حول المسألة اللغوية في المغرب و العالم العربي-عبد المجيد أحصاوي
طنجة/الأدبية، الجريدة الثقافية لكل العرب. ملف الصحافة 02/2004. الإيداع القانوني 0024/2004. الترقيم الدولي 8179-1114 

 
مقالات

حول المسألة اللغوية في المغرب و العالم العربي

نقترح على القراء من المهتمين بالشأن اللغوي والفاعلين في المجال اللساني أهم التوجهات والتحليلات والمقاربات البيداغوجية والديداكتيكية للمسألة اللغوية ضمن مجلة << عالم التربية>> التي خصصت عدديها السادس والعشرين والسابع والعشرين، اللذين صدرا متساوقين، لتناول ملف المسألة اللغوية في المغرب والعالم العربي. وهكذا خصصت العدد(26) لتناول الملف من زاوية التوجهات والتحليلات، وخصصت العدد (27) لتناوله من زاوية المقاربات البيداغوجية والديداكتيكية. ويستمد العددان أهميتها من كونها يجمعان بين المرجعتين: العلمية والسياسية. ويستحضران أهمية الحسم في الاختيارات اللغوية، مع مراعاة عناصر مهمة من قبيل الوطنية والهوية والكونية، حتى يتأتى الحفاظ على التنافس المعرفي والتكنولوجي والاقتصادي، دون إهمال ما أفرزه واقع العولمة من جهة أخرى. أمام هذه التحديات الكبرى، أصبح لزاما علينا التمسك بلغتنا الأصيلة ودعمها بلغات كونية، وفي المقدمة منها الإنجليزية والصينية.



خصصت (مجلة عالم التربية) عددها (26) حول المشهد اللغوي بالمغرب والعالم العربي. والحال أن الواقع اللغوي في المغرب يفتقر إلى الإرادة السياسية، والجرأة العلمية للوقوف على مكامن الخلل إن على المستوى الوصفي أو الوظيفي / العملي، وتحرير  اللغة العربية من قيود الوصاية المسطرة في النصوص التشريعية و القانونية، و التعامل معها من صميم الممارسات الطبيعية، والمهام الإدارية في جانبيها اللامركزي و اللاتمركزي حتى يمكنها استعادة وظائفها الحيوية و أدوارها الإنمائية في قطاع التعليم، و سلك الإدارة والمقاولة ...من هنا يمكن القول إن الوقت قد حان للحسم بكل جرأة سياسية وصرامة علمية و نزاهة فكرية في إشكال الاختيارات اللغوية مع مراعاة عناصر هامة من قبيل الوطنية والهوية و الكونية حتى يتأتى الحفاظ على الخصوصية المحلية من جهة و مواجهة مظاهر  التنافس المعرفي و التكنولوجي و الاقتصادي التي أفرزها واقع العولمة من جهة أخرى.
أمام هذه التحديات الكبرى، أصبح لزاما علينا التمسك بلغتنا الأصلية، و دعمها بلغات كونية وفي المقدمة منها الإنجليزية و الصينية، و الإنهاء مع أسطورة كون اللغة الفرنسية هي النموذج الأمثل و الأوحد في المعاملات الإدارية، و المبادلات التجارية، وتحصيل المعارف العلمية و الأدبية .
