أظلمَ الليلُ
وانغمستْ شمعةُ النورِ
في كوبِ صمتْ.
* * *
أظلمَ الليلُ والراهبانِ
) السكينةُ والموتُ)
يقتسمانِ النفوسَ التي استسلمتْ للرقادْ.
* * *
هدهديني بأجملِ أصواتكِ المشتهاةِ
لأغمضَ عينيّ عن ظلمةٍ
تتكفّنُ حزنَ القلوب
وعن مشهدِ الدودِ – دودِ البلى-
يتمعّجُ فوق الرمادْ !
* * *
لا لأنّ حياتي انتهتْ
سأعودُ إلى أمّيَ الأرض
لكنها الشمسُ غارقةً في سكينةِ موتْ..
* * *
والعيونُ التي رقدتْ
في محاجرها السودِ لا تُستعادْ !
* * *
راهباً أتطلّعُ في سكراتِِ المغيبِ
فأبصرها من خلالِ الدموعِ
تغصُّ بلحظة نزعْ !
* * *
وأرى من خلالِ التصاويرِ وجهَكِ
مبتعداً، غائبا في السديمْ.
أنتِ أغنيةٌ عن صفاء الينابيعِ لكنها انطفأت
وأنا فوق تربةِ روحك أطلعُ
زهرةَ دمعْ !
* * *
هدهديني وأنتِ البعيدةُ
إنّ المنيّةَ ناظرةٌ أبدًا
عبرعينيّ شطرَ المغاربِ
والريحُ تلطمُ صدري
وتلهثُ منهكةً
عبر أضلاعِ صدري الحطيمْ.
* * *
أدبرت أنهرُ الأرض راغبةً
عن مراضعها..
والغريبُ يعانقُ ديّارة َالأرضِ
كالرحّلِ الغرباءِ
ويوغلُ مستفرداً في السوادْ
* * *
ليلةً.. ليلةً تتعمّقُ هوّةُ نفسي
ويضألُ قلبي
ويسقطُ تحت سريري الرمادْ.
كلما هبّتِ الريحُ في القفرِ
واوحشتاهُ
تكشّفَ عن سوأةِ الحزنِ قلبي الزنيمْ.
* * *
آه أيتها الأرضُ
أيتها المتألمةُ الأمُّ
لو أستطيع رفعتكِ فوق يديّ
إلى مرتقى الحسراتِ
لأجعلَ من ندمي مستقرّكِ
في لحظة الاحتضار ْ !
أو جعلتكِ في أفقٍ ماطرِ الدمعِ
شلحةَ غيمْ ..
تلقمينَ المعاطشَ أثداءكِ الطافحاتِ ،
وتروين بالخمرِ
أفواهَ أظمأها الإزهرار ْ ..
فالسماءُ التي رفعتها العيونُ الحزينةُ
من نظراتِ الوداعْ
لم تزدني سوى وحشةٍ وضياعْ
والسحاب الحدائيُّ تشربهُ غصّة ُالشمسِ
من جرّةِ الاحمرارْ.
أظلمَ الليلُ
واستسلمتْ للسكينة راهبةُ النورِ متعبةً
واستعادَ صفاءَ البحيرات لونُ السوادْ
صارَ كلُّ الغمام قميصَ دموعٍ،
وضوءُ المساءاتِ
أكفانَ منشورة في حبالِ الحدادْ.