قراءة في رواية لامبيدوزا لعبد الرحمان عبيد-خنساء دحمني-المغرب
طنجة/الأدبية، الجريدة الثقافية لكل العرب. ملف الصحافة 02/2004. الإيداع القانوني 0024/2004. الترقيم الدولي 8179-1114 

 
مقالات

قراءة في رواية لامبيدوزا لعبد الرحمان عبيد


يضع عبد الرحمان عبيد من خلال روايته لامبيدوزا اصبعه على جرح عميق في حياة شريحة كبيرة من المغاربة ،مرده إلى حلم يفرض عليهم نفسه، حلم العبور إلى اوروبا يوم كان بريقها لامعا ،قبل ان يبهت مع جر ذيول الأزمة. حلم يتمخض عن قصر ذات اليد وقلة الحيلة ،في ظل واقع
البطالة المرير، الذي يجد ا لشاب نفسه فريسة بين أظافره دون رحمة.
الكاتب في النص هو السارد وهو الشخصية المحورية مما يجعل النص اقرب إلى المحكي السيرذاتي، فعبد الرحمان شاب حامل شهادة جامعية، ينحدر من وسط المغرب – بني ملال- موطن الحالمين  بالهجرة في المغرب .
كانت وجهته في البداية ليبيا : البلد النفطي الذي استقوى بعضهم على الأجانب في بلدهم ،و تعودوا على إدلالهم، وكأنهم كانوا ينتقمون  لكرامتهم المنتهكة تحت قيادة مستبدة قبل الثورة .
زكمت عفونة الإيديولوجيا أنف عبد الرحمان قبل أن تطأ رجله هذا البلد،حاول جاهدا البحث عن عمل ، إلى أن اقتنع بضرورة مزاولة أنشطة تافهة ،تداس معها  الشهادة والكرامة والإنسانية...
ومن خلال تحاوره مع شخصيات عدة،يكشف السارد عن الوضعية الدونية للعمالة الأجنبية والعربية خصوصا بهذا البلد،وهي تمارس الارتزاق في شوارع  طرابلس.
لم يكن البلد الذي حظي بحصة الاسد في النص،بالنسبة لعبد الرحمان وكذا بالنسبة للكثيرين سوى معبر لتحقيق الحلم الوردي الذي طالما داعب المخيلات وزار حتى أحلام اليقظة .إنه حلم الوصول إلى لامبيدوزا.
انتهى مقام عبد الرحمان في ليبيا وهو حانق على ممارسات الميز والإقصاء.
 توجه إلى تونس حيث تضخم الحلم  ومعه الرغبة في معانقة العالم الآخر.وبعد الالتقاء ببعض الراغبين في خوض غمار هذه التجربة،تمكن عبد الرحمان من توفير المبلغ على مضض ليمتطي مركب الموت. وفي عرض البحر وبالضبط في ليلتهم الثانية،كان المغامرون على موعد مع مأساتهم ،كشر البحر عن أنيابه،وكانت ليلة ليلاء.برع السارد في وصف الغضب والشراسة اللذين  أذاق البحر الجماعة إياهما دون رحمة،فجلد الحالمون بسياط حلمهم حتى تعطلت وظائف الأجساد،وتذوقت النفوس جرعات الموت جرعة جرعة.،هنا تتداخل مشاعر الشخصيات بمشاعر القارئ الذي يحس نفسه يذوب هو الآخر في التجربة المريرة،فيتدغدغ الوجدان.
وأخيرا جاد القدر بالنجاة بعد مكابدة مريرة.نجاة في مقابل تبدد الحلم بالوصول إلى لامبيدوزا،بل وتلاشيه نهائيا.
مفلسا خرج عبد الرحمان من التجربة بعد فشلها.فعاد إلى فراغ أثقل،ثم عادت به الأقدار مرة اخرى إلى ليبيا ليمارس الأنشطة التافهة ذاتها،أنشطة سخيفة وأرباح أسخف. هنا تظهر في النص شخصيات عديدة لكن أغلبها يتقاطع مع عبد الرحمان في الضياع واللاقيمة.
وفي غمرة الضياع، تجرعت مسامع عبد الرحمان نبأ وفاة  أمه،نبأ عجل بعودته إلى الوطن،عاد وهو يجر ذيول الخيبة،ونفسه مزيج من الشجن والأسى وعدم الرضى.
"لامبيدوزا" تجربة حريك  مريرة،حلم ببريق أوربا هروبا من واقع قاس . نص تخيم عليه هالات الحزن الدفين من بدايته حتى متمه ..ينتهي الحلم بالإعراض عنه بعد أن فاحت منه روائح الموت  بلا عنوان .
وليكون عظة لكل من لا يزال  خياله يغزل خيوط الحلم الوردي ..



 
  خنساء دحمني-المغرب (2014-07-23)
Partager

تعليقات:
أضف تعليقك :
*الإسم :
*البلد :
البريد الإلكتروني :
*تعليق
:
 
 
الخانات * إجبارية
 
   
   
مواضيع ذات صلة

قراءة في رواية لامبيدوزا لعبد الرحمان عبيد-خنساء دحمني-المغرب

متابعات  |   ناصية القول  |   مقالات  |   سينما  |   تشكيل  |   مسرح  |   موسيقى  |   كاريكاتير  |   قصة/نصوص  |   شعر 
  زجل  |   إصدارات  |   إتصل بنا   |   PDF   |   الفهرس

2009 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة الأدبية
Conception : Linam Solution Partenaire : chafona, sahafat-alyawm, cinephilia