الأم تلك الشمعة التي تحرق نفسها لتضيء دروب أبنائها
بمناسبة عيد الأم أقدم لها هذه الباقة
مَضَى زَمانُ الصِّبا يا عَهْديَ الخالِي
هَلاّ رَجَعْتَ فَعادَتْ فِيْكَ آمالِي
أيْنَ الصِّحابُ لَقَدْ شَطَّتْ منازِلُهُمْ
والدَّهْرُ غَرْبَلَهُمْ عَنِّي بِغِرْبالِ
فَعُدْتُ أَرْقُبُ بَيْتي لا أنِيْسَ بِهِ
مِنْ كُلِّ خِلٍّ صَفا لي وُدُّهُ خالِ
يا أُمُّ يا نُورَ نَجْمٍ أَسْتَنِيْرُ بهِ
وَوَمْضَةَ البَرْقِ في أُفْقِ السَّما العالي
هاجَتْ هُمُومي فَبِتِّ اللَّيلَ ساهِرَةً
تَشْكيْنَ للهِ ما أَشْجاكَ مِنْ حالي
طَرْفٌ يَظَلُّ طَوالَ العُمرِ يَرْقُبُني
إنْ غِبْتُ مُنْتَظِراً إهْلالَ إقْبالي
ذَكَرْتُ بَيْتاً لَنا في سَفْحِ رابِيَةٍ
مَقْرُونَةٌ فيهِ آلامِي وآمالِي
رَغْمَ السِّنيْنِ التي رُكْبانُها عَبَرَتْ
وبَعْدَما حُلْتُ مِنْ حالٍ إلى حالِ
إذا مَرَرْتُ بهِ ألْهُو بِساحَتِهِ
مُسْتَرْجِعاً صُوَرَ الماضي كأَطْفالِ
شَوقي لأُمِّي إذا عنْ ناظِري َبعدت
شَوْقُ البُداةِ لِرِيْحِ الشِّيْحِ والضّالِ
رِبْعِي إذا هَجَرَتْهُ حَلَّهُ حَزَنٌ
فالدَّارُ مِنْهُ تُحاكِي رَسْمَ أطْلالِ
حَتَّى إذا رَجَعَتْ عادَ الهَنا وَدَنا
مِنِّي السُّرُورُ وأحْيا النُّورُ آمالِي
يا أُمُّ يا نَبْعَ حُبٍّ في تَدَفُّقِهِ
يَجْري كَنَهْرٍ رَقيقِ الماءِ سِلْسالِ
حَمَلْتِ هَمَّاً عَظِيماً مِثْلَ أجْبالِ
وَقَدْ صَبَرْتِ عَلَيهِ صَبْرَ أجْمالِ
فَكُنْتِ للحَقِّ نِبْراساً بِداجِيَةٍ
يَهْدِي الأنامَ فَما ضَلُّوا بِإضْلالِ
يا شَمْسَ نُورٍ على الأكْوانِ ساطِعَةً
يَرْعاكِ بارِئُ جُبْرِيلٍ وَمِيكالِ