من هذا المنظور، سنحاول عرض مختلف مقاربات الباحثين المغاربيين للمسألة اللغوية التي أصبحت تفرض ذاتها بشكل قوي في صلب المشروع المجتمعي المستقبلي. وسنعرض أهم جوانب المعالجة توصيفا وتشريحا وتقويما، وسيكون البدء مع الحوار الذي أجراه الأستاذ الباحث الزين بوشعيب مع الأستاذ/ الدكتور عبد القادر الفاسي الفهري أكاديمي ـ باحثورئيس جمعية اللسانيات بالمغرب وعضو اللجنة الخاصة للتربية والتكوين سابقا. وقد أفضىالحوار إلى نتائج هامة حول إشكال التقويم الذي أنجزه المجلس الأعلى للتربية والتكوين، وذلك قبل إصدار المجلس رؤيته الاستراتيجية 2015/2030لإصلاح المدرسة المغربية. يرى الدكتور عبد القادر الفاسي الفهري أن الغائب في التقويم المنجز من قبل المجلس الأعلى، هو اللجوء إلى مقيمين خارجيين، خبراء ووكالات حتى يكون التقويم وافيا وموضوعيا ومحايدا. فإذا أرادت الدولة فعلا أن تقوم بالتقييم، فيجب أن يكون مستوفيا لشروط الحياد والمرجعية. ويرى أن آليات التقييم بكل مواصفاته المحلية والدولية، هي أبرز وأورد الآليات لضمان التوصيف الموضوعي للحصيلة والحكم علىالنتائج كمّْا وجودة،وضمان التقدم والتراكم على أسس سليمة. فقد قيل الكثير عن أهمية وضرورة مراعاة المواصفات الدولية، دون العمل على ترجمتها إلى فعل وممارسة. لقد كان للمحيط الداخلي تأثيرا قويا في تقييم التقرير، تقييم الإشكالية اللغوية حيت اشترطوا ضرورة الانسجام اللغوي عبر السلكين التأهيليوالعالي، وقد أفضى ذلك الى نتائج سلبية.
وقد أشار المفكر عبد القادر الفاسي الفهري الى المفارقة القائمة بين الحكومة كهيئة تنفيذية/ تمثيلية،والمجلس كهيئة استشارية اقتراحية متسائلا كيف للهيئة الحكومية التي تمتلك سلطة تنفيذية أن تطبق أو تلتزم بسياسة أو توجهات يقترحها مجلس استشاري لا يحظى بتمثيلية سياسية. من هنا الفصل بين التصور والتطبيق والتحصيل الفاشل. تفطن المفكر عبد القادر الفاسي الفهري إلى غياب الوعي بأهمية التراكم الذي يحدد الإطار المرجعي والمنهج والحصيلة، وهو ما نجده معتمدا في مناهج وخطط وبرامج الغرب.
وفي معرض الرد على الادعاء القاضي بكون اللغة العربية عاجزة عن القيام بالأدوار التي تقوم بها الفرنسية، يقر المفكر الفاسي الفهري بأن لغة العولمة أو الكونياتية هي الإنجليزية بامتياز، وأنها الأكثر شيوعا وتداولا. ويرى أن الهندسة اللغوية المقترحة لم تراع مقتضيات الدستور.
وعن إشكال التدريس بالعربية والأمازيغية، فيرى المفكر الفاسي الفهري أهمية الاشتغال هنا على مشاكل الازدواجيات (الازدواجية العربية بين اللغة المعيارية واللهجات العامية-الازدواجية الأمازيغية بين اللغة المعيارية الناشئة في المعهد واللهجات الريفية والسوسية ... الازدواجية الفرنسية -الإنجليزية)، وكيف تطرح مشاكل جدية تحول دون نجاح التعليم ونجاح السياسة اللغوية.
 نعود إلى أهمية الوعي بمسألة "التراكم "فقد أشار المفكر الفاسي الفهري في مقالة "ثلاثية لغات الألفية الثالثة في المدرسة المغربية وثلاثية الإنصافوالفعالية والنجاعة" أن مصدر النقص، يكمن في التطبيق الذكي للنصوص المرجعية الهامة التي تراكمها المغاربة وأبدعوا فيها، ولكنهم تقاعسوا في بلورتها بصفة شمولية ومتكاملة، فكان لها تأثيرا سلبيا على مستويي الإنجاز والتقييم الدائموالمطلوب.
ولقد كشف عن خلفيات الاختيارات السياسية للغات التعليم، والمتمثلة في إعادة إنتاج الفوارق والميز عبر اللغة كما كان عليه الحال أيام الحماية. إن هذا الاختيار غير الموفق، علاوة على السياسة اللغوية غير الفاعلة، هو مصدر الفشل بامتياز.
