وقفت على ضريح أبي العلاء المعري خلال مروري بمعرة النعمان فسكبت قريحتي هذه المشاعر
بِمَرْقدِهِ شَيخُ البَيانِ يَغيبُ
(ويَبْقى مُقيماً ما أقامَ "عَسِيْبُ")
ومَنْ مِثلُهُ في القَوم فّذٌّ وشاعرٌ
لهُ بينَ أعلامِ القَريضِ نَصيبُ
إذا ما شَدا يَوماً بِأوتارِ فَنِّهِ
فَكُلُّ الذي في الخافِقَيْنِ طَرُوبُ
مَرَرْتُ بهِ والغَيثُ يَسْقي ضَريحَهُ
بِيَومٍ بهِ صَوتُ الرُّعُودِ نَحِيبُ
وأمْسى وَمِيضُ البَرقِ يَنعاهُ في العُلا
ويَبكي عليهِ والسَّحابُ يُجِيبُ
عَرارُ البَراريْ باتَ يَبكي لِفَقْدِهِ
وسِرْبُ القَطا ناداهُ وهوَ كَئِيبُ
تَهادى الرَّبيعُ الطَّلْقُ فوقَ ضَريحِهِ
وناحَتْ عليهِ رَوْضَةٌ وكَثِيبُ
ولمَّا تَرَكْتُ الطَّرْفَ في الكَونِ سارحاً
ولاحَ شُرُوقٌ في السَّما وغُرُوبُ
رأيْتُ فُحُولَ القَولِ آبُو إلى الثَّرى
كأنْجُمِ لَيْلٍ في الظَّلامِ تَذُوبُ
وما زادَ أشْجانيْ بأنَّ الذي مَضى
مِنَ السَّلَفِ الماضِينَ ليسَ يَؤُوبُ
وكانُوا إذا عُدَّ الأكارِمُ قِلَّةً
وكُلُّ قَليلٍ نادِرٌ وغَريبُ
فيا لاحِقاً بالرّاحِلينَ الأُلى مَضَوْأ
تَقُودُهُمُْ نَحوَ الخُلُودِ دُرُوبُ
هَنيئاً لِجِسمٍ حَلَّ في طَيِّبِ الثَّرى
وفِكْرٍ بِأفْلاكِ السَّماءِ يَجُوبُ