من المذنب ؟-غزلان يقوتي-المغرب
طنجة/الأدبية، الجريدة الثقافية لكل العرب. ملف الصحافة 02/2004. الإيداع القانوني 0024/2004. الترقيم الدولي 8179-1114 

 
قصة/نصوص

من المذنب ؟

  غزلان يقوتي    

جلسوا تحت سقف واحد و على طاولة اجتمعوا.لأول مرة التقوا و لأول مرة، و في جلسة مغلقة، ناقشوا أهم مشكلة تؤرقهم و بحثوا عن حل لهذه المعضلة التي لم يجدوا لها مخرجا. تلك المسألة التي أقحمتهم في 


دوامة الحيرة و الأسئلة و جعلتهم محور تعاسة الإنسان وشقاءه. 


هو اجتماع صعب. داخل القاعة، تباينت الأجواء الساخنة و المشاحنات في ظل ما يسمى بمناقشة ديمقراطية .الكل فرض وجوده و الكل نفى التهم الموجهة اليه. داخل القاعة، اجتمع العقل و الحقيقة و الأخلاق و الضمير و الصبر و الحب. حاولوا أن يغيروا مصير رفيق دربهم " الإنسان" أوعلى الأقل تحسين طريقة عيشه. هدفهم المشترك هو النهوض بما يمكن أن يليق به لكي يعيش سعيدا.


هم يلازمونه مند أن خلق، لكن مرافقتهم له تتفاوت بدرجات إلى حد أنهم يختلفون معه في بعض المواقف. يعملون في صمت إلا أن الإنسان لايستطيع معاشرتهم جميعهم مرة واحدة.


العقل مهما حاول أن يخضع الإنسان لمحاكاة الواقع فان الإنسان يتخذ سلوكيات خاطئة ويدخل نفسه في متاهات لامتناهية. هكدا وجه العقل كلمته الأولى و أضاف:" انه من الصعب أن أتحكم في المرء,أحاول على قدر المستطاع أن أرشده إلى القرارات الصائبة و المناسبة لكنه في غالب الأحيان يتسرع و يتصرف من دوني و هذا ليس ذنبي".


و من هنا ظهرت الحقيقة تقول:" الإنسان بطبعه يتعامى عني و لا يكترث لي لأنه لا يريد أن يصطدم بواقعه المرير. يوهم نفسه أنه يبحث عني لكنه في حقيقة الأمر يتجاهلني و يسعى إلى تزييفي بشتى الطرق, انعدمت الأخلاق و هذا ليس ذنبي ".


 


دخلوا في مشادات كلامية و تبادلوا الاتهامات فيما بينهم, عصبت الأخلاق و ردت بصوت عال: "ماذا يمكن فعله عندما أرى أن الإنسان يتمادى في خبثه,كيف لي أن أفرض نفسي عليه عندما يطغى و يعدم ضميره الذي سقط في ثبات عميق !!!هذا ليس ذنبي".


اشتعلت الجلسة نارا و نهض الضمير من كرسيه و صاح : " بالله عليكم, لا تقولوا بأني أنا هو المخطئ الوحيد,إذا كانت الأخلاق لا تقو على تصرفات الإنسان فكيف لي أن أنهيه ,أنا الضمير,عن خطاياه و عن معاصيه. أنا الضمير, أدفن كل صباح جديد, يا الله ،أتركوني و شأني.لا تقسوا علي إذا عجزت أمام إنسان لا عقل له و لا صبرا, فهذا ليس ذنبي".


شد الصبر رأسه بيديه و رد بنبرة حزينة: " أرافق الإنسان كظله,لا أغيب عنه لحظة لكنه يتخلى عني في الأحوال الصعبة و لا يطيقني. أسامحه دوما و أطلب منه أن يتحلاني في شدائده لكنه هو صديق ،غير الصديق،لا يوفي بوعوده أبدا, لو كان الحب بجانبي لتغلبنا عليه سويا ,هذا ليس ذنبي".


بقيت الكلمة الأخيرة للحب الذي بكي و رثى حاله و قال :" أنا الذي أسكن قلب الإنسان و أعطيه مشاعر الود و الرحمة, أنا المسكين الذي لا يعرف سوى العشق, يسقيني من دم القتل و المرارة,و يرميني في عالم الخبث و البغض, أنا المغلوب على أمري, فالكراهية ليست من شيمي,أسعى أن أوفق بين الناس في الخير لكن دون جدوى, هذا ليس ذنبي.


تعالت الأصوات و درسوا الموضوع من جميع زواياه.كلهم برروا و أكدوا أنهم ليسوا وحدهم السبب في ما يعيشه الانسان.تساءلوا عما ادا كانت هناك ايادي خفية وراء تعاسته.لم يجدوا لأنفسهم اجابة مقنعة.خرجوا من القاعة و أجمعوا أن الانسان هو المدنب الوحيد في ما يعيشه.


سأقول أن حياة الانسان تحمل في طياتها الكثير.و ادا اجمعت هده الصفات انها تعجز عن اتمام وظيفتها فان الله سبحانه و تعالى هو المدبر الحكيم في شؤون خلقه.هو الدي يرسم قدر الانسان و شأنه. و مثلما يوجد الخير يوجد الشر أيضا.و الابتلاء ما هو الا امتحان وجب تجاوزه بقوة الايمان بالله و القدر".



 
  غزلان يقوتي-المغرب (2015-11-27)
Partager

تعليقات:
عبد الواحد ابروح /تطوان 2016-01-15
فعلا الانسان فقد الكثير ومات الضمير لولا يد الله للاكل الناس بعضهم لكنها الابتلاءات انها محاورة فلسفية راءعة طالما استمتعنا بقراء قصص عطية الابراشي قصص المثل والاخلاق والتربية تكون بالقدوة كما خلصت اليه المقالة الفلسفية هذه
البريد الإلكتروني : aboroh.yassir@gmail.com

أضف تعليقك :
*الإسم :
*البلد :
البريد الإلكتروني :
*تعليق
:
 
 
الخانات * إجبارية
 
   
   
مواضيع ذات صلة

من المذنب ؟-غزلان يقوتي-المغرب

متابعات  |   ناصية القول  |   مقالات  |   سينما  |   تشكيل  |   مسرح  |   موسيقى  |   كاريكاتير  |   قصة/نصوص  |   شعر 
  زجل  |   إصدارات  |   إتصل بنا   |   PDF   |   الفهرس

2009 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة الأدبية
Conception : Linam Solution Partenaire : chafona, sahafat-alyawm, cinephilia