بيت الشعر في المغرب ينعي المفكر المغربي الكبير محمد عابد الجابري-طنجة الأدبية
طنجة/الأدبية، الجريدة الثقافية لكل العرب. ملف الصحافة 02/2004. الإيداع القانوني 0024/2004. الترقيم الدولي 8179-1114 

 
متابعات

بيت الشعر في المغرب ينعي
المفكر المغربي الكبير محمد عابد الجابري

توصلت "طنجة الأدبية" ببلاغ من بيت الشعر في المغرب ينعي فيه المفكر الكبير محمد عابد الجابري هذا نصه :

   بمَرارَةٍ قصْوى وأسىً عميق، تلقى بيت الشعر في المغرب رحيلَ المُفكر المغربي الكبير محمد عابد الجابري. قسْوَةُ هذه الفاجعة مِنْ فداحةِ الخُسْر الناجم عنها. خُسْرٌ يَمَسُّ أكثر من حقل معرفي، بحُكم موسوعية عِلم الفقيد. فقد جسّد الراحل، إلى جانب تعدُّد انشغالاتِه المعرفية، نموذجَ المثقف المنخرطِ في مشروع رَحيب، بإعادة قراءته لِقديم الثقافة العربية الإسلامية وحدِيثها اعتماداً على مُنجَز الفكر العالمي المُعاصر. نَموذجُ هذا المُثقف عَزَّ في الزمن الراهن، لِمَا يَتَطلّبُه عِبْءُ المسؤولية، التي تحمّلها، من صبر وجهدٍ ومُكابدة، لأنّ حياةً واحدةً لا تَتَّسِعُ لتحديات الشسوع الزمني والمعرفي للمشروع الذي أوْقف حياته عليه.
   لم يكف الفقيد، منذ إسهامِه في تأسيس الدرس الفلسفي، عن الحفر في أكثر من واجهة، قبل أن يخُصَّ العقل العربي بالتفكيك الذي اتّسعت له أربعة كتب، تناولت تكوينَ هذا العقل وبنيَتَهُ ووجْهَيْه؛ السياسي والأخلاقي. كما أشرف على نشْرٍ جديدٍ لِأعمال ابن رشد، مُرفقة بمداخلَ ومُقدّماتٍ تحليليةٍ وشروحٍ مُضيئة. سَنَدُهُ في ذلك إرادةٌ معرفية مَكينة، هيّأت له النهوضَ بما لا يستقيمُ إلاّ بعمل جماعي، يفوقُ حُدُودَ الفرد. وها هو قَدْ قضَى، "وفي نَفْسِهِ شيْءٌ" من المشروعات الكبرى، على نحو ما هو بَيِّنٌ من المسالك التي شقتْها الأجزاءُ الأولى من كتابه عن القرآن الكريم.
   بموتِ المُفكر محمد عابد الجابري، يتسللُ الصّمتُ إلى إحدى الجهاتِ المُنتجة للضوء في الفكر العربي الحديث. صَمْتٌ قاسٍ ومٌربك في آن، لِشسوع ظِلّه، وخفوتِ تَحَدٍّ نادر اقترن بالمشروعات الكبرى. وهو ما لمْ تَعُدْ تُسْعِف الحياة الحديثة، بإيقاع الاستهلاك المُتحكم فيها، في إنتاجه. لنا، إذن، أن نُنْصِتَ عميقاً لهذا التحدّي ونَعُدَّه إحدى البذور الخصيبة التي استنبتها الفقيد، وأن نوليها العناية الخليقة بها.
   لا يتردّدُ بيت الشعر في الإقرار، من داخل ألم هذه الفاجعة، بأن ضوء مُنجَز الفقيد يشِعُّ، على نحو مّا، حتّى في الممارسة الإبداعية للشعراء. ذلك ما يُمكن أن نعثر عليه متى انتبهنا لِما لا يُرى، أي لتلك الخيوط الرفيعة التي تُؤمِّنُ نسيجَها في خفاء. لمْ يكن نَسَبُ المفكر محمد عابد الجابري الشعري يَتحَدَّرُ من داخل الشعر، وإنّما من الفكر وقضاياه وأسئلتِه. فالمُوجِّهاتُ المعرفية التي تحكمت في مشروعاته تتقاطع مع دروب الشعر وآفاقه.
   يتبدّى النسبُ الشعري من داخل الفكر اعتماداً على إقامةِ الفقيد في السؤال المعرفي، والحفر في الهُوية بما يمنَعُ من انغلاقها، وإعادةِ كتابة الذاكرة الثقافية بوعي حديث، ومُحاورةِ الآخر برؤية نقدية، وإرساءِ المسالك المُضيئة نحو مُستقبل ينتصر للقيم الرفيعة.



 
  طنجة الأدبية (2010-05-07)
Partager

تعليقات:
أضف تعليقك :
*الإسم :
*البلد :
البريد الإلكتروني :
*تعليق
:
 
 
الخانات * إجبارية
 
   
   
مواضيع ذات صلة

بيت الشعر في المغرب ينعي
المفكر المغربي الكبير محمد عابد الجابري-طنجة الأدبية

متابعات  |   ناصية القول  |   مقالات  |   سينما  |   تشكيل  |   مسرح  |   موسيقى  |   كاريكاتير  |   قصة/نصوص  |   شعر 
  زجل  |   إصدارات  |   إتصل بنا   |   PDF   |   الفهرس

2009 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة الأدبية
Conception : Linam Solution Partenaire : chafona, sahafat-alyawm, cinephilia