبرت كتبه الأكثر مبيعا في فرنسا ما بين 1980 و 1990. وخصص صندوقا خاصا من تلك العائدات المالية لمنح «جائزة التواصل شمال جنوب»، التي منحها لإسمين من مبدعي المغرب والعالم في مجالات الفنون والكاريكاتور والسخرية والتفكير النقدي، ومن الذين حصلوا عليها: وزير العدل الأمريكي رمزي كلارك والفنان العراقي منير بشير، والفنان المغربي الساخر أحمد السنوسي وفنان الكاريكاتير المغربي العربي الصبان، وأيضا للمسرحي المغربي الطيب الصديقي والمسرحي البوسني إبراهيم سابهيك، وفي سنة 2000 منحت لأول طفلة مغربية ولدت في القرن الواحد والعشرين هي «آمال بوجمعة» وأيضا للياباني فوجيوارا عن أعماله العلمية الدقيقة لصالح البيئة. وحوّلها لاحقا إلى جائزة لمن يدافع عن الكرامة.


وفي سنة 1990 أسهم بشكل فعّال ومتميّز في تنظيم أوّل لقاء حول مستقبل الإسلام، وكان ذلك بالجزائر العاصمة، وشارك في اللقاء العديد من العلماء والمثقفين من بينهم الغزالي والغنوشي والترابي والقرضاوي. وحصل إجماع بين مجمل الحاضرين بخصوص أن الإسلام وصل إلى أسوأ درجة من التقهقر في العصر الحالي لأن المسلمين ابتعدوا عن الاجتهاد والتجديد وسجنوا أنفسهم في ماض دون الانفتاح على المستقبل. وأن الإسلام كان دينا شديد الارتباط بالمستقبل، ويولي أهمية بالغة للمستقبل (مع واجب التمييز بين المستقبل والغيب). وفي نهاية اللقاء اتفق الجميع على ضرورة التصدي للأمية ومحاربة الفقر عبر توزيع عادل للثروات داخل البلدان وفيما بينها، وتخصيص استثمارات أكبر وأهم للبحث العلمي، للخروج بالعالم الإسلامي من نطاق الدول المتخلفة.




 


«ليس هناك قوة غربية مستعدة لقبول قيام أنظمة ديمقراطية حقيقية وفعلية بالعالم الإسلامي. لأن مثل هذا التغيير سيضرب مصالحها التي توفرها لها، وبسخاء، الأنظمة المرتشية القائمة حاليا". المهدي المنجرة.»







  من مؤلفاته:
يؤلف المهدي المنجرة في القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية والفكرية، ويهتم بالخصوص بقضايا الحقوق والعولمة والقيم والاستراتيجيا والتنمية وثنائية التطور والتخلف. يتقن عدة لغات ويؤلف بالعربية والفرنسية والإنجليزية واليابانية. ألف المهدي المنجرة أكثر من 500 مقالة في العلوم الاقتصادية، السوسيولوجية والإنسانية.ومن أهم كتبه :
نظام الأمم المتحدة : تحليل. 1973
من المهد إلى اللحد. ط 1, القاهرة، 1981, ط 3 النجاح الجديدة الدار البيضاء، 2003.
الحرب الحضارية الأولى. منشورات العيون، الرباط، 1991, ط. 7, النجاح الجديدة.
القدس العربي، رمز وذاكرة، ط 1. مطبعة وليلي، مراكش، 1996, ط 3 النجاح الجديدة، الرباط 2002.
حوار التواصل، منشورات شراع، طنجة؛ 1996, ط 10، مطبعة النجاح الجديدة - الدار البيضاء. 2004.
مسار الكفر، حوارات مع حسن نجمي ومحمد بهجاجي، منشورات وليلي، مراكش،1997. ط 4, مطبعة النجاح الجديدة - الدار البيضاء. 2003.
عولمة العولمة.منشورات الزمان 1999.
انتفاضات في زمن الذلقراطية.منشورات البوكيلي، القنيطرة 2002
الإهانة في عهد الميغاإمبريالية.2004. ط 2, 2005 مطبعة النجاح الجديدة - الدار البيضاء.
قيمة القيم.، ط 1, 2007, ط 2 2007, مطبعة النجاح الجديدة - الدار البيضاء.[20]

جوائزه:
حاز المهدي المنجرة على عدد من الجوائز والأوسمة، منها:
جائزة الأدب الفرنسي في جامعة كورنيل (1953).
وسام الاستقلال بالأردن (1960)
وسام ضابط للفنون والآداب بفرنسا (1976).
الجائزة الفضية الكبرى للأكاديمية المعمارية بباريس (1984).
وسام الشمس المشرقة باليابان (1986)
جائزة السلام لسنة 1990 من معهد ألبرت آينشتاين الدولي.
  عالم المستقبليات المهدي المنجرة (2014-06-16)
Partager

تعليقات:
العربي الرودالي /تمارة-المغرب 2014-06-17
*رجل بحجم العالم، شامخ ومتجاوز للإغراءات البراقة...
لم يبع نفسة قط لا للداخل ولا للخارج..حياته كلها جهود وعمل، ولذا فقد أعجب باليابانيين الذين قدروا نبوغه وعبقريته...ما أحوجنا وما أحوج وطننا إلى ظهور نماذج من أمثال هذا الرجل الزاهد في كل شيء إلا في العلم والعمل..رحمه الله وخلده في جنانه الفسيحة
البريد الإلكتروني : mr.roudali@yahoo.fr

أضف تعليقك :
*الإسم :
*البلد :
البريد الإلكتروني :
*تعليق
:
 
 
الخانات * إجبارية
 
   
   
مواضيع ذات صلة

المغرب يودع عالم المستقبليات المهدي المنجرة-عالم المستقبليات المهدي المنجرة

متابعات  |   ناصية القول  |   مقالات  |   سينما  |   تشكيل  |   مسرح  |   موسيقى  |   كاريكاتير  |   قصة/نصوص  |   شعر 
  زجل  |   إصدارات  |   إتصل بنا   |   PDF   |   الفهرس

2009 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة الأدبية
Conception : Linam Solution Partenaire : chafona, sahafat-alyawm, cinephilia