أَفِقْ أَيُّها الشَّرْق-محمود مرعي (فلسطين)
طنجة/الأدبية، الجريدة الثقافية لكل العرب. ملف الصحافة 02/2004. الإيداع القانوني 0024/2004. الترقيم الدولي 8179-1114 

 
شعر

أَفِقْ أَيُّها الشَّرْق

  محمود مرعي    

تَطاوَلَ لَيْلُ الشَّرْقِ حَتَّى تَسَرْمَدا = أَلَيْسَ لِلَيْلِ الشَّرْقِ لَحْدٌ فَيُلْحَدا ؟
تَطاوَلَ لَيْلُ الشَّرْقِ وَالفَجْرُ بائِسٌ = عَلى عَتَباتِ التِّيهِ يَسْأَلُ مُنْجِدا
يُحاوِلُ مِنْ غولِ الْمَتاهَةِ نَجْوَةً = فَيَلْدَغُهُ اللَّيْلُ الْمُحيقُ مُهَدِّدا
فَيَصْرُخُ مِنْ غَرْزِ النُّيوبِ وَسُمِّها = وَيُذْري دُموعًا فِي القُلوبِ وَفِي الْمَدى
تَطاوَلَ يا رَبُّ الظَّلامُ وَفَتْكُهُ = وَما زالَ فَجْرُ الْمُبْصِرينَ مُشَرَّدا
تُساوِمُهُ أَيْدي الأُفولِ خِيانَةً = وَتَطْعَنُهُ أَيْدي الفُلولِ لِيَخْمَدا
يُراوِدُهُ رَأْسُ السُّجودِ لِلاتِهِمْ = فَيَأْبى عَلى رَغْمِ الْمُراوِدِ يَسْجُدا
وَيَشْمَخُ إِنْ ثارَ العَذابُ بِقامَةٍ = تَجاوَزُ شَمْسَ الْخافِقَيْنِ مُوَحِّدا
وَما ذاقَ فَجْرٌ مُنْذُ أُهْبِطَ آدَمٌ = كَما ذاقَ هذا الفَجْرُ حَتَّى يُبَدَّدا
وَما ذاكَ إِلاَّ خَوْفَ يُؤْتِي ثِمارَهُ = فَتَحْتَضِنُ الأَحْقابُ حُبًّا مُحَمَّدا
*** = ***
أَفِقْ أَيُّها الشَّرْقُ الْمُخَدَّرُ قَبْلَما = تُساقُ وَتُلْقى لِلْحُتوفِ مُقَيَّدا
أَفِقْ أَيُّها الشَّرْقُ الْمُخَدَّرُ قَبْلَما = تَرى الْخَفِراتِ الطَّاهِراتِ لَدى العِدا
أَفِقْ أَيُّها الشَّرْقُ الْمُخَدَّرُ قَبْلَ أَنْ = تُشاعَ أَساطيرُ الظَّلامِ تَعَبُّدا
أَفِقْ أَيُّها الشَّرْقُ الْمُخَدَّرُ قَدْ بَدا = عَلى الأُفْقِ إِعْصارُ الأَفاعي مُجَدَّدا
يَجوبُ الفَضاءَ الرَّحْبَ يَعْصِفُ بِالثَّرى = وَيَفْغَرُ أَشْداقَ الْجَحيمِ مُعَرْبِدا
وَيَنْفُخُ فِي خِصْبِ الْحَياةِ لَهيبَهُ = وَيَطْلُعُ مِنْ قَحْفِ الْمَنِيَّةِ أَرْبَدا
وَيُطْلِقُ نَحْوَ القَلْبِ سَهْمَ خَرابِهِ = وَيَطْعَنُ فِي لُبِّ الْمَشاعِرِ أَحْمَدا
أَلا أَيُّها الشَّرْقُ الْحَفيدُ أَلا اسْتَفِقْ = فَجَدُّكَ أَرْقاكَ النُّجومَ وَوَسَّدا
أَشارَ عَلى الدُّنْيا فَأَهْدَتْكَ شَهْدَها = فَشَأْنُكَ بَيْنَ الْخَلْقِ أَطْوَلُهُمْ يَدا
وَجازَيْتَهُ الإِذْلالَ عَنْ كُلِّ مَفْخَرٍ = وَأَعْقَبْتَهُ بُؤْسًا وَأَوْرَثَكَ الْهُدى
*** = ***
وَنِمْتَ وَعَيْنُ اللَّيْلِ سِرْحانُ قَفْرَةٍ = رَأى غَفْلَةَ الرَّاعي فَعاثَ وَأَفْسَدا
وَما زالَ يَفْري ما اسْتَطاعَ بِجُرْأَةٍ = وَحِقْدٍ قَديِمٍ لا يَزالُ مُجَرَّدا
وَسَوْفَ يُحيلُ الرَّحْبَ فَوْقَكَ مَوْقِدًا = إِذا لَمْ تُفِقْ وَالأَرْضَ تَحْتَكَ مَوْقِدا
وَكَمْ أَبْدَتِ الآثارُ مَسْتورَ حِقْدِهِ = وَإِنْ لَبِسَ الأَخْلاقَ بُرْدًا مُعَسْجَدا
وَسائِلْ ضُلوعَ الصَّدْرِ مِنْكَ وَكَسْرَها = فَإِنْ سَكَتَتْ فَالكَسْرُ لَنْ يَتَرَدَّدا
وَفِي الصَّمْتِ أَحْيانًا أَجَلُّ بَلاغَةٍ = تُشِعُّ فَتَغْدو لِلْحَقائِقِ مُرْشِدا
أَفِقْ أَيُّها الشَّرْقُ الْمُخَدَّرُ فَالَّذي = تُخَوِّفُكَ الغِرْبانُ مِنْهُ هُوَ النَّدى
وَإِنَّ الَّذي قَدْ أَوْهَموكَ بِأَنَّهُ = أَمانٌ مَعَ الْخَيْراتِ لَيْسَ سِوى الرَّدى
سَتُبْدي لَكَ الأَيَّامَ ذِئْبَ قُلوبِهِمْ = فَتُدْرِكُ أَنَّ الغَدْرَ طَبْعٌ تَأَبَّدا
وَلَيْسَ إِلى سَحْقِ الطِّباعِ وَذِئْبِهِمْ = سَبيلٌ سِوى القُرْآن يَحْشُدُ مَسْجِدا
فَجَدِّدْ مِنَ الْجَدِّ الكَريِمِ بِناءَهُ = فَإِنَّ نَجاةَ الشَّرْقِ فِي أَنْ تُجَدِّدا



 
  محمود مرعي (فلسطين) (2009-09-15)
Partager

تعليقات:
أضف تعليقك :
*الإسم :
*البلد :
البريد الإلكتروني :
*تعليق
:
 
 
الخانات * إجبارية
 
   
   
مواضيع ذات صلة

أَفِقْ أَيُّها الشَّرْق-محمود مرعي (فلسطين)

متابعات  |   ناصية القول  |   مقالات  |   سينما  |   تشكيل  |   مسرح  |   موسيقى  |   كاريكاتير  |   قصة/نصوص  |   شعر 
  زجل  |   إصدارات  |   إتصل بنا   |   PDF   |   الفهرس

2009 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة الأدبية
Conception : Linam Solution Partenaire : chafona, sahafat-alyawm, cinephilia