من فرط قُُعاده على الكراسي المتنوعة الأشكال في المقاهي والحانات ، أحس بآلام انتفاخ البواسير . زار الطبيب الذي نصحه بإجراء عملية جراحية لاستئصال الورم . رفض السيد "ع" الفكرة من أصلها ، وقرر التعايش مع الألم . لكن الطبيب أكد له أن المرض سيستفحل أكثر وستكون له مضاعفات لن يستطيع تحملها، خاصة لما علم بمهنته المتعبة. وصف له بعض المهدئات لمدة شهر وطلب منه العودة لزيارته شريطة تغيير رأيه حول العملية الجراحية .
بعد مرور تلك المدة عاد السيد -ع- إلى الطبيب المعالج. سأله قبل أن يكشف عليه :
- هل غيرت رأيك حول العملية يا سيدي ؟
- لا يا دكتور ، أنا أحاول...
قاطعه الطبيب بلهجة خالية من أي كياسة :
- إذن، لن أكشف عنك... ويمكنك الانصراف ورؤية طبيب آخر .
- يا دكتور إن...
- قلت لك انصرف ليس لدي وقت لأضيعه معك .
خرج السيد "ع" من العيادة حانقا ، يكيل سيلا من السباب للطبيب، ولكل الأطباء ، ولكراسي المقاهي والحانات، ولمهنته التي تلزمه الجلوس أطول مدة ، وكتابة التقارير في حينها بتسجيل ما يراه و يسمع.
جلس هذا الصباح على كرسيه المعتاد ، مائلا على جنب واحد في مقهى "ريكس" وكتب :
التقرير الأول :
رواد هذا المقهى خليط من المهنيين والموظفين ، تشاكسوا كثيرا حول موضوع مقابلة كرة القدم التي جرت البارحة بين الفريق المحلي وفريق الزوار ، وتأثروا لنتيجة السلبية التي حصدها الفريق المحلي ، واتفقوا على قلب الملعب في المقابلة القادمة إذا ما استمرت النتائج السلبية للفريق .
ملحوظة : ولا أحد منهم رأيته يقرأ جريدة ، ولا قام لصّلاة الظهر في المسجد القريب .
التقرير الثاني :
في حانة " القعدة " ، فرح روادها بالعين التي انبجست في ضواحي المدينة ، وشكروا آلهة
" مرجان " و " مترو" .
التقرير الثالث :
في جوطية المدينة ، لا حديث للنّاس إلا على نار الغلاء التي حرقت جيوبهم مع توالي الدخول المدرسي وشهر رمضان وعيد الفطر ، رأيت أعينهم محمرة من الاحتقان كالجمر المتقد .
ملحوظة : رأيت امرأة تعرض رضيعها للتبني على أحد التجار .
التقرير الرابع :
على طريقة الأفلام الأمريكية سرق أحد اللصوص حقيبة فتاة بعد أن دهسها بدراجته النارية فوق الرصيف .
ملحوظة : وقعت الواقعة قرب قصر العدالة أمام شرطي المرور ولم يتدخل .
التقرير الخامس:
مرّرتُ بمجموعة من الأحياء الشعبية ، ورأيت أغلب شبابها حتى المتمدرسين من تلاميذ الثانويات وطلبة الجامعة متحلقين زمرا زمرا يحتسون الخمر ويدخنون الحشيش ويحلمون بالحريك .
ملحوظة : يمكن للذين يهمهم الأمر أن يهنئوا فحال شبابنا ميئوس منه.
التقرير السادس :
بالصدفة رأيت أحدهم يوزع على المارة ورواد المقاهي أوراقا صغيرة الحجم ، كتب عليها " أنا من معتقلي الرأي ، وبعد أن طرقت جميع الأبواب أعرض الظلم الذي طالني ، قوبلت بالطرد والتعنيف ، أيها الناس أعرض عليكم قضيتي لتّبني ".
ملحوظة : كانت حالة هذا الرجل مزرية ، تأثرت لها قلوب الناس ، رأيتهم يسألونه وسمعتهم يسبون الحكومة جهارا ويبزقون .
التقرير السابع:
بين العشاءين ألقى الواعظ " سي عمر لشهب " درسا حول تجديد المسلم لإيمانه ، لكنه خرج عن الموضوع وتحدث بانفعال زائد عن مهرجان "موازين" و دعوة المغني الانجليزي المِثْلي " إلتون دجون " وقال إن هذا منكر ينضاف إلى السجل الحافل بمناكر هذا الوطن .
ملحوظة : ردد الحضور معه " حسبنا الله ونعم الوكيل "عشر مرات .
التقرير الثامن :
مع العتمة يجتمع ثلة من مِثْلِيي المدينة في زنقة " ملوية " ، وقد أخذوا زينتهم كالنسوان، يتضاحكون ويتعانقون أزواجا أزواجا ويقبلون بعضهم بعضا أمام المارة الذين أبدوا سخطهم .
ملحوظة: لما شاهد هؤلاء أحد موظفي الدولة يحوم حولهم بسيارته، أشاروا إليه بالبنان وتغامزوا عليه.
التقرير التاسع:
بمساعدة أحد المختصين في الإعلاميات ، اخترقت مواقع محصنة لعبدة الشيطان بالمدينة ، وتعرفت على كل عناوينهم الالكترونية ، وستجدون سيدي الرئيس لائحة بذلك .
ملحوظة : جل هؤلاء من أبناء البهوات ، وقد تواعدوا يوم السبت القادم على إقامة حفل في فيلا
" الورود " .
التقرير العاشر:
في مقهى قرب المحكمة الابتدائية ، راقبت المدعو - عبد الوهاب الكورتي – جعل من طاولة في المقهى مكتبا خاصا يقضي فيه "حوائج " الناس داخل ردهات المحكمة .
ملحوظة : قلَبَتْ سيدة مهاجرة الطاولة بما فيها على – الكورتي – وصفعته، وسبته، لكونه- كما ادعت -لم يقض حاجتها رغم المبلغ الذي قبضه (مليون سنتيم).
تعليقات:
