عالم يتفسخ كحبات الأسبرين-نورالدين بوصباع (المغرب)
طنجة/الأدبية، الجريدة الثقافية لكل العرب. ملف الصحافة 02/2004. الإيداع القانوني 0024/2004. الترقيم الدولي 8179-1114 

 
شعر

عالم يتفسخ كحبات الأسبرين

  نورالدين بوصباع    

أَتَكَهَّنُ بِنِهَايَةِ العَالَمِ
وَخرَابِ الكَوْنِ
وَتَوَقُّفِ عَقَارِبِ السَّاعَةِ
عِنْدَ حُدُودِ السَّاعَة.
وَأَتَنَبَّأُ بِالـمَسَافَةِ الفَاصِلَةِ
بَيْنَ الـجَنَّةِ وَالنَّار
وَلاَ أَدْرِي كَمْ يَفْصِلُنِي
عَنْكِ حَبِيبَتِي
كُلُّ التَّكَهُّنَاتِ تَقَع
فِي حَبَائِلِهَا
وَتَأْتِي الرِّيحُ كَمَا خَمِنْتُ
بِهَدَايَا أَعْيَادِ الـمِيلاَدِ
نَسَائِم الرُّّمَّانِ
 و َزَخَّاتِ الـمَطَر
تَأْتِي كَمَا خَمِنْتُ
مُنْذُ الوِلاَدَةِ بِالـخَبَرِ اليَقِينِ
عَنِ الفِرْقَةِ النَّاجِيَّة
عَنْ هَزِيـمَةِ الأَحْزَاب
عَنْ ثَوْرَةِ الزِّنْجِ الـمَجِيدَة
عَنْ عَوْدَةِ الـمَهْدِي
فِي آخِرِ الزَّمَان /فِي أَوَّلِهِ   
عِنْدَمَا يُطِلُّ الهِلاَلُِ بِتَسَابِيحِهِ.
وَكَمَا تَسْلُبُنِي
الوَرْدَةُ شَدَاهَا
وَالرُّؤْيَا فِتْنَتَهَا
أَرَاكِ حَبِيبَتِي مَلاَكْ.
وَكَمَا تـَخْدَعُنٍي الـحَوَّاسُ
كَعَادَتِهَا القَدِيـمَة
أَثِقُ فِي زَلاَّتِ كَلاَمِ العَرَّافَة
فَأَرَى آدَمَ يـَخِيطُ ثَوْبَ عُرْيِه
وَأَسْمَعُ مُوسَى يُنَادِي رَبَّهُ بِالوَاد
وَ أَشْتَمُّ رَائِحَةَ الـجَنَّةِ رَغْمَ الزُّكَام
وَكَمَا تُغْرِينِي الفَاكِهَةُ
لأَقَعَ فِي الـخَطِيئَة
وَالوَصَايَا لأَنْحَنِي للِرِّيحِ
وَالـحَرْبَ لأَثْأَرَ مِنَ الأَعْدَاء
سَأَتَّقِي ضَرَبَاتِ الشَّمْس
وَلَسَعَاتِ البَرْد
وَأَحْتَمِي بِنَفْسِي دَاخِلَ الـمِرْآة.
ثَمَّةَ شَيْءٌ بِدَاخِلِي يُنْبِئُنِي
بِعَالَمٍ يَتَفَسَّخُ كَحَبَّاتِ الأسْبِّرِين
أَزِقَّةُ الـمَدِينَةِ اللَّقِيطَة
الكِلاَبُ الـمُشَرَّدَةُ
وَأَوْرَاقُ الأَشْجَارِ الـمُتَنَاثِرَةِ
عَلَى الرَّصِيف
هَكَذَا
أَنَا أَمَامَ الـمِرْآة
أَتَكَهَّنُ نَفْسِي مَنْ أَكُونْ
وَأَرْتَقِبُ مَجِيءَ الـمَسَاء.
هَكَذَا
هِيَ الـمِرْآةُ أَمَامِي
تَتَقَمَّصُنِي كَنَاسِكٍ تَبَرَّأَ مِنْ ذَاتَهِ
 لِيَحُلَّ فِي ذَاتِ الله 
تُقَلِّدُ شَطَحَاتِي البَهْلَوَانِيَّة
تَتَسَاءَلُ فِي حَيْرَةٍ مَنْ يَكُون
كَيْفَ لِلْمِرْآةِ أَلاَّ تَعْرِفَنِي مَنْ أَكُونْ!
رُبَّمَا الـمِرْآةُ فَقَدَتْ صَوَابَهَا
هَذَا الـمَسَاء.
رُبَّمَا أَنَا مَنْ فَقَدْتُ صَوَابِي
هَذَا الـمَسَاء.
لَسْتُ أَدْرِي
مَتَى سَتُعْلِنُ الـمِرْآةُ جُنُونِي
عَنْ وَجْهِي الَّذِي
تَقَمَّصَ صُورَتَيْنِ ...
عَنْ لِسَانِي الَّذِي
نَطَقَ اسْمَيْنِ
عَنْ جَسَدِي الَّذِي
تـَجَلَّى ذَاتَيْنِ
لَسْتُ أَدْرِي
أَنَا الآنَ أَمْسَحُ
وَجْهَ الـمِرْآةِ
لأَرَى سَهْوَ البٍدَايَة
العَالَم قَبْلَ الانْفِجَارِ العَظِيم
الله قَبْلَ الكُتُبِ الـمُقَدَّسَةِ
وَأَذْكَارِ الصُّبْحِ وَالـمَسَاء.
الـخُطَاةُ  قَبْلَ فِدَاءِ الـمَسِيحِ
الأَرْضُ قَبْلَ الثَّوْرَةِ الكُوبرنِيكِيَّة
بِكُلِّ بَسَاطَةٍ
سَأَخْتَصِرً الـمَسَافَةَ
بَيْنِي وَبَيْنَ الـمِرْآةِ
لأوصِلَ نِهَايَةَ
 العَالَمِ  بِبِدَايَتِهِ
وَأَمْضِي إِلَى آخِرِ الدَّرْبِ
إِلَى آخِرِ وَرَقَةٍ
تَسْقُطُ مِنِّي
فِي عِزِّ الـخَرِيف.
-تيفلت /المغرب



 
  نورالدين بوصباع (المغرب) (2009-07-22)
Partager

تعليقات:
أضف تعليقك :
*الإسم :
*البلد :
البريد الإلكتروني :
*تعليق
:
 
 
الخانات * إجبارية
 
   
   
مواضيع ذات صلة

عالم يتفسخ كحبات الأسبرين-نورالدين بوصباع (المغرب)

متابعات  |   ناصية القول  |   مقالات  |   سينما  |   تشكيل  |   مسرح  |   موسيقى  |   كاريكاتير  |   قصة/نصوص  |   شعر 
  زجل  |   إصدارات  |   إتصل بنا   |   PDF   |   الفهرس

2009 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة الأدبية
Conception : Linam Solution Partenaire : chafona, sahafat-alyawm, cinephilia