انطلاقا من الاعتبارات السياسية والثقافية والاقتصادية الشاملة، يفضل المفكر الفاسي الفهري {حل ثلاثية لغوية} في التعليم ألتأهيلي والعالي، بحضور اللغة الوطنية الرسمية واللغة الكونيةالشاملة، ولغة ثالثة نعتها بأنها لغة التمكين التقافي ـ الحضاري والتكامل الإقليمي ويظن أنها هي الفرنسية الآن.
ويرى الأستاذ الفاسي الفهري أن السياسات اللغوية المعتمدة في اختيار لغة التعليم، والتي راهنت على الفرنسية دون غيرها، نتجت عنها سلبيات أخرى (الميزوالتفريق الطبقي في اللغة + إعادة إنتاج نخب عبر لغة وثقافة واحدة + خلق صدام للنخب عبر صدام اللغات والثقافات)، ولا يمكن تلافي هذه السلبيات إلا باعتماد النظام الثلاثي اللغوي الذي يقترحه اللساني عبد القادر الفاسي الفهري. وفي معرض الحديث عن مشكل ضعف إتقان اللغات، فيرى الفاسي الفهري أن مرده الأساسي إلى كون الطفل لا يتمكن من إتقان لغته الوطنية في سن مبكرة، قبل أن يشرع في تعلم اللغات الأخرى والمعارف المتصلة بها، لعدم توفر البيئة اللغوية الأولى المواتية للتعلم وعدم توفر المدرسين الأكفاء وعدم توفر البيداغوجيا الملائمة....
ولقياس الجودة اقترح الأستاذ معايير ثلاثة: هناك معايير عدة لتقييم جودة أنظمة التربية والتكوين منها ما هو اقتصادي (مثل الفعالية والنجاعة)، ومنها ما هو اجتماعي (مثل الإنصاف). وهناك مؤشرات تتعلق بإنتاجية الأنظمة أو فاعليتها (efficacy) بالنظر إلى المنتوج،ومؤشرات متصلة بالاستثمارات وكلفة التكوين تبرز في نجاعة الأنظمة (efficiency).
ويتساءل المفكر الفاسي الفهري إذا كانت هذه المعايير قد طبقت في اختبار جودة نظام التربية والتكوين، فكيف يمكن أن نوظفها لإجراء اختيار لغات التعليم أو سياسة لغات التعليم؟
وفي معرض جوابه يرى أن اختيار لغات التعليم والسياسة المتبعة في تعليمها، تحدد نجاح تعلمها أولا (الفعاليةوالنجاعة الداخلية)، ونجاح المتعلم بها في المجتمع المحلي والدولي (الفعاليةوالنجاعة الخارجية). وإن سياسة تعليم اللغات المتبعة قد ينتج عنها عدم المساواة والإنصاف.
-وفي مقال {المسألة اللغوية بالمغرب ـ الورش الوطني الكبير ـ} للدكتور حسن الصميلي، عضو المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحت العلمي ـ المغرب يرى أن اللغة الفرنسية أصبحت عاجزة، في هذا العصر، على تقديم المنفعة المرجوة لأي مجتمع من المجتمعات الفرانكفونية، إلى جانب العامل المنفعي يستحضر الدكتور حسن الصميلي عامل الهوية المتمثل في لغاتنا الوطنية والمتمثلة في اللغتين المدسترتين، هذا إلى جانب الارتقاء بمستوى اللهجات التي يزخر بها المجتمع المغربي،والتي تشكل الموروث الثقافي الغالي للبلد.
