الحرث 1*-محمد علي الرباوي(المغرب)
طنجة/الأدبية، الجريدة الثقافية لكل العرب. ملف الصحافة 02/2004. الإيداع القانوني 0024/2004. الترقيم الدولي 8179-1114 

 
شعر

الحرث 1*

(هاجَرْ) في جَوْفِ الصَّحْراءِ وَما صاحَبَها ظَبْيٌ يُمْكِنُ أَنْ تَـتَفَجَّرَ (زَمْزَمُ) بَيْنَ أَنامِلِهِ الْخَضْراءِ وَأَنْتَ عَلى رِئَتَيْكَ أَزيزُ النّارِ. تَجوبُ جَزائِرَ ذاتِكَ تَسْتَعْطِفُ دَمْعَكَ أَنْ يَرْسُمَ سَطْرَيْنِ عَلى خَدَّيْكَ وَلَكِنْ تَعْصيكَ الدَّمْعَةُ عِصْيانا.
تَتطلَّعُ (آجَرُ) مِثْلَ الْبُسْتانِ الظَّمْآنِ إِلى غابَةِ سَرْوٍ قَدْ تَطْلُعُ مِنْ أَدْغالِ ضُلوعِكَ تَنْثُرُ أَوْراقاً خَضْراءَ عَلى عَيْنَيْها الْوَاسِعَتَيْنِ تَقيها وَهَجَ الْخَوْفِ الْكَاسِرِ هَلْ تَنْمو الْغابَةُ في الْجَسَدِ القاحِلِ هَلْ تَنْبُعُ مِنْ كُثْبانِ الرَّمْضاءِ عُيونُ اللَّيْمونِ. فَهَلا قُلْتَ لِماذا أَنْتَ تَعيشُ الصَّحْوَ شِتاءً فَشِتاءً وَتَعيشُ الرُّعْبَ رَبيعا فَرَبيعاً. وَلِماذا لا تَنْفُضُ عَنْكَ سُعارَ الْحُلْمِ أَلَيْسَ حَراماً أَنْ تُشنَقَ بِالْحُلُمِ الْمَقْتولِ وَأَنْتَ تُشاهِدُ مَطْلَعَ يَوْمِكَ عَبْرَ مُحَيَّا الْقَمَرِ الْمَخْمورِ أَلَيْسَ حَراماً أَنْ تَبْقى (هاجَرْ) تَرْكُضُ خَلْفَ الْغابَةِ تَحْمِلُ بَيْنَ ذِراعَيْها حُلْماً هِيَ لا تَعْرِفُ تَأْويلَ فَواصِلِهِ لا تَعْرِفُ حَتّى ما تَتْلوهُ إِذا ما اللَّيْلُ سَجا.
آهٍ لوْ (هاجَرْ) تَهْجُرُ عِنْدَ الْفَجْرِ فِجاجَكَ يَوْمَئِذٍ تَسْكُنُكَ الدَّهْشَةُ تَنْمو في أَعْماقِكَ أَحْجارٌ لا تَقْدِرُ أَنْ تَقْرَأَها حَجَراً حَجَراً. وَسُدىً سَتُفَتِّشُ عَمَّنْ يَبْنِي مَعَكَ الْبَيْتَ إِذا ما الْبَيْتُ تَأبَّدَ أَوْ بَكَرَتْ ساحَـتَــهُ السّارِيَةُ الْعَجْلى أَلِهذا – إِذْ فيكَ مَضى حُكْمُ الْمَحْبوبِ- قَسا قَلْبُكَ أَطْلَقْتَ عِنَانَ جَوادِكَ نَحْوَ جِبَالِ الْكُفْرِ الدّامِسِ لَكِنَّ الله أَرادَ الْحَرْثَ بِلا أَدْغالٍ تِلْكَ إِرادَتُهُ تَدْعوكَ أَنِ اسْتَوْرِدْ مِمّا يَتَأَجَّجُ في صَلَواتِكَ لِلْحَرْثِ رِياحاً وَرِياحاً وَرِياحا.
هَلا فَجَّرْتَ لَهيبَ صَلاتِكَ خارِجَ جَوْفِكَ إِمّا طَلَعَ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ أَوْ طَلَعَ الْخَيْطُ الأَسْوَدُ عَلَّ إِلاهَكَ يَنْفُخُ في حَرْثِكَ نَفْخاً.
****
(آجَرْ) تَجْتافُ مَجاهِلَ هَذا القَفْرِ تُفَتِّشُ بَيْنَ ضَفائِرِها عَنْ ظَبْيٍ يَزْرَعُ أَشْجارَ الأُنْسِ السَّاحِرِ في أَجْزاءِ فَيافيها. أَمّا أَنْتَ فَما زِلْتَ بَعيداً عَنْ ذاتِكَ تَلْهَثُ خَلْفَ الْغَيْثِ وَلَكِنَّ الْغَيْثَ يُسافِرُ بِاسْتِمْرارٍ فَلِماذا أَنْتَ بَعيدٌ عَنْ ذاتِكَ ثُمّ لِماذا إِذْ جاءَكَ بَأْسُ اللهِ قَسا قَلْبُكَ ثُمَّ فَتَحْتَ الْبابَ لِِدَجْنِ الْجَهْلِ خَرَجْتَ بَعيداً صاحَبْتَ الرّيحَ وَأَوْلى لَكَ أَنْ تَصْحَبَنِي في إِنْشادي: اَللَّهُمَّ أَنَا عَبْدُك عَدْلٌ فِيَّ قَضاؤُكَ أَنْتَ الصّاحِبُ في سَفَري لا تَتْرُكْنِي أُسْجَنُ بَيْنَ فِجاجِ الْجَهْلِ الْفاجِرِ يا رَبِّ رِياحَكَ أَرْسِلْها فِي هَذا الْبَلَدِ الْمَيِّتْ.


محمد علي الرباوي



  1 ـ الرمانة الحجرية
  محمد علي الرباوي(المغرب) (2008-02-04)
Partager

تعليقات:
أضف تعليقك :
*الإسم :
*البلد :
البريد الإلكتروني :
*تعليق
:
 
 
الخانات * إجبارية
 
   
   
مواضيع ذات صلة

الحرث 1*-محمد علي الرباوي(المغرب)

متابعات  |   ناصية القول  |   مقالات  |   سينما  |   تشكيل  |   مسرح  |   موسيقى  |   كاريكاتير  |   قصة/نصوص  |   شعر 
  زجل  |   إصدارات  |   إتصل بنا   |   PDF   |   الفهرس

2009 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة الأدبية
Conception : Linam Solution Partenaire : chafona, sahafat-alyawm, cinephilia