مسلخ داعش-ماجدة غضبان -العراق
طنجة/الأدبية، الجريدة الثقافية لكل العرب. ملف الصحافة 02/2004. الإيداع القانوني 0024/2004. الترقيم الدولي 8179-1114 

 
مقالات

مسلخ داعش

  د.ماجدة غضبان كاتبة عراقية    

في طريقنا الى المسلخ، لم أشعر بأي خوف.. بدوت كأنني ذاهبة في نزهة على شاطيء ما لم اره من قبل..

النخيل الذي أصطف على الطريق العاري من رهبة الإختفاء شهد بإخضراره مويجات معتدلة الصخب بين صهيل سنابك الموت السوداء.. بعض رطبه سال بعسله على وجنات الأرض الكالحة تحته دونما كبرياء..

ألفة مع الشارع المعبد أمام سيارة الأجرة التي تقلني نحو المسلخ العام منحتني الكثير من السكينة..

قد مر أولادي من هنا قبل سنوات.. كذلك زوجي، و أمي، و شقيقاتي جميعا..

لست أدري ان صرخوا هلعا، أم اعتراهم الذهول.. لست أدري شيئا..

مثل جميع الناس أدركت ان من يسلك درب المسلخ لن يعود، و ان ما يحدث هناك كالذي يحدث في جنة و نار بعد قيامة، لا علم لأحد به..

و لم يكن عسيرا علي ان أفهم اني لن ألتقيهم أحياء هناك، فهذا مسلخ، و قد يكون مصير العجول و الخرفان مترف ازاء مصيري الذي سيمر بمراحل موت ابن المقفع او الحلاج قبل أن أهمد الى الأبد..

ودعت بعينين نهمتين كل مظاهر الحياة، الشمس، و النخيل، و العشب الذي نما بشكل عشوائي هنا و هناك..

أرهقتني نظرات السائق الملحة في مرآة السيارة.. كأنه ينتظر مني ردة فعل سوى لامبالاتي الغريبة، و حملقتي في النافذة دون تساؤل أو حتى احتجاج..

_أتعلمين أين أنت ذاهبة؟

-بلى..

_أتعلمين ما يحدث هناك؟

_بالطبع لا..

_هل عاد أحد من أهلك الذي غادروا بسيارتي هذه؟

_لا..

_لم أنت صامتة اذن؟

_لأنني ذاهبة للمسلخ..

_أيتها الحمقاء، انه ليس جزيرة سياحة..

_اني أراه كذلك..

_عجبا..

_ما العجب، ألست السائق الذي حمل سائق الأجرة السابق الى المسلخ؟

_بلى

_ألن يكون هنالك يوما ما سائق أجرة آخر يأخذك اليه؟

-على الأغلب..

_لم تعيش نشوة اقتيادي اذن؟في طريقنا الى المسلخ، لم أشعر بأي خوف.. بدوت كأنني ذاهبة في نزهة على شاطيء ما لم اره من قبل..
 
النخيل الذي أصطف على الطريق العاري من رهبة الإختفاء شهد بإخضراره مويجات معتدلة الصخب بين صهيل سنابك الموت السوداء.. بعض رطبه سال بعسله على وجنات الأرض الكالحة تحته دونما كبرياء..
 
ألفة مع الشارع المعبد أمام سيارة الأجرة التي تقلني نحو المسلخ العام منحتني الكثير من السكينة..
 
قد مر أولادي من هنا قبل سنوات.. كذلك زوجي، و أمي، و شقيقاتي جميعا..
 
لست أدري ان صرخوا هلعا، أم اعتراهم الذهول.. لست أدري شيئا..
 
مثل جميع الناس أدركت ان من يسلك درب المسلخ لن يعود، و ان ما يحدث هناك كالذي يحدث في جنة و نار بعد قيامة، لا علم لأحد به..
 
و لم يكن عسيرا علي ان أفهم اني لن ألتقيهم أحياء هناك، فهذا مسلخ، و قد يكون مصير العجول و الخرفان مترف ازاء مصيري الذي سيمر بمراحل موت ابن المقفع او الحلاج قبل أن أهمد الى الأبد..
 
