حكاوينا-عبدالواحد محمد (مصر)
طنجة/الأدبية، الجريدة الثقافية لكل العرب. ملف الصحافة 02/2004. الإيداع القانوني 0024/2004. الترقيم الدولي 8179-1114 

 
مقالات

حكاوينا

  عبدالواحد محمد    

  كما هي مدينتنا لم تتغير بل ظلت آسيرة زمن بعيد  فيه صورتها القديمة تزين معالمها  كأنها  حلي نفيسة  وثياب عروس بكر  تتنهد غزلا بالشعر الحائر بين عامية بيرم التونسي  وحداثة محمود درويش  لتستوقفني  في رحلة الذهاب إلي دار أمي العتيقة وأنا لا أري غيرها دار تستحق  الثناء رغم رحيل كل الأحباب  لتبقي هي الحقيقة التي  دونتها في مذكراتي    يا طالعة من بيت أبوها  ؟
وهنا تكمن الحكاية كيف نفارق الزمن دون معطيات تكفل لنا حوار مفتوح مع عقل نستوضح منه حقيقة  المدينة الكبيرة  والتي لم تعد تمنحك سوي البكاء  فقد ترملت النساء  وأستبدلت المنازل بالخيام  وجفت الحدائق  وعلق النهر  لافته  بالبنط العريض  عفوا لايوجد ماء ؟
أدركت كيف كان  شاعرنا محمود درويش حدائيا يلبي نداء الحق رغم كل الأقنعة التي  حاولت أن تمنحه شمس وهواء وبحر أصطناعي ؟   لكنه لم يأبي غير رؤية المدينة بعين شاعر لم يفقد عقاه وبصره وأحتفظ بمشاعره النبيلة تجاه قضية   وطن   يعاني من قهر الأسماء المركبة  والأناشيد البائسة والحلي الزائفة  والتماثيل  الشاحبة  وغير ذلك  تكالب الحواه علي أحيائها يروضون الثعابين  ويحيون  الموتي  ويدجلون علي المارة بما يشبه   زواج العانس من أمير أعالي البحار ؟
حكاوينا هي حكاوي مدينتنا القديمة  والتي   توجهت إليها بعد غياب طويل عسي أن أجد صوت  أمي  من بين  الأطلال  المنسية في دارنا العتيق ؟ لكي تعيد إلي الرشد في معترك  الحكاية والحكو  والحكواتي  الذي رحل هو الآخر دون مقدمات !
عجيبة أمر هذه الدار التي كانت تستقبل  كل الأفندية والبكاواتية  والمأموراتية  والباشواتية  أين هم الآن رحلوا كما رحلت أمي ولم يبقي منها غير الصوت الذي أبحث عنه ليل نهار في لعبة  السلم والثعبان ؟ نعم كنت أجيدها في الأيام الخوالي من طفولتي السعيدة والتي ربطتني بعالم الحقيقة  وجعلتني منشدا ومتيما بكل المبدعين من أمثال   طه حسين .. لطفي السيد .. شيكيب أرسلان .. بشارة خوري .. محمد حسين هيكل   قاسم أمين  مرورا بأمير دولة الشعر محمود درويش  الذي جعلني علي مقربة من دارنا العتيق رغم صعوبة الوصول إليها نهارا  وما أدراك  الليل  في رحلة  الأهوال  التي تجعلك تفكر مرارا وتكرارا في الأقدام علي هذه المغامرة من أقصي الشرق إلي أقصي الجنوب ؟
علامات استفهام يضعها الحكواتي  في مدينة حكاوينا التي  جف فيها النهر وعلقت لا فته هنا ماء وزرع  ووجه حسن  لتبقي دارنا عنوان لزمن رغم كل التعاويذ  ومعها صدي الصوت العبقي لأمي التي جالستها وجالستني لكي تعرف ما الذي أتي بي إلي هنا  رغم قسوة الظروف ومرارة المغامرة  لتشهد أنني رجل  لا يعرف غير أداء رسالته  وقيمتها مهما تغيرت كل الأزمان  ليبقي صوتها محفورا  في ذاكرتي  وقصائد درويشنا  عميقة تظلل  صحراءها  وتروي أشجارها    وتمنحنا  بعض الأمل في حكاية قادمة



  abdelwahedmohaned@yahoo.com
  عبدالواحد محمد (مصر) (2009-09-16)
Partager

تعليقات:
أضف تعليقك :
*الإسم :
*البلد :
البريد الإلكتروني :
*تعليق
:
 
 
الخانات * إجبارية
 
   
   
مواضيع ذات صلة

حكاوينا-عبدالواحد محمد (مصر)

متابعات  |   ناصية القول  |   مقالات  |   سينما  |   تشكيل  |   مسرح  |   موسيقى  |   كاريكاتير  |   قصة/نصوص  |   شعر 
  زجل  |   إصدارات  |   إتصل بنا   |   PDF   |   الفهرس

2009 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة الأدبية
Conception : Linam Solution Partenaire : chafona, sahafat-alyawm, cinephilia