عبور النوع..قراءة في كتاب من أوراق الحياة-د. سمر الديوب-حمص-سوريا
طنجة/الأدبية، الجريدة الثقافية لكل العرب. ملف الصحافة 02/2004. الإيداع القانوني 0024/2004. الترقيم الدولي 8179-1114 

 
مقالات

عبور النوع..قراءة في كتاب من أوراق الحياة

  د. سمر الديوب    

يحمل الجنس الأدبيّ الآراء الفكرية، والاجتماعية، والسياسية، والثقافية الخاصة بالعمل الأدبي. ولكل جنس أدبي نظام ترميزي خاص به، يتعامل معه المبدع، والمتلقي. لكن الأدب عابر للحدود بين الأجناس والأنواع، فحدوده متحركة، وقد يتم تجاوزها؛ إذ إنه نص إبداعي، لا نص علمي يقبل الحقائق الثابتة. فالجنس، أو النوع يحكمان قراءتنا النقدية حين نتناول عملاً أدبياً. أما الأدب فيكسر الحواجز بين الأنواع في حين أن النقد يكرسها. . الأدب يفجر النوع الأدبي من داخله، ويتمرد على القيم الثابتة للنوع الأدبي.
وتثير هذه الدراسة أسئلة متعددة. فهل للجنس الأدبي شباب، وشيخوخة؟ هل الجنس ثابت، أو متغير؟ هل يمكن أن يتفكك؟ هل يقع التغيير في الجنس الأدبي نفسه، أو في عناصره؟ وكيف يتم التحول في الجنس الواحد؟ ألا يمكن أن تتحاور الأجناس، والأنواع؟ هل العلاقة بين الأجناس الأدبية علاقة صراع، أو حوار، أو تجاور؟ هل يوجد شعر خالص الشعرية، ونثر خالص النثرية في الأدب؟ هل نستطيع أن نتكلم على جنس نوعي، ونوع عابر للحدود؟ ألا يمكن أن يبنى الشعر على السرد، ويبنى السرد على الشعر؟
وقد أجمع النقاد منذ القدم أن الجنس أعم من النوع  وأن النوع أعم من النمط. وقد يكون الترتيب على الشكل الآتي:
جنس    نوع    نمط    غرض    معنى
وثمة خلط كبير بين الجنس، والنوع لدى النقاد. ويعود هذا الخلط إلى التشويش الموجود في ذهن مستعملي هذه المصطلحات. وليس هذا الخلط حديثاً  
وإذا انطلقنا من فكرة أن النوع الأدبي نوع عابر للحدود المرسومة له وجدنا بالعودة إلى الأصل اللغوي للنوع أنه يعني التذبذب، والتقلب، والصنف من كل شيء  أما في المنطق الكلي فهو المقول على كثيرين مختلفين بالعدد في جواب ما هو، أو المعنى المشترك بين كثيرين متفقين بالحقيقة  أما في ميدان النقد فثمة من يستخدم مصطلح نوع " Genre" إشارة إلى ثالوث الشعر الغنائي، والأدب الملحمي، والدراما، ويفضل آخرون مصطلح "Form" أو نمط Type" 
وقد قسم أفلاطون وأرسطو الأدب إلى أنواع يتميز كل منها بمعايير محددة، وتظل نظرية أرسطو في كتابه "فن الشعر" الأساس العميق لنظرية الأنواع الأدبية  إذ يُنسَبُ مبدأ نقاء النوع إلى أرسطو، فقد ماز التراجيديا من الكوميديا، ولا تزال أصداء ثلاثيته: ملحمي، غنائي، درامي تتردد إلى الآن، ثم نظر النقاد فيما بعد إلى النوع على أنه تقليد جمالي، أو مبدأ تنظيمي 
وإضافة إلى تصنيف أرسطو السابق ثمة تصنيف يقوم على أن اللغة معيار أساس لتحديد الأنواع، ويظهر هذا التصنيف في ثنائية: شعر/ نثر، ويتفرع من كل طرف من طرفي الثنائية أنواع فرعية.
وقد نجد تصنيفات متعددة تعتمد على معالجة أزمنة العمل الأدبي: ماض/ حاضر/ مستقبل، وغير ذلك
إن تقديم عمل أدبي يعني بالضرورة اشتباكاً مع تقليد أدبي بسبب وجود النوع الذي يعبره الأدب، ويكرّسه النقد. وتعود الدراسات التي محورها النوع إلى إرث ثقافي، وهو إرث جزئي. فأصل النوع هو النوع نفسه، لكنه قابل للتحول، فيخرج من المكوِّن البنيوي "الأصل" إلى المكوِّن الجمالي "التحوّل" وبناء على ذلك نجد أن النوع أسبق من الطرق التي يتجلى بها، على علاقة بالمتلقي، فهو ذو مستويين: مستوى شعري على علاقة بالنص، ومستوى موضوعي على علاقة بجماليات التلقي مع إدراكنا أن العلاقة بين المكوّنين علاقة متداخلة، ويصعب الفصل بين طرفيها.
ولا يقتصر النوع على الأجناس الأدبية، فيمتد إلى خطابات شفهية، وأجناس غير أدبية، ويجري الحديث في الأوساط النقدية حالياً عن أدبية الظواهر غير الأدبية 
ويقودنا هذا الحديث إلى الكلام على النوع الأدبي في الفكر الفلسفي، والنقدين: الغربي، والعربي.
-النوع الأدبي في الفلسفة والنقد الغربيين
للقاعدة النقدية قاعدة فكرية، فحين قسم أرسطو في كتابه "فن الشعر" الأنواع الأدبية تشدد في التصنيف تبعاً لتصنيف اجتماعي، وتقسيم الناس إلى نبلاء، وسوقة، فتحدث عن المأساة، والملهاة، والملحمة. ولكل جنس لغته، وأسلوبه، وجمهوره. ومن الملاحَظ أن هذا التقسيم لا علاقة له بالمبدع، بل بالمتلقي. وهي تقسيمات تبصّر المتلقي بمزايا النص، ولا تجعل منه مبدعاً.
ويرتبط الأدب بتعدد أجناسه وأنواعه بالواقع بعلاقة جدلية. فقد تشدد الكلاسيّون في الحفاظ على نقاء الجنس الأدبي، ثم حدث رد فعل على هذا التشدد نتيجة التغير الاجتماعي، والثقافي، والسياسي، ففقدت الأنواع القديمة موضوعاتها "الأبطال والنبلاء" ونهضت فئات جديدة في المجتمع حملت أفكار التغيير. وحين ظهرت الحركة الرومانسية دعت إلى فكرة التداخل بين الأنواع الأدبية  ولكن كيف توضَع حواجز بين الأنواع؟ فالأضداد تتجاور، ولا يُفصَل بينها. لقد حاول الرومانسيون أن يحدّوا من صرامة الحدود بين الأنواع، فلا يوجد في الطبيعة حدود صناعية كما توضع في الأدب. وهذه الفكرة انعكاس لفكر الرومانسيين. أما الكلاسيّة فقد ظنت أن الخلط بين الأنواع في العمل الأدبي الواحد يقلل من قيمته الفنية، وأن النوع يجب أن يبقى نقياً في حين أن الرومانسية حافظت على شيء من خصائص النوع. فثمة أنواع تضمر، وأنواع تظهر تبعاً لحركة التحول  السياسي، والاجتماعي، والاقتصادي في المجتمع.
وفي الوقت الراهن ثمة دعوات إلى تحطيم الحدود بين الأنواع للحديث عن نوع واحد؛ إذ تقوم فلسفة النقد الحديث على إزالة الحدود بين الأنواع، ولا تحدِّدُ عدد الأنواع الممكنة، ولا توصي الكتّاب بقواعد معينة، فتفترض أن من الممكن مزج الأنواع التقليدية، وإنتاج نوع جديد، ومن الجائز إنشاء الأنواع على الشمول، والغنى بعد أن كانت تبنى على النقاء. وبدلاً من التشديد على تمييز نوع من نوع بعد الإلحاح الرومانسي على تفرد كل عبقرية أصيلة، وكل عمل فني فإنها تهتم بإيجاد القاسم المشترك في كل نوع أدبي على حدة، إظهار صفاته الأدبية المشتركة، وهدفه الأدبي
لقد أخذت الأنواع قديماً صفة الثبات، وبدت خصائص النوع راكزة فيه عضوياً مع أنها في الحقيقة سمات خاضعة في مراحل نشوئها، ونموها إلى أسس تاريخية من جهة الخصائص الفنية، أو من ناحية التقديم الجمالي، أو التلقي. لكن شيوعها بصورتها المتطورة أضعف الوعي بحقيقتها؛ إذ حُدِّدت مواصفات كل نوع تبعاً للبيئة الثقافية، والمعطى التاريخي الذي أفرزته البيئة.
لكنّ في النوع حضوراً لخصائص نوع، وخفاء لخصائص نوع آخر. فالظهور المهيمن لنوع يخفي وراءه نوعاً ما، وحين نكتشف المخفي ننظر إليه بوصفه مختلفاً. كما أن النوع الواحد يتحول. فالمكوِّن البنيوي الثابت في النوع يقابله مكوّن جمالي دائم الحركة، والتحول. إن ثمة من ينادي في الوقت الحالي بنظرية النوع النووي بدلاً من نظرية الجنس الأدبي"Theory of Literary Genres Nucleogenre"   والمقصود بالنوع النووي حالة العمل الفني الأولى قبل تحققها الفعلي، ويحدد نظرياً مكونات العمل الفني أو الأدبي الجوهرية التي تعطي العمل كينونته الخاصة، ويحدد سمات العمل الأدبي، أو الفني القارّة التي إن انتفى وجودها فقد العمل خصوصيته الفنية.
ويتكون النوع النووي من مستويين: النواة، وهي الوسيط المتجانس "Homogeneous Mediwom" لا يمكن أن يتحقق العمل الفني أنطولوجياً إلا بتوافره. فهو مبدأ خاص يتم به تحقق العمل الفني، وتشكله عبر الممارسة الإنسانية .
والمكونات البنيوية التي دل عليها وجودها المتحقق في مئات التجليات المختلفة لنوع ما.. والمكونات البنيوية هي التي تبقى بعد استبعاد المكونات الجمالية والمكونات التاريخية التي تختلف من مكان إلى آخر، ومن ثقافة إلى أخرى
النوع النووي إذن هو مادة العمل الأدبي قبل تحققها الفعلي، والنوع الأدبي مرهون بشروط إنتاجه، واستقباله الثقافية، والاجتماعية.