وفي خصوص ترشيد الوضع اللغوي بالمغرب ، يرى الباحث حسن الصميلي إذا نظرنا إلى اللغات المتواجدة في المجتمع المغربي من جهة الوضع (وطنية / أجنبية )، ومن جهة السمات و الوظائف نجد أن الخلل يأتي من هيمنة اللغة الفرنسية على اللغتين الوطنيتين ( اللغة العربية و اللغة الأمازيغية ) في جزء كبير من وظائفها الأساسية، وتلك علامة على الوضع اللغوي غير الطبيعي: يبدأ الخلل عندما نتمعن في السمات و الوظائف الأخرى المرتبطة باللغة الأجنبية ( الولوج إلى المعرفة و العلم عالميا ، و التعامل الدبلوماسي / التجاري الدولي ) حيث نسجل تراجعا كبيرا للفرنسية .
ـ أسباب فشل التعليم وتأزمه كثيرة، ولا صلة لها باستعمال اللغة الوطنية في التدريس عوض لغة أخرى، بل انعدام سياسة لغوية تقوم على احترام اللغة الوطنية وإعطائها مكانتها في مجال التعليم... الخ، لهي من الحلول الناجعة للخروج من هذه المشاكل المستعصية. ولعل هذا ما كشفه مقال {العربية ولغة التدريس وإصلاح التعليم} للدكتور الباحث عبد العالي الودغيري أستاذ التعليم العالي جامعة محمد الخامس ـ الرباط.
ويرى أن ضعف مستوى تعليم اللغة العربية راجع إلى طرق تعليم اللغة وتدريسها التي لم تعرف تطورا كبيرا، ودور الإعلام في محاصرة الفصحى وإفسادها واستعمال الدارجة في شرح المواد المقررة ومزاحمة اللغة الأجنبية للغة العربية، وأخيرا ليست الدعوة لتدريس الدارجة سوى مدخلا للإجهاز على اللغة العربية.
ينطلق الدكتور والمفكر أبو بكر العزاوي أستاذ التعليم العالي – جامعة العربي سليمان- بني ملال من سؤال مركزي: لماذا هذا الاهتمام العالمي باللغة العربية، وهذا الجمود والإهمال بل والمحاربة والهجوم في المغرب؟
 جوابا عن هذا السؤال، يرى المفكر والدكتور أبو بكر العزاوي أننا نجد اليوم في المغرب دعاة التدريس بالدارجة، وأن اللغة المعتمدة في الإدارة والصناعة والاقتصاد والمالية والمقاولات ...، هي اللغة الفرنسية وليست العربية. وهذا من شأنه أن يعمق الهوة الحضارية ويكرس التخلف والتبعية العلمية والاقتصادية والفكرية والثقافية لفرنسا خصوصا وللغرب بشكل عام، ومن شأنه أيضا أن يعيق تنميتنا.
ويرى الدكتور أبو بكر العزاوي أن اللغة العربية تواجه حاليا تحديات كثيرة، وأكبر تحد ستواجه مستقبلا هو الحفاظ على خصوصيتها ومكانتها وضمان استمرارها وحضورها في كافة الميادين العلمية والتقنية والاقتصادية ...الخ. وتواجه أيضا تحدي العولمة كما تواجه اللغة العربية أخطار الدعوة إلى إحلال اللهجات المحلية محل اللغة العربية، وإلى تدريس العلوم والمعارف بالدارجةالمغربية. وكذلك الهجوم الذي شنه عليها دعاة الأمازيغية والمتطرفون منهم.
وينتهي الدكتور أبو بكر العزاوي بضرورة إعادة النظر في ترتيب اللغات الأجنبية التي ندرسها وندرسها لتلاميذنا وطلبتنا بحسب الأهمية التي للغة، حيت تأتي الإنجليزية في المقام الأول باعتبارها لغة كونية ولغة البحت العلمي ولغة التكنولوجيا، مع الانفتاح أيضا على اللغات الأخرى (الصينية واليابانية والألمانية ....). أما بخصوص التعريب، فيجب أن يشمل تعريب المضمون وتعريب المصطلحات وحتى تعريب الرموز، لأن لغة العلم هي لغة المصطلحات. كما أن تعريب التعليم العالي والجامعي ضرورة حتمية / علمية / اقتصادية / تنموية /تربوية. الخ.
