امرأة تهجر الوطن-مصطفى الغزال (المغرب)
طنجة/الأدبية، الجريدة الثقافية لكل العرب. ملف الصحافة 02/2004. الإيداع القانوني 0024/2004. الترقيم الدولي 8179-1114 

 
شعر

امرأة تهجر الوطن

قلت لها أنتظرك
قالت بعد عام أعود إليك
ونمشي معا
إلى ما وراء البحر الأبيض
هناك نحيا
هناك نموت في الضباب
الثانية بعد منتصف الليل
في سكون الكون
استرجعت الحكاية
بعد عام تعود إلي
وتأخذني بعيدا
نظرت إلى أشيائي البسيطة
في غرفة بسيطة
تحسست فوضى الأشياء
كل الألوان
كانت تتعانق في ألفة غريبة
بعد عام تعود
كي تقتلعني من أرضي
من مكتبتي
من مرسمي
تقتلعني من النهر
من العيطة الجبلية
ومن أشيائي التي تتعانق
في فوضى
وفي ألفة
وفي صمت
كأنها ليست من عشقت البياض
معا تحايلنا على المدينة
وللأيام أسماء جديدة
هي التي أقسمت على الهروب
من الوطن
من الرجل المقهور
من المستحيل
كأن الأرض التي اصطكت تحت قدميها
أرغمتها أن تحزن
أن تخفي الفرح في الانتظار
قالت يومذاك
والقمر في طلعته الإلهية
أنت أججت تفاصيل الجمال
لكنني سأعبر إلى الدروب الأخرى
إلى أرض الانتفاضات الكبرى
هنا صورة بائعات الريحان ترهبني
آه كم ضيعت عمري خلف أقفال الهوية
أعفيني من القبيلة التي جوعتني
هناك أموت أحضان لوحة وحشية
هل تفهمني أيها الوطني المهووس بالسفر
كأن أصابعها لم تمرح في دفاتري الشقية
لا...
لا تتركيني أسير صيحة
وغيمة تتكسر في كفي
لا ترحلي إلى زرقة البرد
إلى نوستالجيا الجسد
لا تهجري جبيني
أحفر كل الطرقات
أفجر كل أجنحة الرياح
أحرق كل العربات
وأقتل
حتى لا تهجرني الأشجار والعصافير
تأملي قليلا شمس الوطن
أنظري مليا كل صباح
وجوه أطفال الروض القريب
وبائعات الملح والمقدنوس والنعناع
وحمالة الحطب
قلت أحكي لك قصص الفلاحين الفقراء
ونتقاسم شاي عمال الورشة
هل يفيد الهجر؟
الوطن في عينيك يبكي
متاهة ذاك الحلم
والرحيل
موت في غربة أخرى
أرى أصابع بيضاء تخطفك
يا إله العالم
لن تكفيني زجاجات الدنيا
كي أنام
وهي تتأبط ذراعا من خشب
وتهجرين
أين أخبئ دمع المساء؟
ياه.. الدمع والوطن
وجهان ثملان في كفي
أنا فقير
وفي القلب محراب لها وللوطن
سيدتي إن هجرتني والوطن
لا تقصي شعرك المجدول
أشقى
كلما أتصورك خلف البحر
تغفو في قلب من حجر
تعالي نتوحد في القصيدة
ونذوب في تعاريج لوحة زيتية
رأيت عينيك تفقأ عيني.. صحت
جراحي لا تنطفيء
وحدها المآذن تصحو في السمق
بينما الليل يسرقني.. كفى
كل الأشياء تعلق أسماءها
والمدينة تبيع ثدييها
وأنا أقبض على الخرير
تصور أنك تقطعني .. كل مساء
تخبئ شيئا مني في عين غريبة
كم يلزمك من أمسيات ووجوه باردة
كي تطرزي نبضة قلبي
هكذا كانت تتبخر الكلمات
وعطر العتبة يحاورني
مرة يأتيني بغيمة ممطرة
ومرة ينذرني بعشق جديد
كم من سنة يطول الهجر؟
وفي راحتي شجيرات قليلة
الحب إله
وأنا أتمزق في البياض
تحسسي مدادي
جغرافيا جسدي تناديك
إني أتألم
هل تعلمين يا أميرة الألوان
عندما يبدأ الهجر
يبدأ انتحاري
وتموت المعاني في كفي
لا...
لا...
لا تهجري



 
  مصطفى الغزال (المغرب) (2008-05-12)
Partager

تعليقات:
أضف تعليقك :
*الإسم :
*البلد :
البريد الإلكتروني :
*تعليق
:
 
 
الخانات * إجبارية
 
   
   
مواضيع ذات صلة

امرأة تهجر الوطن-مصطفى الغزال (المغرب)

متابعات  |   ناصية القول  |   مقالات  |   سينما  |   تشكيل  |   مسرح  |   موسيقى  |   كاريكاتير  |   قصة/نصوص  |   شعر 
  زجل  |   إصدارات  |   إتصل بنا   |   PDF   |   الفهرس

2009 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة الأدبية
Conception : Linam Solution Partenaire : chafona, sahafat-alyawm, cinephilia