وقد أتى النقد التفكيكي فيما بعد داعياً إلى خلخلة الحدود بين الأنواع والأجناس. فالأدب خلخلة، وهي صورة عن خلخلة أعمق يبحث فيها منظّرو الفلسفة التفكيكية، ومصطلح التفكيك، وعلاقته بفكر العولمة. ويؤخذ على التفكيكيين خلخلة النص الأدبي لكن ربما يكون التفكيك الذي يرمي إلى إعادة خلق جديد، فهو تفكيك نام، فيتم التداخل في النص بعد التفكيك .
وقد أوجد الحديث عن الخلخلة بين الثوابت، والتعالي على الفروق بين الأنواع مصطلح النص الجامع " ""Architextualité الذي سماه جيرار جينيت G. Genette"" التعالي النصي "La Transtextualité"، ومن معانيه علاقة التداخل الذي يقرن النص بمختلف أنماط الخطاب التي ينتمي إليها. وتدخل في هذا الإطار الأجناس، وتحديداتها، وهي متعلقة بالموضوع، والصيغة، والشكل، وغير ذلك، فاصطُلح على ذلك مصطلح جامع النص، أو الجامع النصي، أو جامع النسيج .
ولكن التداخل الذي تحدث عنه النقاد الغربيون كان موجوداً في نقدنا العربي القديم.
-التراسل والتداخل في جهود النقاد العرب القدامى والمحدثين
عرف النقد العربي القديم ثنائية شعر/ نثر، وهي ثنائية تقود إلى جملة ثنائيات، منها:
-ثبات/ تحول: إذ إن ثمة أموراً ثابتة في النوع المتفرع عن الجنس، لكن الأدب يساير التجربة البشرية التاريخية التي تخضع إلى تحول مستمر .
-ثنائية النوع النووي/ الخصوصية الفردية: فثمة اختلاف بين نوع وآخر، يضفي فرادة على كل نوع، وثمة بنى أدبية تشترك في جملة خصائص تَميز كل نوع، وتعني دراسة النوع دراسة الفريد فيه، لا المشتَرَك.
-ثنائية تقسيم نقدي ثابت/ تقسيم متغير: فالثابت لدى العرب قديماً ثنائية شعر/ نثر، وينضوي تحت كل طرف من طرفي الثنائية أنواع مختلفة. فثمة قصيدة سردية، وقصيدة رسالة، وقصيدة تحتوي على أبعاد درامية، وثمة نثر شعري، ونثر وعظي تعليمي، ونثر درامي. لكن هذه التقسيمات تطورت في العصر الحديث، فثمة القصيدة الومضة، والقصة القصيرة جداً، وقصيدة النثر.
وقد وعى نقادنا القدامى أجناس الكلام، فأجناس الكلام المنظومة ثلاثة لدى العسكري : الرسائل، والخطب، والشعر، وتحتاج جميعها إلى حسن تأليف، وجودة تركيب. لكن هذا التقسيم قد ناله تطور مع حركة التاريخ.
وللنقاد القدامى اجتهادات في تفضيل الشعر على النثر حتى إن الجاحظ  رأى أن الشعر لا يجوز ترجمته؛ لأن ذلك يُذهِب بسحره، ويُفسد معانيه، ويُبطِل فيه ذلك المعجِب الذي هو الوزن. ويتفق معه ابن رشيق ، فلديه كل منظوم أحسن من كل منثور في جنسه في معترف العادة، وكل منثور إذا نُظِم كان أصون له من الابتذال، وأظهر لحسنه مع كثرة الاستعمال، وإذا كان اللفظ منثوراً تبدد في الأسماع، وتدحرج عن الطباع.
واتفق فلاسفة المسلمين مع نقادهم في هذا التصور. فقد رأى الفارابي  أن التخييل ميزة الشعر الجوهرية، وهو الذي يجعل الشعر مختلفاً عن غيره من الفنون؛ لذا ينزله منزلة العلم في البرهان، والظن في الجدل، والإقناع في الخطابة.
لكن النقاد القدامى لاحظوا وجود تراسل بين الشعر والرسالة، والشعر والخطابة، والشعر والنثر. فقد رأى ابن طباطبا  أن الشعر رسائل معقودة، والرسالة شعر محلول. وهو اعتراف بالبنية الواحدة للشعر والنثر، فمما يميز الشعر من النثر الوزن.
ونجد لدى التوحيدي  إشارة مهمة إلى العلاقة بين النظم، والنثر. فبينهما عقد اشتراك في الجانب البلاغي. لكن النقد القديم ظل يميل إلى جانب النقاء في النوع الأدبي، أو في الجنس بعامة. فالشعر النقي يكون في الوزن شكلاً والتخييل أسلوباً  فإذا ما دخله شيء من إقناع الخطابة خرج عن نقائه، فلم يعد بشعر، ولا خطبة .
لقد قاوم النقد القديم دخول الخطابة في الشعر، لكن النبرة الخطابية ظلت مستعلية فيه. وبعودة إلى التقسيم الذي أثبتناه في البداية:
جنس    نوع    نمط    غرض    معنى
نجد أن الكلام على أغراض شعرية قديماً قد دار حول أفكار مختلفة. فيرى بعض النقاد أن الشعر إلا أقله راجع إلى باب الوصف  لكنه لدى نقاد آخرين يتفاوت في العدد، فيصل إلى عشرة أغراض، لكن القلة القليلة انتبهت إلى أن غرض الشعر هو الشعر في حد ذاته. فالقصيدة بعامة هي المقصودة، ويدور الكلام في الشعر على الشعر نفسه ، أما في السرد فيدور على السرد. وانتبه عدد قليل من النقاد إلى أن غرض الشعر هو الشعر بغض النظر عن الغرض "مدح- فخر- هجاء.." فقد تكون أداة الشعر اللغة الواصفة التي تحمل وجهة وجهة النظر، والبعد الحجاجي، والرؤيا، فتظهر الذات واصفة، محاوِرة، محاجِجة، ساردة، ناظمة. لقد آن الأوان ليترفع عن غرضيّته، ولننظر إلى النوع الأدبي بوصفه نصاً عابراً للحدود، فيؤسس النثر شعريّته الخاصة، ويشترك الشعر مع النثر بخصائص شرط احتفاظ كل منهما بهويته الخاصة.
لكن الشعر في حد ذاته بوصفه غرضاً لم يجد اهتماماً في النقد العربي القديم، فربما وجدوه في غرض شعري كالفخر بالشعر "أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي" لذا أدرجوه في باب الوصف. ولما لم يكن للوصف استقلال غرضي كان الشعر غرضاً غير مستقل.
أما الدراسات النقدية الحديثة فلا تُعنى بانحصار النص الأدبي في نوع محدد، بل تدرس الغنى والتنوع في الرؤى والأساليب في النص، والتراسل النوعي، وتوظيف تقنيات أنواع توظيفاً قادراً على التعبير عن أزمة الإنسان بعامة، والمبدع بخاصة.
لقد مال نقاد الحداثة إلى الشعر الذي يمثل تعالياً نصياً، فعدّوا المنثور شعراً، وتخلى الشعر عن شرط تحققه "الوزن والقافية" وظل شرط التخييل في النثر، ورافق النقد التحول في الأنواع، فالمنثور في درجة الشعري، وتخلى الشعر عن ركائزه لصالح التعالي النصي. ولعل تسمية الشعر المنثور دليل على إزالة الحدود بين شعر/ نثر.
لقد نظر النقاد القدامى إلى الكلام الذي اتخذ التخييل قاعدة له، واتخذ من الشعر تخييله دون وزنه وقافيته، ومن النثر ترسله على أنه قول شعري. فلا هو نثر شعري لديهم، ولا شعر منثور .
وقد أجمع منظّرو الأدب على أن الأنواع الأدبية غير ثابتة، بل هي متحركة، متطورة؛ إذ نظر نقاد الحداثة إلى النثر على أنه أكثر طواعية من الشعر ؛ لاستيعابه الأنواع الأدبية، ومرونته، وتمرده على الحدود، وعلى ذاته، وينافس الشعر حين يلجأ إلى المفارقة، والإيقاع، والتصوير، والانزياح، وينافس غيره حين يلجأ إلى اللمحات الفلسفية، والإرشاد، والتعليم.
ويتأسس –بناء على ما سبق- أن الكتابة الأدبية كتابة عابرة للنوع، وأن التراسل يضمن استيعاب خصائص كل نوع من غير أن يلغي أحدهما هوية الآخر، فتكون العلاقة بين الأنواع، أو الأجناس علاقة تأثير، وتأثر. فلكل نص هويته مع أنه يتراسل مع أنواع أخر، وما بين التداخل والتراسل ما بين العولمة والعالمية؛ إحداهما تذيب الحدود، وتوجد نصاً جامعاً لا هوية له، والثانية تقبل التعدد، والتنوع دون المساس بجوهر النص، وبنيته.
إننا حين ندرس العبور بين الأنواع ندرس قرب النوع، أو بعده عن النص النقي. وهو نص صعب الوجود، فيدخل هذا النص في علاقة تناص أجناسي ، أو تناص نوعي مع جنس آخر، أو نوع آخر، فيغدو التناص هنا أرحب، وأوسع، إنه علاقة بين جنسين أدبيين، أو نوعين أدبيين، لا بين نصين فقط. فكيف تجلى عبور النوع في مقالات في الحب وتحديات الرجاء؟!
-عبور النوع في كتاب "من أوراق الحياة- مقالات في الحب وتحديات الرجاء"
تتنوع مواد الكتاب بتنوع ما يثيره وما يعالجه من موضوعات، كما تتنوع في العرض والأسلوب والجماليات الفنية، وهو أمر يشكل منه نوعاً أدبياً ذا حدود متداخلة؛ إذ نجد فيه الشعر، والقصة القصيرة والمناظرات، والرسائل، والخواطر، والمقالات، والسيرة الذاتية. ومن هنا سندخل إلى الكتاب من باب المقال الذي يتجاوز حدود النوع الأدبي الواحد إلى أنواع مختلفة.
وتغلب على الكتاب صفة الأدبية، والأدب عابر للحدود مع احتفاظه بسماته الخاصة، فما بين أيدينا مقالات لكنه أخذ سمة الجنس الأدبي البديل. وفي محاولة لتلمس ذلك في مقالات في الحب والحياة بدت من أوراق لحياة مجالاً خصباً لهذا التداخل بين المقال والأنواع الأدبية كالقصة والشعر والسيرة.
1-البناء السردي في مقالات من أوراق الحياة

