كان لقاؤهما دربا من الجنون ، اختارا مكانا يتيهان فيه بين البشر ، لم يكن هناك غيرهما رغم الزحام .
استقرت راحتها بين راحته ، غاصت أصابعها بين أصابعه ..... تاهت .
*******
سمحت له أن يطرق باب حجرتها غير عابئة بعريها .
للون السماء وجسدها علاقة قوية ، موسيقى تعزفها خلاياها يعرف كيف يستمع لها وكيف يظفر بها دون غيره.
********
هناك بين الزحام كان لأصابعهما رأي آخر ، كانت لتلك الآهة المستترة فعل سكين تم شحذه لتوه .
استقلا حافلة ؛ الناس من حولهما يرتشفون من ماعون الألم ، تصرخ وجوههم بأحوالهم ، تزداد التصاقا به ، يزداد ضغطا على أناملها الممتزجة بلحمه .
*****
تسلقت شفتيه تلك الربوة الشامخة بعزتها ، نزعت أنامله لون السماء عنها ، بات للأرض فعل البقاء وهو يغرس في جوفها الأمل ، بقى من السماء ليل يشارك الأرض فتوتها .
*********
سلم الحافلة محطة التقاء ، محطة فراق ، سلم الحافلة انتقال بين بين ، ها هي الأرض تتلقف أقدامهما ، تخرس أفواههما ، تبعث فيهما بنار تدغدغ الحلم الساكن أسفل لوحة إعلانات كبيرة تصر بأن الأمر مستحيلا .
*******
استندت للجدار وقد ارتدت السماء مرة أخرى ، شعرها المهوش دفع به لواحة غجرية ، تعلق برمل الصحراء المنعكس على الجدار ، الغجر رُحَّل ، ما كان ليرحل ويترك الشمس تلملم لونها الأحمر من شعرها وتمضي .
عادت أصابعها تمتزج بلحمه .
*********
أسفل لوحة الاعلانات طالت وقفتهما ، انتقت المكان ، حددت الطابق ، قال هنا سيكون .....
قالت : وهنا سيكون ...
كان كل شيء معدًا ، حتى تلك اللحظة التي غادرت فيها الشمس ولملمت أشعتها هاربة بالأحمر من شعرها ، تلك اللحظة التي نزع السماء عنها وسكن جوفها .
جاءت حافلة أخرى ، استقبلا سلم الحافلة المزدحم بابتسامة ، نظرة وداع لتلك اللوحة الحلم .
في الغد كانا على موعد ، لقد نسيا أصيص الورد البلدي الذي سيضعانه في ركن شرفتهما الأيمن .