تبدو الشمس مشرقة في صباح جميل وتبدواْ معها مشاهد الحركة الذؤوبة مثيرة للدهشة ، لا يتكسر السكون ودفئ الصباح إلا على إيقاع سوق شعبي ترتفع فيه أصوات الباعة ممزوجة بالضجيج وضخب المارة وصياح الأطفال فيما يبدواْ لي مشهد الشرطي وهوفي مكانه متسمرا يستمع إلى صوت الراديو وهو يطلب منه بعجل زائد الإلتحاق بدوريته السريعة لتسخين عصاه في أجساد نحيلة، ورؤوس تئن متوجعة تحت الضربات وهي ترفع شعارات تبتدأ بحروف يقولون عنها في الدستور إنها حقوق مضمونة .
إلى زاوية قرب شارع " البوليبار " وقعت عيني صدفة على جسد يطرق الأرض برأسه إلى الأرض ويمد بيده متسولا ، وفي جانب أخر بدت لي إحدى العوانس وهي تتقرب متوسلة باكية إلى ضريح تذكره بالإسم " سيدي بوعراقية " تستفسره وتسأله علاه يمنحها زوجا سحريا ، إلى شارع الأبالسة ممومس تتمشى بالكعب العالي تتطلع إليها الأعين بلهفة مغبونة وترمي إليها بعبارات سكير هاج كالثور بمفردات الأنوثة الساقطة ليسرح في مرج الرذيلة منفلتا .
عبوس يسري على ملامحه وسواد مفاجأ يتملكه فيضرب بالنافذة إلى الحائط ليحدث رجة أشبه بزلزال وموت سريع يتسرب على حين غرة إلى جثثه لتسقط على الكنبة فتفوح منها رائحة فناء تقوده إلى تربة منسية .