شارع محمد علي-محمد الشاوي-المغرب
طنجة/الأدبية، الجريدة الثقافية لكل العرب. ملف الصحافة 02/2004. الإيداع القانوني 0024/2004. الترقيم الدولي 8179-1114 

 
قصة/نصوص

شارع محمد علي

  محمد الشاوي    

أيها السادة أيتها السيدات  هنا توجد المزيكة، فحارتنا حارة الألاتيه من جميع فنون العزف والغناء ، وحتى الرقص البلدي إنّه صنعتنا التي لا يشق لنا غبار فيها ، إنها بلغتنا تسمى " هَزّ الوسْط " .
أغبط الأوسطا محمود الذي يجلس وهو يقسم
نغمات من إيقاع شرقي ممزوج بالبلدي على آلة " الكورديون " التي تستهوي عشاق الطرب الأصيل . غبطتي له تنم عن عشق لما أسمعه وأتذوقه ، فقد كنت أجهل حينها أن لآلته أصولاً إيطالية في الصنع والنشأة ، حتى ظننت أنها آلة شرقية محضة كغيري من المتذوقين لها .
لا أخفيكم سرا فهذا ما أخبرني به غواص بحر النغم الموسقار الراحل " عمار الشريعي"
ذات مرة في برنامجه الإذاعي وهو يوجه خطابه لي ، مستخدما أسلوبه الموسيقي الذي عهدته فيه مند نعومة أظافري .
نعم تذكرت أني كنت حينها لم أدرس بعد
" الهارمونيا " .
يستطرد الأوسطا محمود تقاسيمه وكأنه يقوم بعملية تسخين مثل عداء رياضي أو لاعب كرة قدم ، يمرن جسمه حتى يبدأ بالتفنن واللعب.
يغير نغماته التسخينية بنغمات جديدة على آلته
الآخذة والمنسجمة في نغماتها مع الهواء الذي يجري داخلها ، بكل ما يمكن للعقل البشري أن يبدعه في علم صواتة الموسيقية .
يعزف قطعة " أنا قلبي دليلي " ويغنيها بصوت شجي منغوم النبرات ، بعبير نفحات أوبرالية وكأنه ليلى مراد .
يقول : " أنا قلبي دليلي قلي هتحبي .. ديما يحكلي وبصدق قلبي .. أنا قلي دليلي... "
يواصل عزفه وغناءه لينتقل بعد ذلك لقطعة أخرى بلسان ليلى مراد وعلى مقام
 " لا الصغير "  يقول : " عني بترف وراسي بتلف وعقلي فضل له دقيقة ويخف ..."
غريب أمر هذا الرجل وكأنه نجيب الريحاني في فلم " غزل البنات " لكن من سيجيبه ؟
جاءت سيدة جميلة الملامح ، مليحة القد ، منتصبة النهدين ، سوداء الشعر شرقية السمات، مرحة الأعطاف وحلوة اللفتات، متوسطة العمر. تضع على رأسها تاجا نحاسياً مزين بالشموع ، وترافقها صبية تقول:  " أيوا يا قبليتي ..!! إسم النبي حرصك وصينك ، يا مه المطهر طهر رشي الملح سبع مرات ..."
فعلمت أنها " عالمة " من " عوالم " شارع محمد علي يقال لها " ست نحمده " .
تجيب الأوسطا محمود قائلة :
" عينه بترف و رأسه بتلف وعقله فاضل له دقيقة ويخف... "
- الأوسطا محمود : " تسمحيلي كلمة وحدة ، بدي أعرف إحنا رايحين فين ..!! "
- نحمده : " رايحين على البلد إللي تجمع شمل العشاق ، نفرح ونغني ونودع عهد الأشواق ..؟؟ "
تقول الصبية : أيوا يا قبليتي ، والله لما شبه سيت " ألمز " هي و" عبده الحمولي " في ليلة الزفة  .
يردف الأوسطا محمود : " حاسيس يا نحمده
بمصيبة جايالي ..!!! "
- نحمده : " يا لطيف يا لطيف ..!!
- الأوسطا محمود : مصيبة مكنتش على بالي.!!!
- نحمده : يا لطيف يا لطييييييف ..!!
امتلئ الشارع بجمهور غفير من ساكنة الحي المتحلقين وسط الأوسطا محمود ونحمده .
الكل ينتظر تتمة العرض بشغف واشتياق ...
يتدخل في  هذا المشهد الفني " البريمو كامنجي " " سي عبد العال " ممسكا آلته الوترية على كتفه بطريقة أفرنجية ليكمل القطعة الموسيقية  بصولو ، عمل على توظيفه بطريقة مرتجلة كعادة  الأوسطوات في شارع محمد علي .
تقول له نحمده : جبتك معايا يا سي عبد العالي علشان تقاسمني ليلة هنايا وفجر غرامي وأنا لي من غيرك يشاركني فرحة أمالي ، وهنا أيامي ...؟؟
يتدخل أحد الأسطاوات وهو " عمي منصور "
ضابط الإيقاع :
- سمع هوس ..!! ، سلام مربع للجدعان ولاد حتتي ، ناس الفن الأصيل الأسطاوات
و العوالم ونا نت ... رقصني يا جدع على واحدة ونص .
يرقص وبيده آلة الإيقاع " الدربوكة " وينظر
إلى ست نحمده محلقا بعينيه ويهمس لها بغمزة المحب لمحبوبته ، يقول لها :
" ونا لي مين غيرك يشاركني فرحة أمالي وهنا أيامي ... "
تبتسم له وتجيبه بغمزة عينيها الخضراوتين وبحركة طلوع وهبوط للحواجب وهي تهز وسها وتجيبه :
" علشانك إنت يا أوسطا منصور أن كوي بالنار ، ولقح جتتي وأدخل جهنم وأنشوي وأصرح وقول يا دهوتي ..." .
رد عليها نفس الكلمات مقلدا صوت نجيب الريحاني .
انتهت القصة وعرف الناس حب نحمده العالمه
للأوسطا منصور الذي كان خاتمة هذا العرض الموسيقي بشارع محمد علي .



 
  محمد الشاوي-المغرب (2015-01-22)
Partager

تعليقات:
أضف تعليقك :
*الإسم :
*البلد :
البريد الإلكتروني :
*تعليق
:
 
 
الخانات * إجبارية
 
   
   
مواضيع ذات صلة

شارع محمد علي-محمد الشاوي-المغرب

متابعات  |   ناصية القول  |   مقالات  |   سينما  |   تشكيل  |   مسرح  |   موسيقى  |   كاريكاتير  |   قصة/نصوص  |   شعر 
  زجل  |   إصدارات  |   إتصل بنا   |   PDF   |   الفهرس

2009 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة الأدبية
Conception : Linam Solution Partenaire : chafona, sahafat-alyawm, cinephilia