عزائي أنهم شهداء..-محمد كساب شراب (فلسطين)
طنجة/الأدبية، الجريدة الثقافية لكل العرب. ملف الصحافة 02/2004. الإيداع القانوني 0024/2004. الترقيم الدولي 8179-1114 

 
مقالات

عزائي أنهم شهداء..

المشهد مريع بل فظيع حين أتذكر, وإني لأكابد وأعاني كي أصد نفسي عن التذكر..صرع الجنود الإسرائيليون اثنان من أبنائي, وأصابوني بجراح.. ولا أنسى ذلك يوم،كان يوم جمعة, لم يقدموا لنا أي إسعاف, ورفضوا السماح لأي سيارة إسعاف بالوصول إلى المكان, وقد كانت إصابتي وإصابة ولدي الصغير غير قاتلة, إذ كانت إصابته في الساق أسفل الركبة, في حين كان ولدي الكبير قد صُرع برصاصة في الصدر أدت لوفاته على الفور...
لا تزال الذكريات تأخذني إلى ذلك المكان في مدينة الفخاري وكأني أعيشه يوميا..ظل الصغير ينزف مناشدا إياي طول الوقت, وفعلت..لكن دون جدوى, ظل بكامل وعيه إلى منتصف الليل وحين غاب عن الوعي ظننت أنه ذهب في إغفاءة, لكني عرفت بعد ذلك أنه فارق الحياة ! وأمضيت أنا –النازف- بقية الليل حتى ظهر اليوم التالي..إذ وصلت أخيرا سيارة الإسعاف البائسة, قاطعة المسافة إلى المستشفى الأوروبي في دقيقة واحدة لا غير ! حاملة جثامين الأبناء وأنا, لمعالجة جرحي في يدي اليسرى ..
الأسى..الحزن..المرارة..الإحساس بالقهر..الهوان, هو ما أشعر به حتى الآن..قال لي الثقاة:"النسيان هو الدواء""والصبر أيضا دواء" لكني جربت وحاولت وأفشل دائما, حاولت أن أصبر ولكني لم أستطع.
إن أشكالا عديدة من المفارقات وفي ومع الحياة تجعلني أشعر بأن أبنائي الذين قتلهم العدو مرة, يقتلهم من ينبغي أن يكون عدوا مرة تلو المرة, من جهة رسمية أو حكومية لم تواسيني مرة واحدة, ذلك استشعره :  قتل الصديق وولي الأمر.
إن مكرمة من ملك العربية السعودية, بأن يحج إلى بيت الله الحرام ذوو الشهداء, تُمنع عنا لهو قتل آخر, لم يكتفوا بأن قتلونا مرة واحدة في حياة, غادر منها شابان, بل أمعنوا في قتلهم مرات ومرات وتجاوزوهم إلى الأحياء.
إني وأم الشهداء, نعد أنفسنا من الأحياء الأموات, وذلك حال شقيقات الشهداء الذين صُرعوا ظلما في ذلك اليوم الحزين, وأو يوم الحزن كما اعتدنا أن نسميه, ولو تركونا-من يمعنون في قتلنا- لكنا تناسينا دون أن ننسى.
الأسى قد تمكن منا, ويعيش معنا, وإنا لصابرون رغما عنا صبر المقهورون المغلوبون على أمرهم, من عدوهم ومن ولاة أمورهم, وأتمنى أن  أموت لألحق من سبقوني بسلام وهدوء, دون أن أتعذب في المتبقي من عمري..عزائي الوحيد أن أبنائي يعيشون في مكان أفضل وجنة عرضها السموات والأرض بإذن الحق, الذي قال في كتابه"ولا تقولوا لمن يُقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون".



 
  محمد كساب شراب (فلسطين) (2009-12-15)
Partager

تعليقات:
الهواري /العراق 2012-01-10
والله لقد يضطر بعض المسلمين والعرب الى تفجير انفسهم بوجوه هؤلاء الصهاينة والصليبين النازيين بسبب افعالهم الوحشية... فلاغرابة من وحشية هذه الدول التي ابادت ولوثت مدينتي فلوجة وتلعفر القتلى بالمئات ومعتقلين بالاف واغتصاب وقتل للمتعة والضحك ... لقد علمونا الحقد والكراهية عليهم ..لكن حكامنا والشبيحة حولهم لايفقهون... 
البريد الإلكتروني : ma99_mk78@yahoo.com

أضف تعليقك :
*الإسم :
*البلد :
البريد الإلكتروني :
*تعليق
:
 
 
الخانات * إجبارية
 
   
   
مواضيع ذات صلة

عزائي أنهم شهداء..-محمد كساب شراب (فلسطين)

متابعات  |   ناصية القول  |   مقالات  |   سينما  |   تشكيل  |   مسرح  |   موسيقى  |   كاريكاتير  |   قصة/نصوص  |   شعر 
  زجل  |   إصدارات  |   إتصل بنا   |   PDF   |   الفهرس

2009 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة الأدبية
Conception : Linam Solution Partenaire : chafona, sahafat-alyawm, cinephilia