رحلة رفقة رَقّاصِ السّاعة-محسن العافي-المغرب
طنجة/الأدبية، الجريدة الثقافية لكل العرب. ملف الصحافة 02/2004. الإيداع القانوني 0024/2004. الترقيم الدولي 8179-1114 

 
قصة/نصوص

رحلة رفقة رَقّاصِ السّاعة

  محسن العافي    

جلس عادل  في الميناء الذي يحوم حوله رقاص الساعة السريع ، فتسمر في مكانه منحني الرأس حتى لا يوقف حركة تلك العقارب ،كان الهدوء يملأ المكان ،لا يُسمع شيء غير تلك الدقات الرتيبة التي تصاحب حركة الرقاص ،أَحَسَّ هدوءا وتَوارِيّا لم يحس مثلهما في حياته ، صوت الريح الذي يملأ الدّنيا وأفقها ،لم يمنع ذلك الصوت الذي تحدثه تلك الحركة المنتظمة في هاته الليلة الباردة المظلمة ، كان ذلك الصوت يلامس طبلتي أذنيه، فاهتزت أهداب عينيه وانتبه إلى ما يفعله ذلك الرقاص،ثم خاطبه قائلا:
عَجِبْتُ لأمرك!! فأنت لا تمَلُّ ولاتَكَلُّ تظل على ذات الحال ليلا ونهارا .
الرقاص:ويلك!  أما أيقظ فيك روحا مرحة ذلك القول الذي تردد على سمعك مرارا ؟
رد عادل : أي قول هذا الذي تتحدث عنه  ؟
الرقاص : "الوقت كالسيف إن لم تقطعه ...."
استوقف عادل الرقاص وتَوَسّلَ إليه ألا يكمل، ثم قال  كلما ذُكِرَ هذا القول على مسمعي أو قرَأْتُه ،إلّا ويتجلَّى لي عبثي باديا كشمس بازغة ،فتَتَأَتَّى لي صور من زمن مضى ،وأوقات أخرى ذهبت سُدىً ولا منفعة تُذْكر في ثناياها،لذلك فأنا أبتعد عن كل ما يذكرني بما ضاع مني وقد اشتعل الرأس شيبا ، ولم يعد في وسعي تَدَارُك ما مضى  .
الرقاص :أنا هكذا أقطع سكون الليل ووحشة ظلمته بدقاتي تذكرة لبني الإنسان، فصَرْح الزمان عندي عال ليس كما هوعند باقي الكائنات ،حيث لا مفر من تمتين روابط المحبة والإحترام للوقت، واقتحام عالم الوحشة والكآبة والإنزواء، وسبر خبايا تلك السراديب الموحشة، التي أخفاها الليل بظلمته وقضّ مضاجع شتى ،ثم جلاها النهار بنوره، فازَّينًتِ الأرض والسّماء   .
دار الرّقَّاصُ دورات عدة حول الميناء ، فلامس شعيرات من رأس عادل ،التصقت إحداها به ،دار بها حول الميناء دورة كاملة ، ثم التصقت برأسه مرة أخرى .
قال عادل: ماذا يحدث؟ ماذا هناك ؟
الشُّعَيْرَةُ :  أنا منك يا عادل ، ذهبتُ في جوْلة رفقة الرّقاص فجأة ،عددت تلك الثّواني ،ما أطولها من أيام قضيتها في هذه الجولة السريعة ،الآن عرفت أن الرقاص جَادٌّ في عمله ،مُرغَم على ضبط حركاته وسكناته ، من أجل تذكيرنا أينما حل وارتحل فكنت ممتطية ظهره ،وأنا أحاول أن أتمسك به جيدا حتى لا أسقط وأتيه في ذلك الفضاء الرحب ،الذي حوى تلك الأرقام  الجاثمة المخيفة ،التي تلتهم الدقائق والساعات والأيام التهاما،كنت منكبة معه في عمله المضني ، حتى أحسست اختلاف الزمان بين عالمك وعالمه ، فأنت ذلك الكسلان الذي لا يأبه لحال هذا الزمان ،وهو ذاك الذي يكد ويجتهد في عمله من أجلك ومن أجل الآخرين ،فلم تنتبه له، ولم تُعِر الوقت الذي يَعُدُّه أدنى قيمة ،فبمحاذاتك أخذ شيئا منك ليكون شاهدا على عبثك،وطاف به وأنت لا تدري ،ثم خاطبك من خلال نفسك ،ومن خلال أشياء تناثرت من جسمك لتستفيق من غفوتك ،لكن هيهات! هيهات!  أن يتيسر لك ذلك أيها الإنسان .



 
  محسن العافي-المغرب (2014-10-15)
Partager

تعليقات:
يوسف /طنجة 2014-10-16
*** شوف اوليدي شحال في الساعة
اجابها بسرعة الصغير على الثانية عشر والكبير على الحادية عشرة
جرت بسرعة نحو المطبخ
جري جيب الخبز دبا غادي ابوك ادخل باش تمشي لمدرسة ***
البريد الإلكتروني : elctriktr@gmail.com

أضف تعليقك :
*الإسم :
*البلد :
البريد الإلكتروني :
*تعليق
:
 
 
الخانات * إجبارية
 
   
   
مواضيع ذات صلة

رحلة رفقة رَقّاصِ السّاعة-محسن العافي-المغرب

متابعات  |   ناصية القول  |   مقالات  |   سينما  |   تشكيل  |   مسرح  |   موسيقى  |   كاريكاتير  |   قصة/نصوص  |   شعر 
  زجل  |   إصدارات  |   إتصل بنا   |   PDF   |   الفهرس

2009 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة الأدبية
Conception : Linam Solution Partenaire : chafona, sahafat-alyawm, cinephilia