حافظ المؤلف على البنية السردية للمقال على الرغم من اللغة الشعرية في بعض المواضع، والاستطراد، والانتقال من المقدمة إلى العرض بطريقة جميلة.  ففي مقال ربيع تركيا وخريف أردوغان يقول: "  يُروى أن الصاحب بن عبّاد -وهو أحد مثقفي المشرق العربي في القرن العاشر الميلادي- حين اطلع على كتاب العِقد الفريد لصاحبه ابن عبد ربه الأندلسي المغربي قال جملته الشهيرة: "هذه بضاعتنا رُدّت إلينا" في إشارة منه إلى أنه لم يجد جديداً يُضاف إلى ثقافة المشرقيين في هذا الكتاب.
  وما أشد الشبه بين حال الصاحب بن عباد وحال صاحبنا أردوغان الذي نظر إلى موجة الاحتجاجات العارمة التي اشتعلت في إسطنبول سائلاً: ما الذي يحدث؟ فيجيبه أحدهم إنه ربيع تركي!!! فيعلو صوته متعجباً: هذه بضاعتنا!!! فكيف رُدَّت إلينا؟! " "من أوراق الحياة، ص 149 "
وفي مقال آخر بعنوان: ومن يساوي بالرأس الذنبا يقول: "  يحدثنا تاريخ الأدب العربي عن قصة طريفة حدثت مع شاعر يدعى الحُطَيئة. كان مشهوراً بهجائه المقذِع لكل من لا يوافقه الرأي والمزاج لكنه ذات يوم مدح قوماً كانوا يسمَّون بني أنف الناقة، وكانت العرب تتندَّر حين تذكر هذا اللقب لدرجة أن الناس كانوا يهجونهم به، فقال الحطيئة مادحاً إياهم:
قومٌ همُ الأنفُ والأذنابُ غيرُهم   
           ومَنْ يساوي بأنفِ الناقةِ الذّنبا؟!
؟



