كأني أحمل على كاهلى صخرة العذاب ،خطوت بخطوات ثقيلة أجتاز شوارع طنجة الراقية ،خلائق كثيرة تطرق الأرض ذهابا وايابا،مطاعم الطبقة البرجوازية تعبق بروائح الأطعمة الفاخرة والسجار الكوبي ،تضم أخلاطا من البشر مؤنث ومذكر في كامل الزينة “تفووووعليكم الكلاب” كلمات آنقدحت في ذهنى بدون إرادتى وأنا أرى كيف تقسو الحياة على صنف من البشر تسحقهم بدون رحمة أو شفقة وبين أشباه البشر يلبسون جلد البشر ويمسكون بين أصابعهم بالسياط مستعدين لجلدك أو قذفك الى الزنازن السوداء .
إلى يمينى طفلة كالملاك غلبها النوم على الرصيف ،وجعلت من حضن أمها البالى وسادة بفم يتسول الصدقات ،خفت أن تستيقظ الطفلة لتطلب منى حليبا لا أملك ثمنه أخفيت وجهى بين أصابعى هربا ،طفل أخر في عمر الزهور ذكرنى بشبح آستأدن قريحتى وهو يطرقها طالبا منى الرجوع الى اليوم الذي مسحت فيه أول حذاء ،كان جزائى أن ركلنى صاحبه على أنفى بعدما طالبته بأجري ،كان ببساطة من دار المخزن “المخزن يأخد ولا يعطى يااااانتن” هذا ما قاله الكلب ، غريبة هي الحياة ، يعطون الحق لأنفسهم في سرقة دراهمك القليلة بينما هم يضيعون الملايين في جلسة قمار أو على مائدة نبيذ كطلانى ،قلت لماسح الأحذية
- كم من وجه مسحت؟؟
رمقنى بنظرة حزينة وقال
- بعض الوجوه تظل كما هي وسخة قذرة مهما فعلت
قلت
- والأخرى؟؟
أجاب
- أحاول قدر المستطاع مسح تجاعيدها ،لكن رغم ذلك فالحقيقة تبقى واضحة جلية
فكرت قليلا وقلت
- وأي الألوان تبقى مطلوبة؟؟
- اللون المزيف هو المطلوب بكثرة أما باقى الألوان فتبقى نسبية
- والأجر؟؟
-يختلف من الصيف الى الشتاء نصفه شتائم داعرة والنصف الأخر إتاوات لزعماء القبيلة المخزنية
صافحت ماسح الأحذي بحرارة وودعته حالما فقد يأتى يوم لا أدري ويصبح فيه شخصية مرموقة فكم من نعل آرتقى نعل غيره فى غفلة من الزمن؟.