قصتان قصيرتان-إبراهيم سبتي / العراق
طنجة/الأدبية، الجريدة الثقافية لكل العرب. ملف الصحافة 02/2004. الإيداع القانوني 0024/2004. الترقيم الدولي 8179-1114 

 
قصة/نصوص

قصتان قصيرتان

  إبراهيم سبتي    

- فتاة القيثارة 

فوجئنا في  صباح يوم مطير بان حشدا موتورا هائجا ينقب عن اصوات لم يسمعها احد ! تحت ساحة تمثال القيثارة وسط المدينة . التمثال الثقيل المعمول من الحديد والاسمنت ورؤى نحات  انتصب وسط ساحة  دائرية صغيرة .
فكرة التمثال اعجبت البعض من الناس وهم يرون نافورات الماء تنبثق من راس الملكة السومرية وهي تمسك بقيثارة . تحت الساحة تماما ، كانت اوجاعا قد أنت وصاحت وتألمت كثيرا حين لم تجد من يصل اليها .. المعتقل تحت ارض مزدحمة بالناس وابواق السيارات المقيتة حد الجنون . يا للمفارقة . لا احد يسمع شيئا يصدر من الاسفل . سنوات تمر والاقدام والعجلات تدوس مارقة على ساحة صغيرة تتوسطها فتاة القيثارة ورجل المرور الواقف تحت مظلة قربها. ركاب السيارات المارة ينظرون بهوس السؤال وذهول الاجوبة المقتطعة التي لا يجرؤ أي احد على البوح بها ببذخ خشية الذهاب الى طريق اللاعودة .. ظلت الاسئلة تدوخ الناس وتلف الحيرة وجوههم المتعبة .. المعتقل تحت التمثال .. يا للهول !! كانت الصباحات المتقاطرة على الساحة توحي بحدوث شيء غريب .. غريب حد الرهبة ورعب المشهد ان كان حقيقيا ولا غبار على كلام القائلين .. انه الكلام الذي جعل الحشد الموتور يهجم على فتاة القيثارة ويشبعها ركلا ظنا منهم انها تخبئ شيئا تحتها .. حفروا ثغورا وانفاقا طيلة ساعات الفورة الهائجة في نفوسهم .. كانوا يجدّون في الحفر وكانهم سيعثرون كالمنقبين على لقى ثمينة ونادرة .. مشهد رؤية ما سيحدث وسيظهر امام العيون المتربصة ملأ عيون الواقفين. صاح احد الحفارين : اسمع انينا .. يا لوعتي انه يتألم .. يبكي .. رد آخر: اسمعهم ينادوننا بان ننقذهم ! كان الجميع ينتظر ما سيحدث من جراء التنقيب الساخن .. جمهرة الناس حول المكان قد سدت الطرق المؤدية الى المدينة .. اربعة شوارع تتفرع من ساحة القيثارة .. سدت عن اخرها بالسيارات المنكبة على الارض تريد الخروج من المازق . تعالى ضجيج ابواقها وتعالت معه صيحات الحفارين وبكاء الناس الواقفين . صاح عجوز وقد ألصق اذنه بجسد التمثال :
اسمع طرقا على الجدران .. احفروا اعمق ! اقلق كلامه ،الآخرين المتفرجين الذين لا شغل لهم سوى التجمع لرؤية المفاجأة المنتظرة.. ظل الناس يتحلقون حول التمثال وهو يقف فوق ارض بدت هشة .. علت الدهشة وجوه الحفارين الذين بدؤوا ينكسون المعاول واجمين .. بعد ثلاث ليال ، كانت الساحة تقف فوق انفاق وفتحات وتجاويف موصلة الى العمق المظلم .. مكان مسدود الا من التراب الرطب وبقايا حديد التمثال المدفون فيما اخذت الشوارع الاربعة تزيح عن كاهلها السيارات وابواقها المزعجة.


- سرير الأفعى
اللعب على الحبل الممدود بين الزقاقين ، كان من اهم ما اقترفه من آثام في حياته لانه كان يختلس النظر الى الاجساد المثيرة المشبعة برائحة فرش اسرة السطوح في صباحات مفعمة بفجر متأهب.
الاثام .. كما قيل له وهو يلحس حديد السجن المفلطح ، منعته من اقتراف كثير من الممنوعات الاخرى .. ممنوعات كانت ستؤدي به الى معتقل مخيف وبائس وربما تحت الارض في منطقة سكنية لا يعلم به اي احد وربما القتل ثارا .. ظل يلهث في نظراته مادا لسانه كالكلب وهو يتدلى من الحبل .. كان يسابق عمره ! لا يريد مغادرة صباه المكتنز بمناظر قد لا يراها ابدا .. لكنه كَمِن لنفسه وهو يتسلق احد السطوح ليرتمي على سرير يلفه عطر غريب لجسد مغطى برداء مثير .  عزلوا جلده عن جسمه في اكبر حملة ضرب تشهدها البيوت واودع سجنا اكبر من عمره.



 
  إبراهيم سبتي / العراق (2010-06-05)
Partager

تعليقات:
أضف تعليقك :
*الإسم :
*البلد :
البريد الإلكتروني :
*تعليق
:
 
 
الخانات * إجبارية
 
   
   
مواضيع ذات صلة

قصتان قصيرتان-إبراهيم سبتي  / العراق

متابعات  |   ناصية القول  |   مقالات  |   سينما  |   تشكيل  |   مسرح  |   موسيقى  |   كاريكاتير  |   قصة/نصوص  |   شعر 
  زجل  |   إصدارات  |   إتصل بنا   |   PDF   |   الفهرس

2009 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة الأدبية
Conception : Linam Solution Partenaire : chafona, sahafat-alyawm, cinephilia