وفي عصرنا الحاضر طغت أصوات الظلاميين القادمين من كهوف التاريخ، أرادوا بالقوة فرض فكرهم ووحشيتهم، ومن العاقل الذي يرضى باستبدال المستنيرين بالظلاميين؟! " "من أوراق الحياة، ص153"
وقد اتسمت المقالات كلها بمنهجية واحدة، فقد تساوت في الحجم، وتشابهت في المقدمة المثيرة للاهتمام، والعرض، والخاتمة التي تغلب عليها سمة الشعرية. وبدا واضحاً اعتماده على خلفية ثقافية واسعة عربية إسلامية، ويونانية غربية محافظاً على البناء السردي بوصفه بناء فنياً من غير أن ينسى الجوانب الأسلوبية التي يؤيد بها المقال.
2-البنية الأسلوبية
لكل امرئ طريقة خاصة في التعامل مع اللغة؛ لذلك قيل: الأسلوب هو الرجل، ونجد أن هذا الكتاب يُخرج اللغة من صياغتها الإخبارية ليدخلها في دائرة الإبداع الأدبي ضمن طريقة يمكن أن نسميها الحوارية، أو الجدلية، أو الحجاجية. فهو يستخدم الأساليب الإنشائية من نداء واستفهام وتمنّ وشرط وهي أساليب لا تتناسب مع طبيعة المقال الإخبارية، فيستخدمها استخداماً يخرج بها عن دلالتها الحقيقية إلى دلالة مجازية. يقول محاججاً:"   الحرية -يا أخي في الإنسانية- ليست مصادرة حريات الآخرين. إنها تقبل الآخر، والانفتاح عليه، والاعتراف بحريته مقابل حريتي.. فهل نستطيع تحملها؟!
  انظر يا أخي إلى الماء تراه يحمل كل شيء ثقيل، وفي الوقت نفسه يسحب كل متجبر لئيم. وما أسهل غرز الخنجر في الجسد ولكن ما أصعب انتزاعه منه. هذه هي الحياة تعلّمنا أن المتجبر الصعب ينكسر، ويبقى المتسامح اللين. فقليل من السم يكفي ليفتك بجسد كبير، وشرارة ضئيلة قادرة على إحراق غابة. والكلام الذي لا قيمة له لا يقع في قلوب الحكماء، وغناء بعض الطيور أطيب من لحومها" "من أوراق الحياة، ص97"
  ويلعب على وتر التضاد بين العبارات والمواقف مثال ويختار التضاد طريقة لشد القارئ، وفي مواضع متعددة يثبت المعنى وينفيه، ويجعل القارئ يبحر بين الأمر وضده في حركة جدلية. يقول في مقال والضد يظهر قبحه الضد: "من طرائف أجدادنا العرب القدماء أنهم كانوا يسمّون الشخص خلاف الصفة التي كانت موجودة فيه على نية أن يحدث العكس. فمن لدغته الأفعى سموه سليماً على نية أن يكون سليماً من اللدغة، وسموا الأعمى أبا بصير على نية أن يبصر، وأتى العرب المعاصرون؛ ليستلهموا تراث الأجداد، فسمّوا المعارضة المسلحة الجيش الحر على نية أن يكون حراً، وهم يعلمون أنه أبعد ما يكون عن الحرية، وسموا حراكهم ثورة وهي تفتقر إلى أبسط مقومات الثورات، وسموا عبثهم بأمن سورية جهاداً، وهو إرهاب وتخريب، وفوضى." "من أوراق الحياة، ص189"
3-الرؤيا النقدية
لا يخلو أي عمل أدبي من رؤيا يسعى الكاتب إلى تحميلها، بل إنها تتسلط على العمل الأدبي في محاوره الكلية، ولا تتسلط على الجزئيات إلا في حدود تخدم هذه الرؤيا. والرؤيا مشاركة بين الكاتب والمتلقي؛ إذ يتوقع الكاتب أن القارئ الذي عاش واقعه هو سيشاركه في رؤية نقدية عميقة تتحرك من الخيالي إلى الواقع.
ولا يتم التصريح بالرؤيا بل تستنبط مما وراء السطور. ونجد أن فكر الكاتب فكر حواري، فالقارئ حاضر في ذهنه، وعلى هذا يستند إلى صدقه النفسي. ففي مناقشته واقع الربيع العربي يعتمد على الواقع المعيش والتراث الثقافي، ويعرّف بواقع المجتمع العربي من خلال الماضي الذي يلبسه لبوس الحاضر، فتبدو رؤياه سوداوية لكنها متشحة بخيوط تفاؤل.
إنه يقدم من خلال التراث رؤيا سياسية تطالب بفهم الواقع والسرعة في تعديله؛ لذا نجد أنفسنا أمام رؤية نقدية، يقول في سياق حديثه عن اخطاء محمد مرسي: " يروى أن أعرابياً سأل معاوية بن أبي سقيان ذات يوم: كيف استطعت أن تحكم الناس أربعين عاماً؟ إنه العقل الدبلوماسي، والسياسي، والاجتماعي الذي أتاح له أن يمكث على قلوب العرب هذه المدة. وهو القائل: إني لا أضع سيفي حيث يكفيني سوطي، ولا أضع سوطي حيث يكفيني لساني، ولو كان بيني وبين الناس شعرة ما انقطعت كانوا إذا مدّوها أرخيتها، وإذا أرخوها مددتُها.
  إن على الحاكم أن يعرف دواخل رعيته، ويدرك متى يجب أن يقسو، ومتى يحلو." "من أوراق الحياة، ص185"
ويقف عند حدود فكر المعري، فيبدو معجباً بلغزه المحير، ومعترفاً بفكره وفلسفته. وقد أحب جبران إلى درجة الولع به، وهو أمر يعني أن لديه بعداً معرفياً وبعداً جمالياً شاعرياً، وأنه أراد ان يلامس موقف الفيلسوف من الإبداع، وهل استطاع أن يتعامل مع الحقائق بطريقة تصويرية يتسع لها الخيال؟ فتخرج حقائقه من دائرة ة المنطق إلى دائرة الإبداع فيرى أن الفيلسوف يمكن أن يبدع ادباً يحمل مضامين فلسفية وأن تكون أهم وسائله سعة الخيال.
والغريب أن الكاتب في رؤياه المتعلقة بجدلية الشكل والمضمون يقع أسيراً للشكل، فلم يغب الإبداع الفني حتى عن مقالاته السياسية. "مَنْ يسمو إليك يا وطني، يا غزة وبيروت والعراق والشام، يا نورَ الفصحِ من قلبِ المقاومة، لن تبتعدَ يا وطني عن قلبي وفكري حتى يعانقَني الغروبُ، ويحضنني ابنُ مريمَ الحبيبُ. لكَ مني نبضُ قلبي، وما بقيَ من شراعِ عمري، لكَ ترانيمُ قصائدي، لكَ من فؤادي عبقُ الشوقِ، لك من عيوني ألقُ الحبِّ، لكَ تراتيلُ عشقي، لك ما كنتُ وما أكون، ولن أكونَ أبداً إلا شراعاً يحلو له أن يرسو على شاطئِك الحنون." " من أوراق الحياة، ص27"
4عبور النوع
4-1القصة القصيرة:
يتداخل فن القصة القصيرة مع المقالات في حديث عن حالة وجدانية مرت بصاحب الكتاب. ففي حديثه عن حلم راوده عن عرس قروي في قريته جمع أبناءها من مختلف الطوائف، شعر بالسلام والوئام وأفاق على واقع مر مزقته الحرب الدائرة في سورية فوقع أسير التناقض بين الواقع والحلم: "في قرية من قرى حوران الوادعة.. في قرية قادمة من عمق التاريخ..قرية يوقظها داود بالمزمار، وينحت من سهلها معبده.. ألقت على الكون مفاتنها، ما ليس إلا الله يشهده. ألقت على فؤادي متعاً حين شهدت عرساً يجمع أبناءها متلونيّ الطوائف."  من أوراق الحياة، ص303" نجد حدثاً مكتمل العناصر من حدث، وشخصيات، وعقدة، وحوار، وتبرز القصة القصيرة بسمة التكثيف مع أنها قصص وليدة لحظة انفعالية معينة، وهو أحد أشخاصها الفاعلين، يعرضها في حبكة درامية وتدور جميعها حول نزعة الخير والسلام. وتحضر هذه القصة بوصفها حلم يقظة يؤرق الكاتب، ويشكل جزءاً أساسياً في بناء الرؤيا لديه، وبناء المقال.
ويتعين على ذلك أن المقال يضم مواد مختلفة، فهو وعاء تتداخل فيه القصة القصيرة بوصفها فناً خيالياً معتمداً على حدث معين بالمقال، وتغدو بنية المقال تشبه بنية القصة القصيرة؛ إذ يتحدث عن خاطرة مرئية أو خيالية، أو تجربة شعورية؛ لذا نستطيع القول إن المقال هنا من الصعب رصد شكل ثابت له، فقد ظهرت قصة الصورة التي تعتمد على الوصف والتحليل وتعدد وجهات النظر والنهايات المفتوحة، وقصة الشخصية التي لا تعتمد على الموقف بل على الوصف النفسي الخالص فيما يعرف بتيار الشعور، والقصة الرمزية غير التقليدية لتتعدى قدرة الحدث وعناصر القص وشكلها الواقعي إلى معان أخرى تتعدد بتعدد القراء. وتأتي القصة القصيرة لديه مقدمة للبدء بالحديث عن فكرة بتكثيف وتركيز مميزين. يقول: " كَثُر الحديث في الآونة الأخيرة عن تسوية الأزمة السورية، وكثير من منظري السياسة يرون أن التسوية تُطبَخ على نار مشتعلة؛ مما استدعى إلى ذاكرتي بيتاً لشاعر أموي يُدعى الفَرَزدق، كان قد وُضِع في مقابلة مع ذئب شرس في صحراء مترامية الأطراف، فحاول حلَّ أزمته بمحاولته التقرّب منه، وعقد حلف معه، وانتهى الأمر بدعوة فرزدقيّة قسّم الفرزدق خلالها زاده بينهما قائلاً:
فبتُّ أسوّي الزاد بيني وبينه
       على ضوء نارٍ مرةً ودخانِ" من أوراق الحياة، ص
"من أوراق الحياة، ص177"
4-2-الشعر:
يعد الشعر رافداً من روافد المقال، يتداخل معه بنصوصه المتعددة على سبيل الاستشهاد أو الاستطراد. ويبرهن الكاتب عن سعة ثقافته وإلمامه بالأدب العربي قديمه وحديثه، شعره ونثره. فللتدليل على الواقع العربي المتردي يستشهد ببيت أوس بن حجر الشاعر الجاهلي: "من أوراق الحياة ،ص123"
أيَّتُها النَّفسُ أَجْمِلي جَزَعا
        إنَّ الذي تحذرين قد وقعا


