رثاء لأبي الفنون على هامش تظاهرة مسرحية دولية بطنجة-خالد كرتي-طنجة-المغرب
طنجة/الأدبية، الجريدة الثقافية لكل العرب. ملف الصحافة 02/2004. الإيداع القانوني 0024/2004. الترقيم الدولي 8179-1114 

 
مقالات

رثاء لأبي الفنون على هامش تظاهرة مسرحية دولية بطنجة

قيل أن المسرح هو أبو الفنون لكن هذا الأب هرم و أصيب بمرض الزهايمر فصار لا يذكر أبنائه و يظن أن الأغراب هم أبنائه .فاستغلوا مرضه و ضعفه و تصرفوا في ثروته كما خططوا و أصبحوا يتحدثون بالنيابة عنه و هم لايتقنون لهجته . و استغلوا غياب أبنائه و عجزهم عن علاجه..لكن هؤلاء الغرباء قرروا أن يعالجوه بأسلوب الموت الرحيم ..وهو الآن يلفظ أنفاسه وهم يتراقصون و يهللون بما أحرزوه من نجاحات في نظرهم .
بنى الغرباء جسرا ليعبروا به إلى قلعة الفنون و أعدموا كل العمال بعد أن اكتملت أشغال بناء الجسر. و خلال رحلتهم إلى قلعة الفنون عبر الجسر تدربوا على فصول مسرحية لم يتقنوا عرضها فتداخل الحوار في الحوار و اعتمدوا على الارتجال بعد أن سقط النص من أيديهم و سقط الديكور فوق رؤوسهم و ظن الجمهور أنها لوحة تقدم لهم بإبداع جديد . رغم كل هذا صفق لهم، و هو لا يعلم من هم.
في رحلتهم إلى قلعة الفنون عبر الجسر الذي بنوه فوق جثث العمال و المهندسين طرقوا أبوابا بعد أن لبسوا عباءة المتسولين وهم يشحتون تكاليف عملية أبي الفنون لعلاجه من مرضه المزمن، نسبة النجاح فيها منعدمة.
فجاد عليهم بعض المحسنين بصدقات، راجين أن تقبل في ميزان حسناتهم ، ولكل امرئ مانوى ، فهل تقبل الصدقة على سكير ليكمل ثمن زجاجة الخمر؟ !

تقمصوا أدوارا عديدة ولم يتقنوا أحدا منها ..فقد كان إرتباكهم هو البطل حتى ظل أحدهم يتراقص فوق الخشبة كأن مفتاح المرحاض قد ضاع و حصل عطل في شبكة المياه فضل حائرا يثلف حسرته في خطوات مبعثرة وهو يتظاهر بتماسكه ..و الآخرين إرتكبوا أخطاء في النص المسرحي الذي كتبوه بأنفسهم و رغم كل ذلك صفق لهم الجمهور حتى ظننت أن تلك التصفيقات كانت مسجلة و تسمع عبر مكبرات الصوت التي لم تكن أصلا موجودة..فمن أين كانت تسمع تلك التصفيقات ؟؟
دمعت عيناي وأنا أشاهد المشهد الأخير من مسرحية أبي الفنون .حتى تخيلت أني أحضر مأتمه قبل إعلان و فاته والذي أكد تخيلي هو حضور حاكم المدينة، و أنا أعلم أن مثل هذه الشخصيات لا تحضر إلا في المصائب ..فكانت مصيبة بكل المقاييس . وداعا يا أبي فقد كنت أسدا تخشى الضباع زئيره و حين هرمت تراقصت فوق جثتك تلك المخلوقات الغريبة ، فصارت تقلد صوتك وتظن انها  تخيف الآخرين بصوتها المرتعش من شدة ارتباكها و رعبها من أن تستيقظَ تحت أقدامها و يتساقط كما تتساقط أوراق الخريف من هشاشتها وتدوسها أقدام المارة دون أن يشعروا بها .



 
  خالد كرتي-طنجة-المغرب (2014-11-10)
Partager

تعليقات:
أضف تعليقك :
*الإسم :
*البلد :
البريد الإلكتروني :
*تعليق
:
 
 
الخانات * إجبارية
 
   
   
مواضيع ذات صلة

رثاء لأبي الفنون على هامش تظاهرة مسرحية دولية بطنجة-خالد كرتي-طنجة-المغرب

متابعات  |   ناصية القول  |   مقالات  |   سينما  |   تشكيل  |   مسرح  |   موسيقى  |   كاريكاتير  |   قصة/نصوص  |   شعر 
  زجل  |   إصدارات  |   إتصل بنا   |   PDF   |   الفهرس

2009 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة الأدبية
Conception : Linam Solution Partenaire : chafona, sahafat-alyawm, cinephilia