-يقدم الأستاذ بوشعيب الزين قراءة تفكيكية تتوخى رصد الخلفية السياسية من خلال تناول موضوع التعريب في مقاله{تعريب الجامعة والمرافق الإداريةوالاقتصادية والخلفيةالسياسية}.يرى الأستاذ بوشعيب الزين أن الخلفية السياسية التي حكمت وتحكم مواقف القوى التقدمية الوطنية، يمكن فهمها أكثر بتأطيرها ضمن ما أسماه محمد عابد الجابري بالمجال السياسي التقليدي الذي قوامه الاتصال المباشر للمشاورة أو المخابرة مع أعلى سلطة في البلاد.
وبعد عرض الأستاذ الباحث موقفي حزب الاستقلال والاتحاد الاشتراكي من قضية التعريب رصد الخلفية السياسية التي تحكم هذين الموقفين، وهي خلفية تستمد عناصرها من رؤية الحزبين للغة باعتبارها ليس مجرد أداة للتواصل فحسب، بل بوصفها كذلك ذاكرة للوجدان المغربي والعربي والإسلامي، وأهمية حمولتها الثقافية والدينية... في إثبات الهوية. وعلى هذا الأساس خلص الأستاذ بوشعيب إلى أن الخلفية السياسية التي حكمت موقف رجال الحركة الوطنية والأحزاب السياسية التقدمية في فترة الاحتلال، لهي الخلفية نفسها التي ينبغي أن تظل تحكم موقفنا اليوم، وتوجهه الى إقرار تعريب تام وفعال لمواجهة الأطروحة القائمة على استراتيجية التلكؤ و ازدواجية المواقف المناوئة للتعريب.
ـ وحول دور اللغة العربية في دعم الهوية الحضارية، يتموقع مقال {اللغة العربية وقضايا الهويةوالثقافية والتكامل الحضاري في مجتمعات العالم الإسلامي ـ الأوضاع والفرص وتحديات عصر العولمة} للباحث في علم الاجتماع والخبير التربوي مصطفى محسن، والذي يرى أن دور اللغة العربية في دعم الهوية الحضارية في مجتمعاتنا العربية خاصة والإسلامية عامةبالمفهومي الحواري المتفتح والدينامي للهوية، وليس بالمعنى الضيف، لا يقف عند حدود المعطي السوسيو حضاري والثقافي الهام، وإنما يمتد أيضا ليستهدف إنضاج الوعي بخصوصيات الظرفية الحضارية من جهة التحديات والرهانات...
ـ نجد في هذا الإطار مقال <<الحقوق اللغوية وجدلية الهوية والتعدد الثقافي ـ رؤية تربوية حضارية ـ >> للباحث في مجال التربية والتكوين الأستاذ حسن علوض، والذي من خلال تحليله لمسألة الحقوق اللغوية وجدلية الهوية والتعدد الثقافي توصل إلى نتيجة مفادها <<أننا متساوون، لكن مختلفون>>.
-ذهب الدكتور محمد صمدي في المنحى نفسه، في مقاله <<رؤى مغربية جريئة في مسألة التعريب>> مقدما نماذج من المقاربات لثلة من الباحثين المرموقين مؤكدا من خلال أرائهموتحليلاتهم على ضرورة التمسك بالعروبة، وكيف أن اللغة العربية تشكل قاعدة صلبة لا يمكن فصلها عن المكون العام لهويتنا، على اعتبار أن الهوية تتطابق مع الكينونة.