 ولشحذ همم العرب للخروج من مستنقع الربيع العربي، ولإلهاب المشاعر الوطنية يقول:
 افعلوا ما تفعلون... أطفئوا نور العيون
اقتلوا فينا السكون... لن نذل ولن نهون
دم غزة لن يضيع... يأتي يوم تهزمون
ونحن باقون هنا... كالجذور راسخون
راسخون.... لأننا مقاومون.. مقاومون "من أوراق الحياة، ص130-131"
يقوم الشعر شاهداً ودليلاً يقيم به حجته حتى يضع القارئ على اتصال وتوافق، وهو يقتطع أبياتاً من سياقها ويضمنها المقال، فتلتحم به. ويبقى السؤال: هل جرد هذه الأبيات المستشهد بها تمثل عمق الدلالة على قوله؟ او ان ثمة ما هو أقوى من الحجة الشعرية؟
لقد بدا واضحاً اعتماده على الحجج البرهانية والجدلية وإن بمستوى أقل من حضور الحجة الشعرية كما في الرد على صديق، ورأيه بالمعري إذ يراه شاعراً فيلسوفاً، وإن كنت أختلف معه فالفلسفة تعني بناء نتائج على مقدمات ثابتة والمعري كان يتبنى فكرة ويتبنى ما يخالفها في موضع آخر؛ لذا نستطيع أن نصف ما أتى به باللمحات الفلسفية فقد كان شاعراً ذا فكر سابق لأوانه. 
ولا نبرئ الكاتب من ميله إلى بعض الأبيات الشعرية دون بعضها الآخر لكنه ميل فرضته لحظة قراءة الحدث.
4-3-الرسائل
يتداخل فن الرسائل مع الحواريات والمقال بينه وبين صديق، زاو مع حبيبة، فيدخل في حوار حجاجي قد يصل إلى مرحلة السجال مع صديقه، أو حوار رومانسي يتخذ بعض سمات التصوف مع الحبيبة. يقول:"  وأنت يا حبيبتي الشامية كيف يمكنني أن أعيش روعة الإحساس بحضورك في داخلي دون أن يسافر الوطن بأحزانه في فضاءات عشقي، دون أن يتسرب بكل كبرياء إلى شرايين قصيدتي. فيا كلَّ مكان في الدنيا، يا زمني الحاضر والآتي همساتك، صلواتك جزء من ذاتي، شيء في القلب أخبّيه ، لا أدري ماذا أسميه ضاقت بالوصف عباراتي.
  أنا مسكون بكم أنت وأمي ووطني، فلا بدّ أن يضم قلبي الصغير مساحة للحب... ومساحة للحزن أيضاً! " "من أوراق الحياة، ص216"
والرسائل فن يحتاج إلى دربة ومهارة، ورسائل هذا الكتاب أقرب أنواع الرسائل إلى الأدب وإيحاءااته اللفظية والأسلوبية ومحورها المحاججة، العاب، الشكوى، الوصف...
ففي رسالة أخرى  نجد أسلوباً يميل إلى الشعرية، ويحفل بالسجع والترادف والتضاد. يقول: " إليك يا مَنْ أيقظت الحياة في روحي وجسدي أرفع كلمات حبي، وتراتيل عشقي، كم أشتاق إليك، كم أحلم بالدفء بين ذراعيك، كم أتمنى أن يغفو قلبي بين جنبيك كما تغفو الفراشة فوق زهرة.
يبدأ الوطن حيث يبدأ الحب، وينتهي حيث ينتهي، حين تكون بعيداً عني أشعر أني من دون وطن؛ لأنك التراب والهواء والماء والسماء والشجر؛ لأنك أيقونة قلبي حين ترتجف القلوب. " "من أوراق الحياة، ص329"
وثمة رسائل حوارية متبادلة، تشكل لغته فيها مرآة صادقة لنفسه التي كوتها نار الغربة، ويبدو تأثره بجبران واضحاً في صياغة الرسائل وأفكارها؛ إذ ارتقى الخطاب إلى مستوى رومانسي عالٍ لامس بعض سمات الخطاب الصوفي، واتسمت بالوضوح والتزام الإيجاز والخروج باللغة إلى دائرة الشعرية الخالصة بمفارقها، وانزياحاتها، وإيحاءاتها. يقول: " قال جبران ذات يوم لماري: "لمَ يتصاعد الألم إلى محيّاك ياماري؟
فأجابته: إنه الحزن المقيم! ألا تعجب لحبي؟ كل شيء فيّ يحبك. ذؤابات شَعري، أطراف أظافري.. كل شيء! "
أما جبران فقال لها: " فدتك نفسي يا ماري العزيزة، ملكة الفهم فيك لا تجارى. أنت واهبة الحياة. أنت كالروح العظيم الذي يرافق الإنسان، لا ليشركه في حياته فحسب بل ليضيف إليها أيضاً." إنه جبران الذي أحببناه، والذي ينطق عني وعنك." من أوراق الحياة، 318"
وبذلك تعبر المقال إلى فن الرسالة، فاحتفظ بشيء من خصائصه، وأخذ الكثير من سمات فن الرسائل.
4-4-اللغة الشعرية

