الحب العذري ، في زمن " أنفلونزا الخنازير " ..-علي مسعاد / المغرب
طنجة/الأدبية، الجريدة الثقافية لكل العرب. ملف الصحافة 02/2004. الإيداع القانوني 0024/2004. الترقيم الدولي 8179-1114 

 
موسيقى

الحب العذري ، في زمن " أنفلونزا الخنازير " ..

  علي مسعاد    

للاه يا السفينة ...فين غادية بينا اا* " ، مقطع من أغنية أشهر من نار على علم ، ليس لأن المجموعة الغنائية التي قامت بأدائها ، هي أبلغ من عبر عن آلام وآمال الشعب المغربي ، في زمن سنوات الرصاص ، أو لأن كلماتها البليغة ، كانت تحمل أكثر من دلالة أو رمز، في مرحلة من مراحل المغرب الصعبة ، بل لأن الأغنية بحد ذاتها ، كانت تعني أكثر مما تقول ، في زمن الأغنية الملتزمة الجادة ، حيث كانت تحتل فيه،هذه الأخيرة ، مكانتها اللائقة بها ، في المشهد الغنائي المغربي منه والعربي و بلا منازع .

ليس ، كاليوم ، حيث لا تفتأ ،القنوات الأرضية منها والفضائية ، تفرخ لنا ما لا يحصى ، من الألقاب الرنانة والوجوه الغنائية ، التي تموت لحظة ولادتها ، ولا يكاد المشاهد المهتم بله العادي ، يلتفت إلى مرورها " الباهت " ، في كل الأوقات وبلا مناسبات ، بقنوات تجارية ، وجدت ضالتها ، في أصوات " نكرة " لا تعرف ، طريقا إلى قلوب الناس ، إلى فن العري والإغراء ، لملء فراغ بثها التلفزي ، من أجل الربح ولا شيء غير الربح .

وما كلمات الأغاني – تجاوزا- التي تؤديها ، تلك الأصوات المدفوعة بقوة الدعاية المأجورة ، إلا دليل آخر ، لفشل أصحابها ، في تجاوز الثالوث الأكثر تناولا ، في كليباتها الغنائية ، و الذي بالكاد يتجاوز : هجر الحبيب أو الحبيبة / الخيانة / الحب المستحيل / ، أغاني تتشابه مضامينها ، في كل شيء ، حتى في التفاصيل الصغيرة ، وما مشاهد لباس النوم والسرير، إلا أكثر المشاهد الإباحية تداولا و تكرارا ، في أكثر الكليبات شهرة كما في غيرها ، هي كليبات غنائية – إن شئنا التحديد - أقرب إلى "البورنو" منه إلى الفن ، فهي منه براء .

فيما ، ظلت الأغنية الملتزمة ، رغم الحصار الإعلامي ، الذي يحول دونها ودون عشاقها ، سببا لانتشارها ، بين من يؤمنون بالكلمة سلاحا ، للكشف عن عورات المجتمع ، التي تتفنن ، الأغاني " الماجنة " بإخفائه ، بشتى المساحيق ، التي سرعان ما تمحي مع أول هبة ريح ، فالحب في زمن " أنفلونزا الخنازير" ، الأزمة الاقتصادية والظروف الاجتماعية القاهرة ، لا يعرف طريقا إلى قلوب شابات وشابات اليوم .

شابات اليوم ، يستيقظن في الصباح الباكر ، للحاق بأول حافلة مهترئة ، إلى حيث لقمة خبز ممزوجة بالذل والمهانة والتحرش الجنسي ، ولم يعد ينتظرن فارس الأحلام ، بل هي من تنتظرها أفواه جائعة ، لا تتقن إلا فن الأخذ دون عطاء ، فارس الأحلام بدوره ، ضاقت به كل الطرق والسبل ولم يجد غير كراسي المقاهي ، لقتل الوقت والنفس ، بكل أشكال الإدمان ، هروبا من الحقيقة .

الحقيقة العارية ،التي تخيف حتى كتاب الأغاني الشبابية الجديدة ، التي تتحدث في الحب والهيام ، في زمن أصبحت تطالعنا فيه ، الصفحات الأولى ، لأكثر الجرائد رصانة ، في المغرب كما المشرق ، بأخبار تتعلق ب " السرقة ، القتل ، الانتحار، الاغتصاب ، الاعتداء ، النصب والاحتيال ..." وما خفي ، كان أعظم .

وهل ، يعتقد هؤلاء للحظة ، أنه في زمن صعب ، فقدت فيه الأشياء بريقها ، من الممكن أن نتحدث عن الحب العذري والمستحيل ؟ا وأن تنتظر البكر ، فارسا ، جيوبه فارغة إلا من شواهده ، التي لم يعد لها ثمن ، في مجتمع مادي ، لا قيمة فيه للقيم والأخلاق ، في مجتمع أصبحت تهرول فيه ، العذراوات إلى بلاد الخليج والعرب ، لبيع آخر ما تبقى لديهن ، في زمن الذل والمهانة .

وهل ، في هذا الزمن الأغبر ، يليق بأصحابها القفز على الواقع ، للحديث عن الوهم والخيال ؟ا

للاه يا السفينة فين غادية بينا

مواج لبحر هاجت علينا

السكنى فيك حركة وغبينة

يا السفينة ..راه عينا وتهدينا

قولي للاه فين غادية تدينا *

* مقطع من أغنية "ناس الغيوان " المجموعة الغنائية ، الأكثر شهرة ،

على الإطلاق ، في المغرب.



 
  علي مسعاد / المغرب (2010-06-09)
Partager

تعليقات:
احمد كريم الغالبي /العراق 2016-09-15
السلام عليكم ...
عسى بهذه الكلمات تُجلد ضمائر من يتهافتون وراء كثرة الاعجاب والشهره بهذه الطريقة الرخيصة كما وضحتها استاذ علي مسعاد, العالم العربي اليوم يفتقد الى تلك الاغاني ام كلثوم , ماجدة الرومي ,فيروز وعبد الحليم وغيرهم, واولائك الفنانين العراقيين الذين كانوا لهم الفضل في ابراز ذلك المخزون الادبي والشعبي ك الفنان حسين نعمه وداخل حسن , وكاظم الساهر وغيرهم....شكرا
البريد الإلكتروني : https://www.facebook.com/profile.php?id=100002364757364

متتبع /المغرب 2010-08-24
"السفينة" أغنية لجيل جيلالة وليس ناس الغيوان حسب ما في علمي.
البريد الإلكتروني : ou

أضف تعليقك :
*الإسم :
*البلد :
البريد الإلكتروني :
*تعليق
:
 
 
الخانات * إجبارية
 
   
   
مواضيع ذات صلة

الحب العذري ، في زمن

متابعات  |   ناصية القول  |   مقالات  |   سينما  |   تشكيل  |   مسرح  |   موسيقى  |   كاريكاتير  |   قصة/نصوص  |   شعر 
  زجل  |   إصدارات  |   إتصل بنا   |   PDF   |   الفهرس

2009 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة الأدبية
Conception : Linam Solution Partenaire : chafona, sahafat-alyawm, cinephilia