-ينطلق الدكتور الباحث محمد عزيز الوكيلي، رئيس قسم الموارد البشرية والشراكة والاتصال بأكاديمية جهة الدار البيضاءـ سطات من منطلق إقرار وجوب تعلم اللغات الأجنبية، متسائلا عن أي اللغات الأسبق ؟ وأيها أقدر على التعايش مع غيرها ؟وفي أي الأعمار ينبغي البدء في قطع هذا المشوار التحديثي الضروري والحيوي بمعايير الزمن الراهن؟
وإذا كانت اللغة من جهة التعريف نظام رمزي صوتي، ذو مضامين محددة تتفق حوله جماعة معينة، فيستخدمه أفرادها في التفكير و التعبير و الاتصال فيما بينهم، فإن الدكتور الباحث محمد عزيز الوكيلي يركز على الطبيعة الصوتية للغة، فقد أكدت دراسات علم الأصوات اللغوية و الفونولوجيا أن المجال الصوتي يتكون في سنين العمر الأولى، حيت عملية اكتساب اللغة تكون سهلة، لاعتبار كون المخ البشري، في هذه المراحل الأولى، يتميز بالمرونة و بإمكان الطفل اكتساب نطق مثيل لنطق المتحدثين بها على السليقة.
 ومن هنا تأتي، حسب الباحث، أهمية الالتفات إلى الجانب الوظيفي للغة. كما أن التبكير بتعليم اللغات الأجنبية لا يؤثر سلبا على تعلم اللغة الأم.
ناهيك على كون اللغة الأجنبية غير مجردة من الثقافة والمعرفة التيأنشأتها، مما يعني أن تعليم لغة اجنبية مند الصغر يساهم في توسيع آفاق الطفل وينمي قدراته الإبداعية وإدراكه الفكري.
-وقد انتهى الباحث رشيد الصغير في مقاله <<الإشكال اللغوي في العالم العربي في كتابات المستشرق الفرنسي جاك بيرك >> إلى أن إشكالات اللغة العربية هي في المقام الأول، إشكالات المجتمعات العربية الغائصة في أوحال التخلف.
-أما الأستاذ فؤاد بو علي في مقاله <<السؤال اللغوي في زمن التحول الديمقراطي>>فيرى أن المشهد اللغوي بالمغرب مشهد موسوم بالفوضى، تتنازعه الانتماءات والولاءات الأيديولوجية. وأن التحول الديمقراطي الذي حمله سياق الربيع العربي، لا يمكنه التحقق دون إصلاح لغوي يوازي الإصلاح السياسي، الشيء الذي يقتضي بناء سياسة لغوية جادة.
-يأتي مقال الأستاذ موسى الشامي ـ رئيس الجمعية المغربية لحماية اللغة العربية <<ماذا دسترنالغويا ؟>> لإبراز مأزق دسترة الدوارج عربيها وأمازيغيها، مبينا وكاشفا عن التهميش الذي تعاني منه اللغة العربية لصالح هيمنة اللغة الفرنسية. ويختتم حديثه بتساؤل ذي دلالة ومغزى: ماذا دسترنا لغويا حتى الآن؟
وفي مقال الدكتور عبد الكريم غريب مدير ورئيس مجلة عالم التربية ـ المغرب <<مسألة اللغة العربية واللغات بين الهوية والمنفعة >> نجد الدعوة إلى ضرورة ربط اللغة والهوية في كل أبعادها- في عصر العولمة هذا- بالذات وبعامل المنفعة و الفائدة، وذلك بغرض تحقيق التنمية وربح رهانات المنافسة...
وقد قاده التحليل في هذا المقال إلى تأكيد أن موقع اللغة العربية أحسن بكثير من موقع اللغة الفرنسية، لاعتبارات تتصل بكون المقومات العربية (اللغوية والعقائدية والقيمية والجغرافية والتاريخية ...) أفضل مناخ في العالم لصياغة مشاريع مجتمعية أو قومية تؤهلها لاحتلال الصدارة.
في المقال الموسوم ب<<لغة التدريس بالمدرسة المغربية بين الموجود والمنشود>> للباحث الدكتور عبد اللطيف الجابري،يقدم الباحث جملة من التقييمات والتقويمات، نختزلها في ضرورة اعتماد اللغة العربية كلغة يقرها الدستور المغربي من جهة، ومن جهة أخرى فهي تشكل أهم مكونات هويتنا المغربية، ومن جهة ثالثة فإن اللغة العربية الفصحى لا يمكن أن تعوض ببعض الطرهات التخريبية كما هو الأمر للهجة أو اللهجات، والتي تفتقد لأي مرجعية علمية ولسانية.
