مَنْ يُقْرِئُ أُمِّي السَّلام؟-صقر أبوعيدة - فلسطين
طنجة/الأدبية، الجريدة الثقافية لكل العرب. ملف الصحافة 02/2004. الإيداع القانوني 0024/2004. الترقيم الدولي 8179-1114 

 
شعر

مَنْ يُقْرِئُ أُمِّي السَّلام؟


نَظَرَتْ بِعَينٍ سَامَهَا فَزَعُ النَّوَى
فَرَأَيتُ بَرْقَ دُمُوعِهَا قَدْ قَفَّ لِي
تَتَسَاءَلُ
أَرَضِيتَ أَنْ تَنْسَابَ في وَكْرِ الْهَوَى؟
وِلمِنْ تَسِيبُ مَآقِيَا؟
تَتَعَكَّزُ الظِّلَّ انْتِظَارَاً لِلرَّدَى
وَلَدِي حَبَيبي، رِحْلَتِي قَرُبَتْ وَقَبِري قَدْ نَمَتْ دَرَجَاتُهُ
فَأَدَرْتُ قَلْبي صَائِتَاً جَرْشُ الرَّحَى
وَصَكَكْتُ أُذْنِيَ فَاسْتَقَرَّ بِهَا الصَّدَى
وَسَحَبْتُ رُوحِيَ مِنْ ثَنَايَا عُمْرِهَا
مِنْ بَينِ أَيدِيهَا رَحَلْتُ وَلَمْ تُنَادِ تُوَدِّعُ
وَكَأَنَّهَا تَدْرِي بِأَنِّي قَدْ نَبَذْتُ لَهَا حَبِيبَاً يَهْلِكُ
وَتَقُولُ عَينَاهَا لِمَنْ هَذِي الأَيَادِي تُتْرَكُ
هَذَا التُّرَابُ يَثُورُ في أَرْضِي عُطُورَاً تُحْبَكُ
عُدْ إِنَّ دَرْبَاً لَمْ يَكُنْ فِينَا وَلَمْ نَكُ قَدْ عَلِمْنَا لَوْنَهُ
يَعْدُو بِنَا حَتَّى يُوَارِيَ فَيئَنَا
فَاصْبِرْ لأُمٍّ قَدْ رَأَتْ بِكَ مَوطِنَا
خَبَّأْتُ مِنْ شَمْسِ النَّهَارِ حِكَايَةً لِلَّيلِ وَالْخَوفِ الْخَلِي
وَسَكَبْتُ مِنْ مُزْنِ الصَّلاةِ لَكَ النَّسِيمَ سَحَائِبَا
يَمَّمْتُ وَجْهِيَ نَحْوَ بَيتِ اللهِ عَلَّكَ تَنْثَنِي
أَوْ يَنْثَنِي دَرْبُ الْجَوَى
لَوْ تَنْطِقُ الْبَطْنُ الَّتِي أَثْخَنْتَها وَتَمَخَّضَتْ
 في أَرِضِهَا وَأَبُوكَ فِيهَا قَدْ تَمَنَّى وَاخْتَفَى
لَكَفَفْتَ عَنْ عَينِي دُمُوعَاً تَصْطَلِي
حَلَمَاتُ ثَدْيِي لَمْ تَقُلْ يَومَاً كَفَى
أَنَسِيتَ كَيفَ أَظَافِرُ السَّنَتَينِ قَدْ نَشَبَتْ بِيَا
لَمْ تَدْرِ كَيفَ جَذِلْتُ بِالْخَمْشِ الَّذِي أَهْرَقْتَهُ
تِلْكَ الدِّيَارُ مَتَاعُ دُنْيَا تَعْلِكُ
وَرَأَيتُ فِيهَا عَقْرَبَاً تَتَحَنَّكُ
نَارٌ تَرَاءَى سُمُّهَا يَومَ الْفِرِنْجِ تَمَلَّكُوا
لا تَقْتَرِبْ مِنْ جَنَّةٍ فِيهَا الْمَسِيخُ يُبَرِّكُ
رَسَمُوا لَكَ الْعَسَلَ الْمُصَفَّى في الْمَدَائِنِ وَالْقُرَى
صُحُفٌ تُكَبِّلُ وَجْهَهَا بِاللَّيلِ وَالْمَوتِ الْجَلِي
مَاذَا تَرَى
أَسْلَمْتَ نَفْسَكَ لِلَّذِي فَرَشَ الْبِلادَ نَوَائِبَا
أَيَغُرُّكَ الشَّعْرُ الْمُسَرَّحُ لِلرِّيَاحِ مُحَرَّرَا
وَالطُّولُ كَسَّرَ قَدَّهُ وَتَغَنَّجَا
تِيكَ الْهَلُوبُ تَنَمَّرَتْ
وَالْخِدْنُ أَصْبَحَ ثَانِيَا
لا تَسْتَمِعْ لِمَنِ اجْتَبَى رَسَنَ الْغَوَايَةِ وَاخْتَلَى
فَقَد ِالْتَوَى بِلِسَانهِ وَتَعَوَّجَا
فَالنَّفْسُ سِيقَتْ لِلسُّرُورِ وَقَدْ تُبَاعُ وَتُشْتَرَى
خَوفِي عَلَيكَ وَمَا عَلَى نَفْسِي أَخَافُ فَإِنَّ رَبِّي قَدْ رَأَى
مَنْ يَحْمِلُ النَّعْشَ الثَّقِيلَ لِيَومِ يَخْبُو نَجْمِيا؟
عِنْدَ الْمَغِيبِ وَظَعْنُ صَمْتِي قَدْ أَتَى
فَبِأَيِّ دَرْبٍ تَلْتَقِي ذَاكَ الَّذِي جَلَبَ الْوَبَا
فَأَنَا الْبِلادُ، أَنَا الْوِصَالُ، أَنَا الْحَبِيبَةُ وَالتُّرَابُ دِثَارُنَا
*****
وَكَأَنَّنِي في الأُذْنِ وَقْرٌ أَوْ رَكَامْ
هَلْ تُقْرِئُونَ أَمُومَتِي مِنِّي السَّلامْ؟



 
  صقر أبوعيدة - فلسطين (2010-07-07)
Partager

تعليقات:
فاطمة أفرج /المغرب 2010-07-13
قصيدة من أروع ما قرأت وتحمل في طياتها الكثير من جميل الابداع .
البريد الإلكتروني :

أضف تعليقك :
*الإسم :
*البلد :
البريد الإلكتروني :
*تعليق
:
 
 
الخانات * إجبارية
 
   
   
مواضيع ذات صلة

مَنْ يُقْرِئُ أُمِّي السَّلام؟-صقر أبوعيدة - فلسطين

متابعات  |   ناصية القول  |   مقالات  |   سينما  |   تشكيل  |   مسرح  |   موسيقى  |   كاريكاتير  |   قصة/نصوص  |   شعر 
  زجل  |   إصدارات  |   إتصل بنا   |   PDF   |   الفهرس

2009 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة الأدبية
Conception : Linam Solution Partenaire : chafona, sahafat-alyawm, cinephilia