ليلة انتظار الموت-ماهر طلبة / القاهرة-مصر
طنجة/الأدبية، الجريدة الثقافية لكل العرب. ملف الصحافة 02/2004. الإيداع القانوني 0024/2004. الترقيم الدولي 8179-1114 

 
قصة/نصوص

ليلة انتظار الموت

  ماهر طلبه    

نزل من الجبل .. دخل المقهى وجلس .. تقدمت منه الراقصة العارية وعرضت أن ترقص من أجله رقصته المفضلة .. أشار لها .. بدأ الكون في العزف .. انسحب بخياله إلى يوم اضطره الظلم إلى الإلتجاء للمغارة .. في مغارته حاصرته الخيالات والأوهام ... " غياب الرجال ليس دليل خير "... أنبأته العارفات بالأحلام .. أن الحجر الساقط لن يرتفع من جديد إلا بالموت .. تذكر كيف عُلق  وترك - بلا طعام -  أياما ثلاثة .. انهار في داخله آخر الأحجار فانفتحت أبواب الشهوة .. ألقت الراقصة العارية بيدها على رأسه فطار طائر أحلامه وحط بين ثدييها فنفرت وأسرعت إلى منتصف الحلبة .. تراجع واستعاد صورة الجبل .. حجارته التي تنز وحدة ليل نهار .... "سنبلغك فلا تنسى .. الرجال دليل خير..".. أنبأته العارفات بالأخبار .. إنها آتية ... تذكر أنها آخر من يحتفظ بذكراه – داخله – من أبناء قريته الذين يعايشهم نفس الظلم ... انهارت ثلوج القلب .. استعادت الراقصة المبادرة من جديد وبدأت الهجوم ... تراجع منزهلا فاصطدم بها وهى عائدة حاملة جرتها وتذكر لحظة الملامسة .. أخبرها أنها إن عادت ستكون تلك نهاية رحلة غربة بدأت – له – منذ زمان بعيد حين اختار الجبل واختاره .. سلك دروبه حتى اهتدى إلى مغارة حبها فسكن ... خاطبه الوحى أنبأه أسرار الجبل وأسرارها .. اهتدى على يديها فآمن أن المرء يستطيع أن يعود من الضياع متى شاء ومتى اخلصت .... نام على يد الراقصة فتركتها له وذهبت لتكمل الرقصة .. أدار له الساقي الكأس .. ابتسم لأنها كانت قريبة إلى درجة الوصل والاتحاد .. تنسم شذا عطرها .. ورآه على بطنه يعلم أحد أحفاده السباحة في نهرها فاشتهى أن يكون الحفيد .. وقلق لعدم وصول الرجال.. الرحلة صعبة والطريق ما بين محطة القطار ومهبط الجبل ممهدا بالأخطار فاستقام نظره سيفا وألقى به في اتجاه الطريق ... شدته من حده الراقصة .. كانت تهز بطنها وتدور كالرحى فدار داخلها وصار دقيقا أبيض بلون بشرتها .. أخبرته بالعودة وأخبرها بالأحوال وأصرت .....
 اليوم جاءته البشارة ... كان يوم ليس مثل أى يوم ... فيه عطس آدم وحاول القيام .. وفيه ألقى موسى بعصاه فأخرج حية تلقط حيات .. وفيه عبر المسيح على صليبه إلى الخلاص .. وفيه نزل عليه الوحى فإذا بها تركب القطار .. أنبأته العارفات بالأحلام .. أن الحجر الساقط لن يرتفع إلا بالموت فجلس يائسا على المقهى ينتظر ....



 
  ماهر طلبة / القاهرة-مصر (2010-04-12)
Partager

تعليقات:
أضف تعليقك :
*الإسم :
*البلد :
البريد الإلكتروني :
*تعليق
:
 
 
الخانات * إجبارية
 
   
   
مواضيع ذات صلة

ليلة انتظار الموت-ماهر طلبة / القاهرة-مصر

متابعات  |   ناصية القول  |   مقالات  |   سينما  |   تشكيل  |   مسرح  |   موسيقى  |   كاريكاتير  |   قصة/نصوص  |   شعر 
  زجل  |   إصدارات  |   إتصل بنا   |   PDF   |   الفهرس

2009 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة الأدبية
Conception : Linam Solution Partenaire : chafona, sahafat-alyawm, cinephilia