-وقد انتهى الباحث عثماني الميلود ـ أستاذ بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين-في تحليله إلى ضرورة بناء سياسة لغوية جادة، يجد فيها كل أبناء الوطن الواحد أنفسهم دون إقصاء أو تمييز، وهو هدف الدولة الديمقراطية.
-وإلى جانب التأكيد على أهمية اللغتين العربية والأمازيغية في توطيد هويتنا وأصالتنا، فإن الأستاذ عبد العزيز قريش المشرف التربوي بنيابة مولاي يعقوب يرى في مقاله (قول في المسألة اللغوية بالتعليم المغربي) أيضا أهمية الانفتاح على غيرنا من المجتمعات العربية  أيضا المجتمعات العربية/ الأمازيغية. كما يرى الأستاذ الباحث أهمية اعتماد اللغة الإنجليزية كلغة أجنبية باعتبارها لغة العلم والتواصل الكوني.
-وقد أجرى إبراهيم الباعمراني رئيس الجمعية المغربية لدعم التعليم الأولي والتربية غير النظامية حوارا مع السيد عمر عزيمات رئيس المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، حول عناصر الرؤية الاستراتيجية للإصلاح، وقد أتمر نتائج نذكر منها تقديم الخطوط العريضة للرؤية الاستراتيجية لإصلاح المدرسة المغرية باعتماد المقاربة التشاركية والتشاورية بهدف استكمال بناء مغرب المواطنة والديمقراطية والتنمية.... حيث رامت الرؤية الاستراتيجية تعميم تعليم يكون بمواصفات الجودة ويراعي مبدأ الإنصاف والمساواة وتكافؤ الفرص، وتحقيق مدرسة الجودة للجميع.
وفي جواب عن موضوع الاختلالات البنيوية التي يعاني منها التمدرسبالأوساط القروية فقد خرج المجلس بقرار إلزامية تعليم منصف، وذي جودة دون تمييز لفائدة أطفال وطفلات هذه الأوساط.
وفي جواب أيضا عن تعميم التعليم الأولي وإدماجه ضمن سيرورة التعليم العمومي، فقد اقترح المجلس تصورا للنهوض المتدرج بالتعليم الأولي في حدود السنوات العشر الجارية، ويقوم على تعميم تعليم أولي بمواصفات الجودة، على أن يكون ملزما للدولة والأسر بقوةالقانون.
وفي معرض الحديث عن التعليم الخصوصي، وانفلاته من مراقبة إدارية صارمة، فقد أكد المجلس في رؤيته الاستراتيجية على ضرورة مراعاة تكافؤ الفرص والتكامل مع التعليم العمومي، ومن ثم ضرورة التزام قطاع التعليم والتكوين الخاص بمبادئ المرفق العمومي...
وحول إشكالية الخصاص في الموارد البشرية التي تعاني منها المنظومة التربوية، فإنها حاضرة في برامج عمل القطاعات المكلفة بالتربية والتكوين.
أما عن التغييرات والتجديدات البنيوية التي يقترحها المجلس حول الهيكلة الحالية للأسلاك والأطوار التعليمية، فإن الأساس منها هو ربط التكوين المنهي بالتعليم المدرسي بمختلف أسلاكه.
وقد استندت مراجعة المناهج والكتب المدرسية وتفعيل اللجنة الدائمة للتجديد والملاءمة ... إلى ثلاثة مقومات: مقوم مؤسساتي ومقوم تقييمي ومقوم استشرافي.
كما دعا المجلس إلى إصلاح شمولي لنظام التقييم والامتحانات، حيث أوصى المجلس بإعادة النظر في كيفية اعتماد نتائج المراقبة المستمرة...وضرورة إعادة الاعتبار والمصداقية للامتحانات الإشهادية ....
