تصبحبن على فيسبوك !-محمد ودغيري-المغرب
طنجة/الأدبية، الجريدة الثقافية لكل العرب. ملف الصحافة 02/2004. الإيداع القانوني 0024/2004. الترقيم الدولي 8179-1114 

 
قصة/نصوص

تصبحبن على فيسبوك !

  محمد ودغيري    

القلم منكفئ على نفسه  يأبى أن يترنح ، أن يتقيأ! يكتب أي شيء ، القلب مهموم مكلوم ، الليل كما النهار ، والخميس كالجمعة ،حزن يعانق هما ، ولا شيء يحدث ، المعجزة التي ظللنا ننتظرها لم تقع بعد!
  " غدا عيد الفطر" قرأت الخبر على شريط القناة الأولى ، لم يحرك فيك شيئا ، الامتناع عن الأكل أو الأكل لا فرق، قمت تبحث عن ديوان المتنبي تبغي قصيدة مطلعها " عيد بأية حال عدت يا عيد"!
  تقضي الساعات الطوال تتأمل شاشة صفحتك على الفيسبوك ، في انتظار أن تظهر إحدى الغائبات لتنسى نفسك بها لحظات، ثم تعود إلى بؤسك الثقيل . يطول انتظارك ولا أحد يظهر ،فقط تلك الفتاة التي تعودت حضورها –نزهة دائما على الخط بحكم شغلها بمخدع هاتفي بالمدينة الحمراء، لم يعد الحديث معها يطربك ، فهي  امتزجت ببؤسك حتى صارت أحد حواشيه !
 المكان نفسه والطاولة نفسها ، شاشة التلفاز ، مسلسلات تنتهي وأخرى تبدأ وأنت ممسك بالحاكوم تتسكع بين القنوات ، لاشيء في لاشيء، ...بعد أن تتعب تقوم إلى المطبخ تفرغ مابقي من جهد في إعداد وجبة العشاء على إيقاع موسيقى رافي شنكار، بين الفينة والأخرى ترقب شاشة الحاسوب مخافة أن تظهر إحداهن في غيابك ، ، يطول الانتظار تفقد لذة الحركة ، فتقعي كالكلب ، تحاول استفزاز تلك المعتصمة بالصمت لساعات، طبعا ذلك لا يكلفك أكثر من النقرعلى الفأرة فترد في الحال كما حارس ليلي تنبه لوشوشات مارة، تبدأ معها في غزل ثقيل، تتحدثان في كل شيء ، تتبادلان قبلا افتراضية ، تتعانقان عن بعد ، تحملكما رغبتكما  الى السرير .....، ثم تقوم لترتدي ملابسها فتودعك بابتسامة مشفوعة ب " تصبح على خير" .........
    حينها تعود اليك ، تغمك تحية الوداع ، تحس نفسك كمن فقد في مكان خال وليس هناك مايدله على طريق العودة! تصبحين على فيسبوك!-.تقول وأنت تغالب ضعفك-.



 
  محمد ودغيري-المغرب (2014-12-10)
Partager

تعليقات:
محمد علي حيدر /الدار البيضاء المغرب 2014-12-12
الروتين والرتابة والفراغ... عوامل تقود إلى الإحباط والشعور بتفاهة الحياة، بل وتفاهة الأنا والآخر... إنها معضلة المعاناة التي يجسدها النص بجمله القصيرة المعبرة عن فقدان الأمل في الحاضر والمستقبل والمؤسسات، والتقوقع في دائرة انتظار الذي يأتي ولا يأتي، ولن يأتي... وأعتقد أن توظيفك لضمير المُخَاطَب كان موفقا إلى حد بعيد في دمج معاناة السارد بمعاناة القراء المفترضين، على اعتبار أنهم معنيون بمعاناة الوقوع في أسر وسائل الإعلام والتواصل التي أضحت منفى اختياريا يرسخ أوهام تقريب المسافات، بينما أغلبها في النهاية مجرد وسائل لترسيخ إحباطات الأنا الجمعي، إن صح هذا التوصيف، والدوران في متاهات تصرف عن التفكير في سبل التحرر من قيودها وإغراءاتها... لذلك لا عجب أن ينكفئ القلم على نفسه، ويأبى أن يترنح أو يتقيّأ، ولا عجب أن تمتد الأيدي إلى الحاكوم لتتسكع بين القنوات، ولا عجب أخيرا أن تكون النتيجة هي "لا شيء في لا شيء"...
البريد الإلكتروني : haidarmhammedali@yahoo.fr

أضف تعليقك :
*الإسم :
*البلد :
البريد الإلكتروني :
*تعليق
:
 
 
الخانات * إجبارية
 
   
   
مواضيع ذات صلة

تصبحبن على فيسبوك !-محمد ودغيري-المغرب

متابعات  |   ناصية القول  |   مقالات  |   سينما  |   تشكيل  |   مسرح  |   موسيقى  |   كاريكاتير  |   قصة/نصوص  |   شعر 
  زجل  |   إصدارات  |   إتصل بنا   |   PDF   |   الفهرس

2009 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة الأدبية
Conception : Linam Solution Partenaire : chafona, sahafat-alyawm, cinephilia