فهـم أولي للأسود والأبيض-علي الإسكندري/العراق ـ الاسكندرية
طنجة/الأدبية، الجريدة الثقافية لكل العرب. ملف الصحافة 02/2004. الإيداع القانوني 0024/2004. الترقيم الدولي 8179-1114 

 
شعر

فهـم أولي للأسود والأبيض

قال ..
 تـعـلـّـقـت بأنـثـى اسمها الحرب
- ربـّما توحـّمت أمي بشـظيـّة
يـالقلبي  تـعـلــّق بأذيالك وأنت أنثاي الوحيدة
يا لنعمائك طبـولك تـزفـّني إلى المـجـد وصـنـوجك..
تـهـزهـز روحي
وأيامك الـصفراء أكاليل ونياشين
يا لعزلتي أفــرّ منكِ إليكِ
يا ملاذي من الوحشة

قلت
كان لي رحم يمـدّنـي بالشجر وحشد من العصافير..
تدلــّى بإنـشوطة من قـلق الســّماء
وكنت  بأخطائي أرجم المكائد وليل الـسـّحرة
أَِشـجـر الحكايات على ورق التبغ
وأرفل بالشوارع والتضاريس والشـّمس النـّبيلة
وكان النـّسوة حولي يتعطرن بالمسك ويـهـيــّئـن
أرحامهن لقداس الخصوبة
وكان المرابون  ينتشرون مثل الفطر على
أعراس دمي
يمـجـّدون الولائم ويـنـطفـئـون على بخار الأسئلة

قالت
يا ليل الأرامل
يا قبور المحاربين منذ فجر الأرض
يا سليلي وربيبي وبعضي
يا بهائي وخرابي ونبض عزائمي
يا شعرة قلبي ووقد تنوري
نــمْ ســعيــدا
وكــلْ ما تـبـقــّى من خـراب الدساتير
ونـهـب الـذبائح
نــمْ مــلء أيامك
سـأكتب لك الارض والمجد
والبحر والأسماء الكبيرة
وأفتح الحضارات باسمك وأنير ظلمات
أعوامك العجفاء بمشاعل من دم
وخيول من ندم وأواصل الليل بالنهار
نــمْ واحلم
بطفـولة من ذهب وتماثيل من برونز
وشوارع ومـحظـيـّات
وضـِياع
وقـبـّعات
نمْ واكتب على رمادي ذلك رحمي

قلتُ
بالأسود يرسم الاعمى على خرائط الفردوس
ملائكة وأعنابا  وجوار
بالأسود فقط ينقش الملوك احتفالات الخبز السعيد
على حجر الأسئلة
بالأبيض حتما
ينام الجندي تحت رخامة الأبد وبسالات التاريخ
تتكرّر كلما اجتهد السيف
يصحو السلاطين لينام التاريخ
ينهض الكتبة حينما يتململ كلب الملك
يتنمـّر ذئب الغرائز حين تشتدّ ظلمة
الرمح
بالأبيض تتفنن الأنثى لتلوّن أحلامها وايامهاالقادمة
تـبـدأ بالأبيض
وتكتب في ذكرى الأسود وتنتهي بالأبيض
بالأبيض كانت أوروك تخترق سماء المعرفة
وبالأبيض كانت السماء تمطر مخلوقات مضيئة
وأبراجا وحماما لايكفّ عن الحركة وملوكا يـدّعون النبوة
وعبيدا يبتكرون الظلم
وبالأبيض
كانت الرياح تخلق إتجاهاتها وتغير أنظمة العابرين
 نحو المجد
وتصنع بحـّارة يغامرون باسم الفتوحات
وبالأبيض المائل للسمرة
كانت الطبيعة تخدع  فطنة الأيام
وتؤسس لأجناس جديدة
سيأتي رحم ينقذني من ضراوة الأمراء المغلفين بالسواد
بالأبيض تماما
بالأبيض المفضض بالسواد
بالرماديّ
بالطاعن في الظلمة
كتبت الحرب على ضريحي
هنا يرقد غريمي ليتـحـلـّل إلى
أطيافه السبعة.



 
  علي الإسكندري/العراق ـ الاسكندرية (2010-01-20)
Partager

تعليقات:
عاشق الأدب /الولايات المتحدة الأمريكية 2010-01-22
تحية الى الى الشاعر الاسكندراني المتألق علي الاسكندري على هذه القصيدة الجميلة الغنية بالصور الشعرية الهائلة التى نقلتنا الى اجواء الحرب والموت والقلق بلغة شفافة تلامس الوجدان وتفتح كتاب الذاكرة المفعم بالاسئلة
البريد الإلكتروني :

أضف تعليقك :
*الإسم :
*البلد :
البريد الإلكتروني :
*تعليق
:
 
 
الخانات * إجبارية
 
   
   
مواضيع ذات صلة

فهـم أولي للأسود والأبيض-علي الإسكندري/العراق ـ الاسكندرية

متابعات  |   ناصية القول  |   مقالات  |   سينما  |   تشكيل  |   مسرح  |   موسيقى  |   كاريكاتير  |   قصة/نصوص  |   شعر 
  زجل  |   إصدارات  |   إتصل بنا   |   PDF   |   الفهرس

2009 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة الأدبية
Conception : Linam Solution Partenaire : chafona, sahafat-alyawm, cinephilia