الشعرية مغامرة في اللغة ومعها، وانحراف بأساليب القول عن شيوعه وما ألف عنه إلى أفق مختلف يتأسس على لذة الغرابة وصدمة المفاجأة. ونجد أن اللغة تبتعد عن السطحية والمباشرة في أغلب الأحيان حتى في القسم السياسي، فالدلالة تتوسع وصولاً إلى ما سماه الجرجاني معنى المعنى. فاللغة الشعرية تفاجئ، وتصدم، وتدهش. وهي تحمل دلالات إيحائية نلمحها بدءاً بالعتبات النصية أو العناوين مثل: أيها المارون بين الكلمات العابرة ، إنهم يريدون حورية، الشتاء العربي، الأخطر الإبراهيمي، سبايا القرن الحادي والعشرين، الذاكرة المثقوبة، شعرة معاوية....
فثمة انحراف يُحدث مفاجأة، وثمة عنوانات تكشف عن اغترابه ووحدته مع أنه محاط بأناس كثيرين. إنه اضطراب العلاقة بين المبدع وواقعه يظهر في الانحرافات التي توحي بحركة مضطربة تبرز حال القلق لديه، وترسم صورة حسية تجعل القارئ يحس المعنى.
وتشير الانحرافات إلى رغبته في انقلاب الأحوال إلى ضدها حيث الأمن والاستقرار وطيب العيش. فالانحراف يدعم لغته، ويزيد مدلولاتها، ويكسبها شعرية وجمالاً.
-الصورة: يعني التشكيل الفني عن طريق التصوير رفع درجة الشعرية. يقول أرسطو: "والتشبيه نافع أيضاً في النثر ولكن ينبغي التقليل من استعماله في النثر لأن فيه طابعاً شعرياً".
والمهم في الصورة الأثر الذي تتركه في المتلقي. فالعلاقة بين الكاتب وواقعه علاقة تنافرية، فقد أجبره واقعه على الغربة والاغتراب، وأفرز واقعه ما عرف بالربيع العربي، ويعبر عن فكره بالصورة. يقول: " آه أيها الغالي يا وردتي الوحيدة في صحراء مليئة بالشوك، وفي الشوك عزة للورد، يا قلبي الذي يمشي بين الناس، ويا عيني التي أبصر بها شاءت الأقدار أن تمطر مثل السحابة فوق أرض ما بها قطرة ماء، وتكون وردة مزروعة عند خطّ الاستواء، وتُصاغ صورةً شعريةً بديعة في زمن قطعوا فيه رؤوس الشعراء، وتكون رجلاً نادراً في بلاد الرجال كلهم أصبحوا منها خلاء." من أوراق الحياة، ص326"
أما الإيحاء فيعزز شعرية النص حين يلجأ إلى قصة أو حدث أو موقف تاريخي يجعل النص حمال دلالات، ويجعل القارئ مشاركاً في العملية الإبداعية حين يسترجع القصة التاريخية، ويربطها بالموقف الذي يتحدث عنه.
ويشير إلى مثل سائر ذي دلالات موحية بأسلوب إشاري على جهة الاستدلال أو التعليل مستغلاً ما فيه من طاقات تعبيرية لشحن مضمون المقال، وتقوية لغته. يقول: "  زعموا أن قوماً كانوا في جزيرة من جزائر البحر في الدهر الأول، ودونها خليج من البحر، فأتاها قوم يريدون أن يعبروها، فلم يجدوا معبراً، فجعلوا ينفخون أسقية الماء، ثم يعبرون عليها، فعمد رجل منهم، فأقل النفخ، وأضعف الربط، فلما أصبح في وسط الماء أصبح الهواء يخرج حتى لم يبق في السقاء شيء، وغشيه الموت، فنادى رجلاً من أصحابه أن يا فلان إني قد هلكت، فقال ما ذنبي، يداك أوكتا وفوك نفخ، أي (هذه نتيجة عملك)، فذهب قوله مثلاً.
  وما أشد الشبه بين ما يحدث على الساحة السورية وموقف الساسة الأتراك منها وهذا المثل. فقد عمد الساسة الأتراك إلى دعم الإرهاب والتطرف في سورية، فدعموا، وسلحوا، وآووا، ودربوا" "من أوراق الحياة، ص181"
4-5-السيرة الذاتية
تعتمد السيرة الذاتية على الوقائع الحياتية بوصفها مادة للسرد فتتشاكل مع المذكرات واليوميات. وتنتمي زمنياً إلى الماضي بوصفها قصة استعادية. والزمن الماضي الذي تكتب به السيرة زمن وهمي، ففن السيرة يقوم على استعادة زمنية من منطلق الحاضر لا الماضي، ولا تتم العودة إلى الماضي إلا عن طريق الانتقاء والاختيار. وتمثل تجربة ذاتية أسهمت رؤى وأفكار في تشكيلها عبر مدة زمنية. يقول: " ففوجئت بالطبيبة المختصة قادمة إلي وهي تقول: لديك تضخم في القلب وانسداد في الشرايين، وتحتاج إلى عملية في الحال.
  ذهبت إلى منزلي والحزن يملأ قلبي الذي بدأت أشعر أنه أصبح ضعيفاً، وأصبت بحالة اكتئاب شديد، فهربت من واقعي الحزين إلى النوم، فاسترسلت في نوم عميق قادني إلى حلم غريب، رأيت نفسي مفارقاً الحياة، أجلس في الجنة في مكان رائع الجمال، على رأس صخرة مرتفعة، كنت قوي البنية لا أشكو من شيء، ففوجئت بحبيبتي الشآمية السمراء التي استوطنت في أعماق قلبي، مرت من أمامي، فرأيتها بيضاء البشرة، شقراء الشعر، ترتدي ثياباً زاهية الألوان، تعدو أمامي، فيرتفع شعرها ويهبط، فإذا بمشاعري تعلو مع خصلات شعرها المرتفعة، ركضنا في طريق مملوء بالعشب الأخضر، شعرت أني قوي لا أشكو من شيء، وكانت تسبقني وتلتفت بجيدها، فتبدو كغزال شارد يفتش عن مأوى، وحين كانت تتأكد أني ألحق بها كانت تتابع عَدْوَها، ركضنا في السهول والتلال، عدونا على المروج الخضراء، رأيت في حبيبتي الشامية ألوان الطبيعة كلها." "من أوراق الحياة، ص304-305"
وتبدو السيرة الذاتية لديه مجالاً يحلل فيه أزمنه تحليلاً يقربه من المنقذ. وهذا لا يصدق على البعد الفلسفي وحده بل على المعرفة، فيجهد إلى قوة الحجاج الفلسفي، ومن يتعمق في الجانب الفلسفي في السيرة الذاتية يجد وحدانية الكاتب مقابل الآخر المختلف. فثمة ثنائية واضحة بين سلطة العقل وسلطة اتجاه الوجد الصوفي، وثمة توتر بين رؤيتين يتحول إلى توتر بين قوتين.
5-خاتمة
  لا بد للمقال أن يحمل تصوراً للعالم مستهدياً برؤية فلسفية، ولا بد له أن يقدم رؤيا بديلة؛ ومن هنا يمكن أن نعدها –في أكثر النماذج- من أدب الرؤيا. ومهما كانت مواقف النقاد منه يبقى نوعاً أدبياً موجوداً بقوة على الساحة الأدبية يمزج الشعر والنثر، كما يمزج الفكر والشعور، والوضوح والغموض، وينفتح على الشعر والموسيقى واللون والحلم. إنها باختصار باعث أساس على الانفتاح على لذة القراءة.
إن تداخل المقال مع الرسالة والنادرة والقصة والشعر أسهم في تقوية بنيته من ناحية، وخلق أسلوب مضاد له من ناحية اخرى، كما اوضح الرؤى النقدية التي كانت جديدة على الواقع الثقافي في المرحلة التي كُتب فيها.
كما ان اجتماع الرؤيتين السردية والأسلوبية والرؤيا العميقة أمور تواكب الواقع المعيش، ولا تلغي العلاقة بالتراث. وقد سيطرت الحوارية والجدلية على البنية الأسلوبية للمقال بما يحتويه من افتتاحية وخاتمة وموضوع وتداخل انواع ادبية فيه، لكنه حافظ على البنية السردية مع هذا التداخل.
ليس المقال شعراً نثرياً، ولا تداخل بينه وبين الشعر. إن ثمة عبوراً لخصائص الشعر إلى النثر. فالأدب عابر بطبيعته.