ومن الإشكاليات التي عكف على دراستها المجلس إشكالية تدريس اللغات و لغات التدريس، وقد ارتكزت مناقشات هذا الموضوع إلى الخيارات اللغوية التي اقرها الدستور وتبني ايجابيات التعددية اللغوية داخل المنظومة التربوية... كما تتصل هذه المبادئ بإعطاء الأسبقية للدور الوظيفي للغات المعتمدة في ترسيخ الهوية والانفتاح الكوني واكتساب المعارف....
كما جاء الحوار بنتائج أخرى، لا تقل أهمية عما استعرضناه، وذلك من قبيل التوصية بإرساء نظام لحكامةتدبير المنظومة التربوية، ومسألة ملاءمة التعلمات والتكوينات مع حاجات البلاد ومهن المستقبل...
-يقدم مقال <<اللغة العربية بين المعنى الدستوري و الواقع وإمكانات التطوير>> للدكتور الباحث عباس الجراري أستاذ جامعي وعضو أكاديمية المملكة المغربية، قراءة تقوم على الجمع بين مداخلتين متفرقتين: الأولى ترصدت ل<<معنى دستورية اللغة>> والثانية رامت <<تشريح إشكالية اللغة العربية كواقع يحتاج إلى تطوير>>. و قد حدد المفكر أهم المؤشرات و التوجيهات التي ينبغي اعتمادها في صياغة سياسة لغوية شفافة و واضحة تقود مجتمعنا والمجتمعات المغاربية و العربية إلى تعبيد الطريق القويم، مما يمكن لغتنا من استعادة قيمتها التنموية حتى نقوى على مسايرة العولمة من جهة السبق التكنولوجي المتمثل بالأساس في لغة التعلم و التواصل و التجارة و الإدارة ... وقد خاض المفكر عباس الجراري في المسألة اللغوية متسائلا عن معنى دستورية اللغة العربية، وعن واقع اللغة العربية الذي يحتاج إلى تطوير. وقد انتهى إلى نتيجة مفادها أن الابتعاد عن اللغة العربية، سواء باللجوء إلى لغة أجنبية أو إلى لهجة عامية، لا يؤدي سوى إلى تقوية ثيار التغريب.
-حاول الأستاذ الباحث محمد فاتحي أستاذ التعليم العالي بمركز التوجيه والتخطيط التربوي -الرباط. في مقاله<<إشكالية تدريس اللغات في المنظومة الوطنية للتربية والتكوين>>الإشارة إلى أهم توجهات الدستور المغربي لسنة 2011، بخصوص المسألة اللغوية الوطنية منها والأجنبية المتقدمة، مع تقديم توجيهات في شأن التدبير الجيدأو الأفضل للتعدد اللغوي بالمغرب، ليقترح على إثر ذلك سبل لإنجاح السياسة اللغوية في المغرب. وقد أورد في هذا المقال معطيات حول إشكالية تدريس اللغات. مع الإشارة إلى أولوية تدريس اللغات بالمدرسة المغربية، ونحو تدبير أفضل للتعدد اللغوي في المغرب، مع اقتراح اعتبارات لإنجاح السياسة اللغوية في المغرب، وآليات لتطبيق سياسة لغوية فاعلة.



 
  عبد المجيد أحصاوي (2016-09-22)
Partager

تعليقات:
أضف تعليقك :
*الإسم :
*البلد :
البريد الإلكتروني :
*تعليق
:
 
 
الخانات * إجبارية
 
   
   
مواضيع ذات صلة

حول المسألة اللغوية في المغرب و العالم العربي-عبد المجيد أحصاوي

متابعات  |   ناصية القول  |   مقالات  |   سينما  |   تشكيل  |   مسرح  |   موسيقى  |   كاريكاتير  |   قصة/نصوص  |   شعر 
  زجل  |   إصدارات  |   إتصل بنا   |   PDF   |   الفهرس

2009 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة الأدبية
Conception : Linam Solution Partenaire : chafona, sahafat-alyawm, cinephilia