جبرا إبراهيم جبرا: الموت الثاني-الطاهر الشرويطي /المغرب
طنجة/الأدبية، الجريدة الثقافية لكل العرب. ملف الصحافة 02/2004. الإيداع القانوني 0024/2004. الترقيم الدولي 8179-1114 

 
مقالات

جبرا إبراهيم جبرا: الموت الثاني

  جبرا إبراهيم جبرا    

السيارة المفخخة كانت تستهدف مقر السفارة المصرية بشارع الأميرات ببغداد؛إلا أنها انحرفت عن اتجاهها فاستقرت في البناية المجاورة حيث صبت سعيرها وحممها. ثم سرعان ماانجلت أعمـــــــدة  الدخان والغبار عن فاجعة تنضاف إلى سلسلة الفواجع التي ظلت تنزل  ببلاد الرافدين من دون انقطاع.
فقد جاء في تفاصيل الخبر أن البناية المدمرة هي بيت الأديب  جبرا إبراهيم جبـــــرا: القاص والروائي والرسام والشاعر والمترجم والناقد التشكيلي.
يحكي جبرا في كتابه "شارع الأميرات" ، الذي هو عبارة عن فصول من سيرته الذاتية، كيف أغرم بهذا الشارع في الخمسينيات من القرن الماضي، وكيف اقتنى فيه قطعة أرضية بنى فوقها بيتا  لأسرتـــه، وكيف رسم له، بنفسه، تصميما يستجيب لرغباته وامكاناته المادية.
أقام جبرا في هذا البيت من سنة 1962 حتى وفاته سنة1994.ولنا، نحن قراءه، أن نتصور:  كم كتابا من كتبه عرف النور فيه ؟ في أي غرفة من غرفه ولد " وليد مسعود"؟كم فنجانا من القهوة شرب فيه وهو يكب على ترجمة رائعة فوكنر"الصخب والعنف"؟كم غليونا دخن فيه وهو يبعث الحياة في هاملت وعطيل والملك لير ومكبث ؟كم أسطوانة سمع فيه وهو يتأمل "نصب الحرية" لجواد سليم ؟...
لقد مات جبرا منذ ستة عشر عاما؛إلا أن ذلك لم يمنع  أنفاسه من أن تظل  تتردد في أرجاء هذا البيت،
ولا بصماته من أن تبقى مرسومة على كل شىءمن أشيائه التي لمسها. أما اليوم، وقد نسف بيته نسفا، فانه يموت ثانية.
لا أتحدث عن نسف الجدران والأركان والأعمدة ؛وإنما أتحدث عن نسف الذاكرة.
أتحدث عن اغتصاب تراثه: دفاتره،أقلامه،كتبه، محاضراته، لوحاته،مخطوطاته، منحوتاته، أسطواناته،
 غليونه، مشاريع إبداعاته...
نعم، سيظل إبداع جبرا خالدا، وستظل "السفينة" و"البحث عن وليد مسعود" من أبدع ما كتب في الرواية العربية خلال مائة عام من عمر هذا الجنس الأدبي. ولكن الصورة كانت ستختلف، كل الاختلاف، لو سلم
بيته، وجمعت فيه متروكا ته ومتعلقاته،ليظل أثرا يشار إليه بالبنان، وتشرئب إليه الأعناق.
لمثل هذا يذوب القلب من كمد.



 
  الطاهر الشرويطي /المغرب (2010-04-20)
Partager

تعليقات:
elbarkouki /maroc 2012-07-08
رحم الله جبرا.....
البريد الإلكتروني : elbarkoukiyasser@gmail.com

عبد الحليم /المغرب 2010-04-21
لقد كان روائيا كبيراوما رواية "عالم بلا خرائط" التي كتبها بالإشتراك مع الروائي الكبير الآخر عبد الرحمان منيف سوى دليل على قدرتهما على مضاهات كبار الكتاب العالميين...
البريد الإلكتروني :

عبد الحليم /المغرب 2010-04-21
لقد كان روائيا كبيراوما رواية "عالم بلا خرائط" التي كتبها بالإشتراك مع الروائي الكبير الآخر عبد الرحمان منيف سوى دليل على قدرتهما على مضاهات كبار الكتاب العالميين...
البريد الإلكتروني :

طنجة الأدبية /المغرب 2010-04-21
لقد قمنا بتصحيح الخطأ، نشكرك على المساهمة.
البريد الإلكتروني : redaction@aladabia.net

الطاهرالشرويطي /المغرب 2010-04-20
سقطت أربع كلمات من الأصل.أرجو أن يقرأ السطر 13 هكذا: وكيف رسم له ،بنفسه، تصميما يستجيب لرغباته وامكاناته المادية.
البريد الإلكتروني : taharwiti@hotmail.com

ندى البرقوقي /المغرب 2010-04-20
رحم الله جبرا..لن أنسى رواية "السفينة" التي فتنتني عند قراءتها أول مرة.
البريد الإلكتروني : nana.nouni@hotmail.com

أضف تعليقك :
*الإسم :
*البلد :
البريد الإلكتروني :
*تعليق
:
 
 
الخانات * إجبارية
 
   
   
مواضيع ذات صلة

جبرا إبراهيم جبرا: الموت الثاني-الطاهر الشرويطي /المغرب

متابعات  |   ناصية القول  |   مقالات  |   سينما  |   تشكيل  |   مسرح  |   موسيقى  |   كاريكاتير  |   قصة/نصوص  |   شعر 
  زجل  |   إصدارات  |   إتصل بنا   |   PDF   |   الفهرس

2009 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة الأدبية
Conception : Linam Solution Partenaire : chafona, sahafat-alyawm, cinephilia