ودعت بعينين نهمتين كل مظاهر الحياة، الشمس، و النخيل، و العشب الذي نما بشكل عشوائي هنا و هناك..
 
أرهقتني نظرات السائق الملحة في مرآة السيارة.. كأنه ينتظر مني ردة فعل سوى لامبالاتي الغريبة، و حملقتي في النافذة دون تساؤل أو حتى احتجاج..
 
_أتعلمين أين أنت ذاهبة؟
 
-بلى..
 
_أتعلمين ما يحدث هناك؟
 
_بالطبع لا..
 
_هل عاد أحد من أهلك الذي غادروا بسيارتي هذه؟
 
_لا..
 
_لم أنت صامتة اذن؟
 
_لأنني ذاهبة للمسلخ..
 
_أيتها الحمقاء، انه ليس جزيرة سياحة..
 
_اني أراه كذلك..
 
_عجبا..
 
_ما العجب، ألست السائق الذي حمل سائق الأجرة السابق الى المسلخ؟
 
_بلى
 
_ألن يكون هنالك يوما ما سائق أجرة آخر يأخذك اليه؟
 
-على الأغلب..
 
_لم تعيش نشوة اقتيادي اذن؟
 
_لازلت أمتلك الوقت..
 
_أنا أيضا أمتلك الوقت حتى الوصول، و أتمنى أن تصمت لأستمتع بكل ما حولي الآن..
 
وقفت السيارة أمام باب أسود كبير موشوم بعشرات الأكف الدامية..
 
_لم يعد من متعة بعد الآن..
 
رن صوته مبتهجا
 
ترجلت من السيارة نحو البوابة، و السائق يتبعني بذهول...
 
دلفت المسلخ، و في رأسي سؤال واحد:
 
_من أوصل سطوري هذه الى قرائها؟؟
 
 
 


_لازلت أمتلك الوقت..

_أنا أيضا أمتلك الوقت حتى الوصول، و أتمنى أن تصمت لأستمتع بكل ما حولي الآن..

وقفت السيارة أمام باب أسود كبير موشوم بعشرات الأكف الدامية..

_لم يعد من متعة بعد الآن..

رن صوته مبتهجا

ترجلت من السيارة نحو البوابة، و السائق يتبعني بذهول...

دلفت المسلخ، و في رأسي سؤال واحد:

_من أوصل سطوري هذه الى قرائها؟؟




 
  ماجدة غضبان -العراق (2014-08-21)
Partager

تعليقات:
العربي الرودالي /تمارة-المغرب 2014-08-21
هو مسلخ رهيب ومخيف...كان عراق كبير...ما كانت خفافيش الظلمة لتجول وتصول بمسلخها هذا..كثرت المسالخ..كثرت الكوابيس...ضاعت الأحلام..لك الله يا عراق..يا عريق..ياعروق...كتابة أنيقة وشجاعة وغاضبة...
-شكرا ماجدة غضبان
البريد الإلكتروني : mr.roudali@yahoo.fr

العربي الرودالي /تمارة-المغرب 2014-08-21
هو مسلخ رهيب مخيف...كان عراق كبير...ما كانت خفافيش الظلمة لتجول وتصول بمسلخها هذا..كثرت المسالخ..كثرت الكوابيس...ضاعت الأحلام..لك الله يا عراق..يا عريق..ياعروق...كتابة أنيقة وشجاعة وغاضبة...
-شكرا ماجدة غضبان
البريد الإلكتروني : mr.roudali@yahoo.fr

أضف تعليقك :
*الإسم :
*البلد :
البريد الإلكتروني :
*تعليق
:
 
 
الخانات * إجبارية
 
   
   
مواضيع ذات صلة

مسلخ داعش-ماجدة غضبان -العراق

متابعات  |   ناصية القول  |   مقالات  |   سينما  |   تشكيل  |   مسرح  |   موسيقى  |   كاريكاتير  |   قصة/نصوص  |   شعر 
  زجل  |   إصدارات  |   إتصل بنا   |   PDF   |   الفهرس

2009 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة الأدبية
Conception : Linam Solution Partenaire : chafona, sahafat-alyawm, cinephilia