حب من طرف واحد-حسن الغرتك-السمارة-المغرب
طنجة/الأدبية، الجريدة الثقافية لكل العرب. ملف الصحافة 02/2004. الإيداع القانوني 0024/2004. الترقيم الدولي 8179-1114 

 
قصة/نصوص

حب من طرف واحد

مرت أمامي بمشيتها الأنيقة كحمامة حرة طليقة، يطيب النظر إليها، ارتفعت درجة حرارة مشاعري وأشعل سحرها نار العشق المدفون مند ثماني سنوات خلت،
أحببتها وعرفت معنى العشق عندما رفضتني، قصتي معها مند كانت تدرس في المرحلة الإعدادية، وأنا أكبرها بحوالي تسع سنوات، كانت أصغر مني سنا لكن جسمها لم يكن يوحي بذلك، كل تضاريس جسمها من مرتفعات ومنخفضات وجبال وسهول تنم عن أرض خصبة صالحة للحرث والإنتاج، ليست بالنحيفة ولا البدينة، متوسطة القامة، أعجبت بها مند أول مرة مرت أمامي، عطرها الزكي اختارته بعناية فائقة ينسجم ولون بشرتها الذهبي ليست بفاقعة البياض ولا سمرة بلون أهل الصحراء، كانت فريدة في كل شيء تختلف عن باقي فتيات حينا، جعلتها فتاة أحلامي، مشيتها المتزنة وحركاتها القليلة، ابتسامة رقيقة وكأنها فنانة من العيار الثقيل ترد على معجبيها بكل رقة وثقة في النفس، لم أتمكن من النظر والتمعن في عينيها الساحرتان بما يكفي إلا من لمحات قصيرة سرقتها كلما التقت عيناها بعيني، كل ذلك جعلها ملهمتي في كل وقت وحين، أصبح ألمي ووجعي بها كبير فقررت أن أتقدم لخطبتها فرفضتني، لم أحزن ولم أبكي ولم أتحسر على الهزيمة.
فكتبت لها رسالة:  إلى التي أحببت من كل أعماقي وبكل جوارحي،
 لقد عرفت كم كنت مغرورا وغبيا في نفس الوقت عندما تقدمت لطلب يدك من دون أن أفتتحك في الأمر أو حتى أصرح لك بحبي أو أعبر عن مشاعري، ظننتك ستقبلين على أي شخص يتقدم لك فقط لأنك أنثى وفي حاجة ماسة لرجل لاستكمال سنة الحياة والحفاظ على النسل، لكن رفضك وعزة نفسك ما زادتني إلا إعجابا بشخصيتك أكثر فأكثر، لقد علمتني معنى الوفاء والصدق، عرفت معنى الجب أنا الأناني الذي غرته رجولته وتشبث بأعراف المجتمع "المرأة غير امرأة أما الرجل فهو المهم" وظننت أن منصبي في الوظيفة ومستواي المعيشي سيغريانك وسيفتح لي الباب أمام فتاة أحلامي، أما والحق يقال أنك كنت الأقوى، ومن اليوم فصاعدا لن ألح في طلب يدك حتى ولو بقيتي أنت الوحيدة في الكون وأنا الأعزب من بين كل المتزوجين في العالم، ليس انتقاما ولكنه العشق المثالي الذي أحسسته تجاهك، لن أقدم على دفنه في زواج يمكن أن ينجح ويمكن أن يفشل، أريده عشقا بدأته بالغرور والغباء صغيرا وأمني النفس به كبيرا شامخا ينموا مع الزمان ولن يموت أبدا.
أحببتك ولا أريدك قربي حتى لا أطيل النظر إلى جمالك كثيرا فتتغير الصورة وتغيب معها الأحاسيس ويموت عشقي العذري، أريدك بعيدة بعيدة فالأشياء الثمينة دائما ما توضع في أماكن عالية حتى لا تطالها الأيادي، والفنان لا يعجب بلوحاته إلا عندما تصبح في أيدي الآخرين.
واليوم سمعت أنك قبلتي على شخص تقدم لخطبتك، أتمنى أن تكوني أحببته كما أحببتك، وكوني على يقين أني سأبقى وفيا لعشق عشته لنفسي ولن أبوح بمشاعري تجاهك إلا للحجر والشجر والسهول والطيور، سأبكي لحزنك وسأسعد لفرحك، أنت الحب الوحيد الذي عبدت الطريق من أجله إلى فؤادي.
فمها يطول غيابك عن ناظري فستبقى صورتك تلك الفتاة البريئة في مخيلتي إلى الأبد"
 ولن أرسل هذه الرسالة وإنما سأحتفظ بها كأحلى تحفة تذكرني بحب صادق عشته ولن أنساه مهما طال الزمن، وحروفها شهادة توثق لحب من طرف واحد.



 
  حسن الغرتك-السمارة-المغرب (2015-09-04)
Partager

تعليقات:
أضف تعليقك :
*الإسم :
*البلد :
البريد الإلكتروني :
*تعليق
:
 
 
الخانات * إجبارية
 
   
   
مواضيع ذات صلة

حب من طرف واحد-حسن الغرتك-السمارة-المغرب

متابعات  |   ناصية القول  |   مقالات  |   سينما  |   تشكيل  |   مسرح  |   موسيقى  |   كاريكاتير  |   قصة/نصوص  |   شعر 
  زجل  |   إصدارات  |   إتصل بنا   |   PDF   |   الفهرس

2009 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة الأدبية
Conception : Linam Solution Partenaire : chafona, sahafat-alyawm, cinephilia