  هوامش:
-نظر النقاد –أغلبهم- إلى أن الجنس أعلى من النوع لكن قلة قليلة نظرت إلى أن النوع أعم من الجنس. انظر –على سبيل المثال د. محمد القاضي: 1988، الخبر في الأدب العربي، منشورات كلية الآداب، منوبة، تونس، ص21-22
2-خلط ابن رشد بين الأغراض والأنواع، وعدّ التشبيب نوعاً، كما خلط ابن طباطبا بين الغرض والجنس. انظر: رشيد يحياوي: 1991، الشعرية العربية: الأغراض والأنواع، إفريقيا الشرق، الدار البيضاء.
3-لسان العرب، مادة نوع
4-إدريس الناقوري: 1982: المصطلح النقدي في نقد الشعر: دراسة لغوية، تاريخية، نقدية، المنشأة العامة للنشر والتوزيع والإعلان، طرابلس، ليبيا، ص49
5-رينيه ويليك، وأوستن وارين: 1985، نظرية الأدب، ط3، ترجمة: محيي الدين صبحي، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، ص37
6-انظر: ميخائيل باختين: 1982، الملحمة والرواية، ترجمة: جمال شحيّد، معهد الإنماء العربي، بيروت، ص25
7-انظر: رينيه ويليك، نظرية الأدب، ص 376- 378، ويجد أن ثمة من يرى نقاء النوع، وثمة من لديه اتجاه معياري يمايز نوعاً من نوع، وآخر أنواعه وصفية، وغير محددة، ويؤمن بفردية كل عمل فني من غير حدود. ص246-247

8-انظر: ر.م. البيرس: 1980، الاتجاهات الأدبية الحديثة، ط2، ترجمة: جورج طرابيشي، منشورات عويدات، بيروت، باريس، ص126
9-جوناثان كولر: 2003، مدخل إلى النظرية الأدبية، ترجمة: مصطفى بيومي عبد السلام، المجلس الأعلى للثقافة، المشروع القومي للترجمة، القاهرة، ص37
10-يقول سيباستيان مرسيه: "تساقطي، تساقطي أيتها الجدران الفاصلة بين الأنواع، لتكن للشاعر نظرة حرة في مرج فسيح، فلا يشعر بعبقريته سجين هذه الأقفاص حيث الفن محدود ومصغر" انظر: بول فان تيغيم: 1983، المذاهب الأدبية الكبرى في فرنسا، ط3، ترجمة: فريد أنطونيوس، منشورات عويدات، بيروت، باريس، ص149
11-رينيه ويليك، نظرية الأدب، ص247، وبول فان تيغيم، المذاهب الأدبية الكبرى في فرنسا، ص68 وما بعدها. يرى جان بول سارتر أن الناثر إذا أفرط في تدليل الكلمات فإن صورة النثر تتحطم، وتقع في الفراغ، وإذا تصدى الشاعر للحكاية، أو للشرح، أو التعليم صار الشعر مدفوعاً بطابع النثر، وخسر دوره. فالأمر هنا أمر تراكيب معقدة غير صافية. فاللغة لدى سارتر غاية الشاعر، ووسيلة الكاتب. انظر: جان بول سارتر: 1984، ما الأدب، ترجمة: محمد غنيمي هلال، دار العودة، بيروت، ص42
11-Lukacs, Gyorgy, AModern Drama Fejlodesenek Tortente, (History of Modern Drama), Magve to Riado, 1978
12-انظر: مقدمة لنظرية النوع النووي: 2004، د. علاء عبد الهادي، مجلة ثقافات، عدد 23، ص23-42
13-يرى رولان بارت "Roland Barthes" أن الكتابة خلخلة، فهي تهشم كل بناء تصنيفي، ولا تنتج سوى النصوص، والنص لا يضيف، ويلغي حضوره الأنواع الأدبية. وبمجرد أن نخوض ممارسة الكتابة فإننا سرعان ما نكون خارج الأدب بالمعنى البورجوازي للكلمة. يدعو بارت هذا نصاً، ويعني ممارسة تهدف إلى خلخلة الأجناس الأدبية. ففي النص لا نتعرف إلى شكل الرواية، أو شكل الشعر، أو شكل المحاولة النقدية. انظر: رولان بارت: 1986، درس السيميولوجيا في الأدب، ط1، ترجمة عبد السلام بن عبد العالي، دار توبقال للنشر، الدار البيضاء، ص48
14-جيرار جينيت: 1986، مدخل لجامع النص، ط2، ترجمة: عبد الرحمن أيوب، دار توبقال للنشر، الدار البيضاء، ص91، إذ يرى أن موضوع الشعرية ليس النص باعتبار تميزه، بل موضوعها جامع النص، وهو كل ما يجعل النص في علاقة ظاهرة، أو خفية مع نصوص أخر.
15-انظر: مجموعة مؤلفين: 1994، نظرية الأجناس الأدبية، ط1، تعريب: عبد العزيز شبيل، النادي الأدبي، جدة، ص28، يتفق النقاد أن الأنواع الأدبية تتحول بقدر ما تندرج في التاريخ، وتندرج في التاريخ بقدر ما تتحول.
16-أبو هلال العسكري: 1971، كتاب الصناعتين، تحقيق: محمد البجاوي، محمد أبو الفضل إبراهيم، مكتبة الخانجي، القاهرة، ص167
17-عمرو بن بحر الجاحظ: 1992، الحيوان، تحقيق: عبد السلام هارون، دار الجيل، بيروت، 1/75
18-ابن رشيق: 1981، العمدة في محاسن الشعر وآدابه ونقده، ط5، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، دار الجيل، بيروت، 1/19
19-الفارابي: 1971، جوامع الشعر مع تلخيص كتاب أرسطوطاليس في الشعر، تحقيق: سليم سالم، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، القاهرة، ص174
20-ابن طباطبا: د.ت، عيار الشعر، ط3، تحقيق: محمد زغلول سلام، منشأة المعارف، القاهرة، ص114
21-يقول التوحيدي: أحسن الكلام ما رق لفظه، ولطُف معناه، وتلألأ رونقه، وقامت صورته بين نظم كأنه نثر، ونثر كأنه نظم. انظر: أبو حيان التوحيدي: د.ت، الإمتاع والمؤانسة، تحقيق: أحمد أمين، وأحمد الزين، المكتبة العصرية، بيروت، 2/145
22-الفارابي، جوامع الشعر، ص17
23-يقول حازم القرطاجني: يجب ألا يُستكثر في كلتا الصناعتين مما ليس أصيلاً فيها كالتخييل في الخطابة، والإقناع في الشعر، بل يؤتى في كليهما من ذلك على سبيل الإلماع. انظر: القرطاجني: 1986، منهاج البلغاء وسراج الأدباء، ط3، تحقيق: محمد الحبيب بن الخوجة، دار الغرب الإسلامي، بيروت، ص361
24-ابن رشيق، العمدة، 1/249
25-انظر: الطاهر الهمامي: 2003، الشعر على الشعر، بحث في الشعرية العربية من منظور شعر الشعراء على شعرهم إلى القرن 5هـ، 11م، منشورات كلية الآداب، منوبة، تونس.
26- للتوسع في هذه الفكرة انظر: أدونيس: 1979، مقدمة للشعر العربي، ط3، دار العودة، بيروت، ص112
27-يرى د. صلاح فضل أن الكلمة يمكن أن تنتزع في السرود دور البطولة من بقية العناصر، وتستقل بشعريتها عبر شبكة العلاقات السردية، ورأى أن السرد الروائي أخذ يميل باتجاه الغنائية، ويصبح شعراً بالمعنى المحدود للكلمة. صلاح فضل: 1992، بلاغة الخطاب وعلم النص، سلسلة عالم المعرفة، العدد 164، أغسطس، الكويت، ص294
28-للتوسع في هذه الفكرة انظر: كريستين مونتاليبتي: 2001، جيرار جينيت: نحو شعرية منفتحة، ط1، ترجمة: غسان السيد، وائل بركات، دار الرحاب، وزارة الإعلام، دمشق، ص132
29- للتوسع في هذه الفكرة انظر: أدونيس: 1979، مقدمة للشعر العربي، ط3، دار العودة، بيروت، ص112
30-يرى د. صلاح فضل أن الكلمة يمكن أن تنتزع في السرود دور البطولة من بقية العناصر، وتستقل بشعريتها عبر شبكة العلاقات السردية، ورأى أن السرد الروائي أخذ يميل باتجاه الغنائية، ويصبح شعراً بالمعنى المحدود للكلمة. صلاح فضل: 1992، بلاغة الخطاب وعلم النص، سلسلة عالم المعرفة، العدد 164، أغسطس، الكويت، ص294
31-للتوسع في هذه الفكرة انظر: كريستين مونتاليبتي: 2001، جيرار جينيت: نحو شعرية منفتحة، ط1، ترجمة: غسان السيد، وائل بركات، دار الرحاب، وزارة الإعلام، دمشق، ص132
32-سليمان الصدي: 2014، من أوراق الحياة- مقالات في الحب وتحديات الرجاء، دار بعل، دمشق


