شاهدت مؤخرا فيلما يمكن ترجمة عنوانه إلى –ميلكياديس إيسترادا يدفن ثلاث مرات- للممثل والمخرج الأمريكي تومي لي جنوس. الشريط يتميز باختلافه عن السينما الأمريكية السائدة، ليس فقط في تناوله لتيمة الهجرة السرية بين المكسيك والولايات المتحدة الأمريكية وموقفه الواضح لصالح المهاجرين المكسيكيين، بل أيضا في أسلوب سرده الغير العادي والمعتمد على تقنيتي الفلاش باك والاسترجاع، وذلك عبر تقطيعات مفاجئة قد تربك المتفرج الغير المعتاد على هذه النوعية من الأفلام خصوصا أن الفيلم ينفتح على هذا السرد الغير الخطي، وذلك قبل اكتشافنا لقاتل إيسترادا.
بعد ذلك، يتغير أسلوب التناول ليصبح تقليديا شيئا ما وقريبا من نوعية أفلام –الكوبوي- الكلاسيكية.
أما الجزء الثالث من الشريط فتميز بشخوصه الغامضة وأجوائه الغرائبية الشبيهة بتلك التي نجدها في أعمال أدباء أمريكا اللاتينية –القصصية والروائية-، وذلك عندما نكتشف أن لا أحد بالمنطقة المكسيكية المجاورة للحدود الأمريكية يعلم بوجود قرية بالإسم الذي أعطاه إسترادا لصديقه والتي يود أن يدفن بها إضافة إلى اسم المرأة التي ادعى أنها زوجته والتي أنكرت ذلك وتبين أنها متزوجة من رجل آخر، ثم شخصية الشيخ الضرير الذي تخلى عنه ابنه تاركا إياه وحيدا بين المكسيك وأمريكا، والذي يطلب من البطل وصديقه أن يقتلاه، لأنه لا يستطيع الانتحار خوفا من غضب الله.
الفيلم ينقسم أيضا إلى أربعة أقسام معنونة بـ -الدفن الأول لميلكياديس إيسترادا- الدفن الثاني لإسترادا –الرحلة– الدفن الثالث لإسترادا.
شخوص الفيلم على العموم متسامحة ولا تصبح عدوانية إلا إذا اضطرت لذلك، فحتى شخصية –القاتل- التي تبدو كذلك تتغير في رحلة تطهيرية تنفتح خلالها عيناها تدريجيا على حقيقة الأمور.
للإشارة، فالفيلم هو أول إخراج تومي لي جونس الفائز بأوسكار عن دوره في فيلم –الهارب- وهو –الشريط- حاصل على جائزتي أحسن سيناريو لغييرمو أرياغا وأحسن تمثيل لتومي نفسه بمهرجان كان في دورته الأخيرة.
تعليقات:
