قصة قصيرة ضيافة-إدريس الواغيش (المغرب)
طنجة/الأدبية، الجريدة الثقافية لكل العرب. ملف الصحافة 02/2004. الإيداع القانوني 0024/2004. الترقيم الدولي 8179-1114 

 
قصة/نصوص

قصة قصيرة
ضيافة

  إدريس الواغيش    

بدأ الليل يكتب لتوه وصيته الأخيرة للنهار، وأجنحة العصافير تطارده في سماء البلدة . وصل منهكا يستمع  لخفقان قلبه ، نزع قبعة مشروخة من فوق رأسه و التقط أنفاسا للحظات ، انتبه لضياء الصبح من ورائه ، فزادت المروج الخضراء وموجات القمح المراقصة لنسمات الجنوب من حنقه ، مما جعل الكلمات تستعصم في لسانه. احتار في أي اتجاه يكمل رحلته ، لكنه أغمض عينيه وطرق أول باب على اليمين....
- ماذا تريد ؟
- ضيف الله....
- آسف ، والله يا صاحبي ، ما لنا مكان تنزل فيه ، فالدار عامرة بأهلها كما ترى. اتبعني لتنظر بأم عينيك..، هنا شباب تجاوز الصغير منهم العشرون سنة... ، هذه أغنام وأنعام وهذه خزائن قمح وشعير تكفي لإطعام سكان القرية بأكملها لحولين متتابعين ، وفي الجانب الآخر كلب شرس يحرس الدار من الغرباء  ، إن رآك قطعا لن يرحمك....، ارحل من هنا إلى ما وراء الهضبة ، قد تجد هناك من يستضيفك. أكمل المشوار ، لكنه تردد قليلا ، قبل أن يطرق الباب طرقا خفيفا....
- ماذا تريد؟
- ضيافة...
 رفع رأسه وتفحصه... ، كانت حالته فعلا تدعو للشفقة ، والصمت يطبق على ما تبقى من سكون الليل . دارت عينان غائرتان في جمجمة رأسه ، لا نعيم ولا نعم ، ثم رحل بعيدا حيث لا يعرفه أحد.
كانت الشمس قد تربعت في صدر سمائها ، ففضحت بهيبتها قبح وجهه. تمعن جيدا حقول القمح المترامية على الهضاب المجاورة ل (الدوار) ، قطعان الماشية وهي تدب في اتجاه المراعي ، الناس يتحدثون عن موسم فلاحي وفير هذه السنة ، فاطمأن إلى أن لا مكان له بعد اليوم في البلدة ، ألقى نظرته الأخيرة بأسى ، ثم غاب عن الأنظار.
حط بحي راق من أحياء المدينة ، نزع القناع عن وجهه وتقدم بخطى وئيدة ، ثم قدم نفسه...
- أنا.....
كان صاحب (الفيلا) أسرع بداهة ...،
- لقد عرفتك ...، أو تظن أن في مثل هذه الأحياء مكان لضيف من أمثالك ، عليك  بالرحيل من هنا ، قبل أن تستفزك خيرات ونعم لا عهد  لك بها ، أو تغرقك الخيرات من كل جانب. لا مجير لك هنا...
لم يكن أمامه من خيار إلا أن يغادر......
حط بحي من الأحياء الهامشية بأطراف المدينة ، شباب متكئ على الأسوار،  وبراريك مكدسة فوق بعضها البعض . هناك فقط... ، وقف باسما  يختار بشماتة من يستضيفه....



 
  إدريس الواغيش (المغرب) (2010-01-12)
Partager

تعليقات:
ع /الولايات المتحدة الأمريكية 2010-01-14
قصة جميلة يمكن أن تكون نواة لرواية
البريد الإلكتروني :

أضف تعليقك :
*الإسم :
*البلد :
البريد الإلكتروني :
*تعليق
:
 
 
الخانات * إجبارية
 
   
   
مواضيع ذات صلة

قصة قصيرة 
ضيافة-إدريس الواغيش (المغرب)

متابعات  |   ناصية القول  |   مقالات  |   سينما  |   تشكيل  |   مسرح  |   موسيقى  |   كاريكاتير  |   قصة/نصوص  |   شعر 
  زجل  |   إصدارات  |   إتصل بنا   |   PDF   |   الفهرس

2009 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة الأدبية
Conception : Linam Solution Partenaire : chafona, sahafat-alyawm, cinephilia