المصادر والمراجع:
-أدونيس "علي أحمد سعيد": 1979، مقدمة للشعر العربي، ط3، دار العودة، بيروت
- البيرس، ر.م: 1980، الاتجاهات الأدبية الحديثة، ط2، ترجمة: جورج طرابيشي، منشورات عويدات، بيروت، باريس
- باختين، ميخائيل: 1982، الملحمة والرواية، ترجمة: جمال شحيّد، معهد الإنماء العربي، بيروت
- بارت، رولان: 1986، درس السيميولوجيا في الأدب، ط1، ترجمة عبد السلام بن عبد العالي، دار توبقال للنشر، الدار البيضاء
-التوحيدي، أبو حيان: د.ت، الإمتاع والمؤانسة، تحقيق: أحمد أمين، وأحمد الزين، المكتبة العصرية، بيروت
- تيغيم، بول فان : 1983، المذاهب الأدبية الكبرى في فرنسا، ط3، ترجمة: فريد أنطونيوس، منشورات عويدات، بيروت، باريس
- الجاحظ، عمرو بن بحر: 1992، الحيوان، تحقيق: عبد السلام هارون، دار الجيل، بيروت
-جينيت، جيرار: 1986، مدخل لجامع النص، ط2، ترجمة: عبد الرحمن أيوب، دار توبقال للنشر، الدار البيضاء
-ابن رشيق: 1981، العمدة في محاسن الشعر وآدابه ونقده، ط5، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، دار الجيل، بيروت
- سارتر، جان بول: 1984، ما الأدب، ترجمة: محمد غنيمي هلال، دار العودة، بيروت
-الصدي، سليمان: 2014، من أوراق الحياة "مقالات في الحب وتحديات الرجاء، دار بعل، دمشق.
-ابن طباطبا: د.ت، عيار الشعر، ط3، تحقيق: محمد زغلول سلام، منشأة المعارف، القاهرة
-عبد الهادي، علاء: 2004، مقدمة لنظرية النوع النووي، مجلة ثقافات، عدد 23
-العسكري، أبو هلال: 1971، كتاب الصناعتين، تحقيق: محمد البجاوي، محمد أبو الفضل إبراهيم، مكتبة الخانجي، القاهرة
-الفارابي: 1971، جوامع الشعر مع تلخيص كتاب أرسطوطاليس في الشعر، تحقيق: سليم سالم، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، القاهرة
-فضل، صلاح: 1992، بلاغة الخطاب وعلم النص، سلسلة عالم المعرفة، العدد 164، أغسطس، الكويت
-القاضي، محمد: 1988، الخبر في الأدب العربي، منشورات كلية الآداب، منوبة، تونس
-القرطاجني، حازم: 1986، منهاج البلغاء وسراج الأدباء، ط3، تحقيق: محمد الحبيب بن الخوجة، دار الغرب الإسلامي، بيروت
- كولر، جوناثان: 2003، مدخل إلى النظرية الأدبية، ترجمة: مصطفى بيومي عبد السلام، المجلس الأعلى للثقافة، المشروع القومي للترجمة، القاهرة
-مجموعة مؤلفين: 1994، نظرية الأجناس الأدبية، ط1، تعريب: عبد العزيز شبيل، النادي الأدبي، جدة
-ابن منظور، جمال الدين محمد بن مكرم: 1994، لسان العرب، ط3 ، دار صادر، بيروت
-مونتاليبتي، كريستين : 2001، جيرار جينيت: نحو شعرية منفتحة، ط1، ترجمة: غسان السيد، وائل بركات، دار الرحاب، وزارة الإعلام، دمشق
-الناقوري، إدريس: 1982: المصطلح النقدي في نقد الشعر: دراسة لغوية، تاريخية، نقدية، المنشأة العامة للنشر والتوزيع والإعلان، طرابلس، ليبيا
-الهمامي، الطاهر: 2003، الشعر على الشعر، بحث في الشعرية العربية من منظور شعر الشعراء على شعرهم إلى القرن 5هـ، 11م، منشورات كلية الآداب، منوبة، تونس
-ويليك، رينيه، ووارين، أوستن: 1985، نظرية الأدب، ط3، ترجمة: محيي الدين صبحي، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت
-يحياوي، رشيد: 1991، الشعرية العربية: الأغراض والأنواع، إفريقيا الشرق، الدار البيضاء
المراجع الأجنبية

Lukacs, Gyorgy, AModern Drama Fejlodesenek Tortente, (History of Modern Drama), Magve to Riado, 1978
  د. سمر الديوب-حمص-سوريا (2015-04-15)
Partager

تعليقات:
مرح /سورية 2015-04-18
البحث غني جداً ومفيد للباحثين في مجال الأنواع الأدبية وتداخلها لكن نرجو التعريف بالكاتب فقد عرف البحث بالكتاب ولم نعرف المبدع فالكتاب كما عرضته الباحثة يثير فينا الرغبة بقراءته. وشكراً لطنجة الأدبية ولاهتمامها بالدراسات النقدية المتميزة
البريد الإلكتروني : meme1990@hotmail.com

أضف تعليقك :
*الإسم :
*البلد :
البريد الإلكتروني :
*تعليق
:
 
 
الخانات * إجبارية
 
   
   
مواضيع ذات صلة

عبور النوع..قراءة في كتاب من أوراق الحياة-د. سمر الديوب-حمص-سوريا

متابعات  |   ناصية القول  |   مقالات  |   سينما  |   تشكيل  |   مسرح  |   موسيقى  |   كاريكاتير  |   قصة/نصوص  |   شعر 
  زجل  |   إصدارات  |   إتصل بنا   |   PDF   |   الفهرس

2009 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة الأدبية
Conception : Linam Solution Partenaire : chafona, sahafat-alyawm, cinephilia