حكاية مدرس-نشأت المندوي (ديترويت امريكا)
طنجة/الأدبية، الجريدة الثقافية لكل العرب. ملف الصحافة 02/2004. الإيداع القانوني 0024/2004. الترقيم الدولي 8179-1114 

 
قصة/نصوص

حكاية مدرس

  نشأت المندوي    

يوما شتويا كنا  نجلس خلف الرحلات (مصاطب الصف المدرسية) طلاب ننتظر قدوم مدرس اللغة العربية الجديد  استنادا للاشاعة  التي انتشرت رائحتها  بين الطلاب  و خصوصا المقربين من الادارة اللذين اكدوا ان المدرس القديم  قال لهم بانه سينتقل  لمحافظة اخرى لظروف عائلية, كنا في بداية المرحلة الثانوية و كانت حصة اللغة العربية اكثرها ضجرا وملللا و قرفا علينا . فكان  المدرس  وهو يشرح الماده  كما لو  يحرث بمعول خشبي منخور في محراب اللغة  الصلبة وقواعدها الجافة فنراه ينتقل  من   (اعراب) الى (تفسير) ومن( حال) الى (نعت) ثم يحول ال (صفة) الى( موصوف) وبعدها ياتي  على  (نائب فاعل ) فيرقيه الى  (فاعل) ونحن نقف ازاء هذا التنوع المدهش  والثري  فاغري الفم  ملجومي اللسان  حيارى لانفقه من صولاته شيئ  وغير حاسين به رغم جهوده  البليغه  في ايصال  الماده  ودليل تقاعسنا في الفهم فان  نسبة  الطلاب الناحجين   لايتجاوز العشرة  . ولكن  ما كان يثيرنا  او يقض مضاجعنا او نتداوله  كنكته للتندر حديثه  عن ( كان) وجماعتها  اللذين يرفعون المبتدأ وينصبون الخبر لسبب نجهلة  ولايعلمة الا الله  ثم ينتقل الى( ان ) المتمرده على القوانين  والاعراف مع رفيقاتها الخطرات  هكذا كنا نسميها   اذ تعمل هذه   المجموعة عكس الاولى  لسبب  كذالك لا يعرفة  الا العلى القدير  ونحن نقف امام العصابتين   مثل اليتامى نقارن بين الاسماء المتشابهه والتي  عند  المذاكرة والمراجعة  تختلط علينا  في لجه الزحام  خاصة ايام  الامتحان و الذي يكرم  فية المرء او يهان  حسب الحكمة المعلقة في لوحه الاسبوع بالساحة الرئيسية للمدرسة . المهم جلسنا صامتين امام مراقب الصف بكبريائه ننتظر منه  اشارة الوقوف احتراما لمجيئ المدرس  الجديد .في تلك اللحظة اقتربت اصوات وقع الحذاء  الجلدي على البلاط الاسمنتي فعرفنا بقدومه فتهيئنا  لاشارة النهوض من المراقب المتزامنه مع  دخول المدرس. كان رجل خمسيني اصلع, ابيض الشعر على الجانبين, قصير في عينة اليسري حول بسيط ,يلبس بنطالا عريضا وقميص اكبر من جسمة النحيف ,ابتسم بهدوء ودعانا للجلوس  رحب بنا وقدم نفسة وطلب منا التعاون  مذكرا ان اللغة العربية  كالالة الموسيقية لاتعطي نفسها الا لمن يتذوقها او بتعبير ثان  كالمرأه التي لاتهب قلبها الالمن يعرف مشاعرها  . بداية غير عادية  هكذا همسنا ثم رحنا نصغي اليه بهدوء  فيما راح  ينتقل المدرس  كفراشه ملونة من روضة لغوية  ممتعه  لاخرى اكثر جمالا  ومن مفردة شهية  لثانية احلى  واضعا  في نفس الوقت لمسة من افكارة الرنانة  ومسحة من قفشاته المهذبة  , لم يستخدم الطباشير او يلجا لكتاب اويستعين  بسبورة  لكنه عرف كيف يموسق اللغة وينقل احساسة الينا كواعظ يعيد خبز الابجديات بعجينة اخرى  ويلوكها  عبر  غناء طربي شهي . مر الوقت سريعا وكان  الجرس شرطيا بالمرصاد ينادينا  بانتهاء الوقت , افقنا من حلم  واكتشفنا اننا يوما بعد اخر اقتربنا من الدرس بشغف  وحنان فتالفنا مع القواعد وصروفها و تعمقنا ببحور اللغه والقها وحاورنا المدرس  الذي تحول  الى صديق واخ كبير اودعناه  كل اسرارنا وقصاصات عشقنا وكتابات الجدران عن  الخوف  والمحرمات  في العتمة .اصبحت حصته الاجمل و صرنا نحب (كان) و(ان ) واخواتهما ونحفظ اسمائهم عن غيب  الا انا  الذي بقي موضوعهما  حساس و يذكرني  بامي الحنونة  حينما كنت بالمرحلة الاولى من المتوسطه واحببت ان اعلمها شيئ عن (كان ) و(ان) واخواتهما   فزجرتني بطيبة وسذاجه  قائلة :
-    اننا بعثناك للمدرسة  حتى تتعلم القراءة والكتابة لاان تتعرف على بنات الناس  واخواتهم



  nashmandwee@hotmail.com
  نشأت المندوي (ديترويت امريكا) (2009-09-28)
Partager

تعليقات:
أضف تعليقك :
*الإسم :
*البلد :
البريد الإلكتروني :
*تعليق
:
 
 
الخانات * إجبارية
 
   
   
مواضيع ذات صلة

حكاية مدرس-نشأت المندوي (ديترويت امريكا)

متابعات  |   ناصية القول  |   مقالات  |   سينما  |   تشكيل  |   مسرح  |   موسيقى  |   كاريكاتير  |   قصة/نصوص  |   شعر 
  زجل  |   إصدارات  |   إتصل بنا   |   PDF   |   الفهرس

2009 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة الأدبية
Conception : Linam Solution Partenaire : chafona, sahafat-alyawm, cinephilia